ـ محمد طارق
ذكر تقرير تحليلي نشرته القناة الـ12 الإسرائيلية، أن هناك سباق تسلح متسارع وتزايد قلق من تجدد الحرب بين إسرائيل وإيران، وعلى الرغم من وقف إطلاق النار، تركز إسرائيل وإيران بالفعل على الجولة القادمة في الحملة الطويلة، التي قد تأتي في وقت أقرب مما هو متوقع، موضحاً أن طهران تركز على إعادة بناء أنظمة الدفاع والصواريخ الخاصة بها وتطلق تهديدات بـ”هجوم استباقي”، فيما يتحدث المسؤولون الإسرائيليون عن “هجمات متكررة” حال استئناف المشروع النووي الإيراني.
خامنئي يعود للظهور
تقول الـ12 الإسرائيلية، إن المرشد الإيراني علي خامنئي عاد إلى الظهور العلني مرة أخرى بعد أسابيع من الغياب التام عن الأنظار، حيث اختبأ في ملجأ خوفاً على حياته، مشيرة إلى أن المرة الأخيرة التي كان قد ظهر فيها خلال مراسم عاشورا في الخامس من يوليو (تموز) الماضي، وآنذاك لم يتحدث واكتفى بالتلويح بيديه فقط على كرسي أمام مسؤولين إيرانيين كبار جلسوا على الأرض.
وأضافت القناة الإسرائيلية تحت عنوان “لن ينسوا حسابهم معنا.. المرحلة المقبلة في الحرب مع إيران”، أنه خرج بتصريحات بعد القصف الأمريكي للمواقع النووية الإيرانية، وإعلان وقف إطلاق النار، وبدا صوته أجش وضعيفاً ويواجه صعوبة في إكمال الجمل، موضحة أن ظهوره علنياً كان مُنسقاً بهد توحيد الصفوف.
إنجازات الحرب والتكاليف المتوقعة
وقالت القناة، إنه بعد انتهاء شهر من حرب الـ12 يوماً، التي كان هدفها الأول والأخير إلحاق الضرر بالبرنامج النووي الإيراني، لا يزال تقييم الإنجازات مستمراً، ونقلت عن ديفيد أولبرايت، رئيس المعهد الأمريكي للعلوم والأمن الدولي، والذي يُعتبر السلطة الرائدة في العالم في هذا الموضوع، أن “إيران، التي كانت قريبة جداً من إنتاج سلاح نووي قبل الحرب، وأصبحت بعيدة جداً عن هذه القدرة الآن”، ووفقاً لتقديره، تم تدمير مجموعة أجهزة الطرد المركزي الخاصة بها بالكامل تقريباً، وتم تصفية شخصيات رئيسية في البرنامج النووي، ولذلك حدث ضرر هائل لقدرة إيران على إنتاج سلاح نووي.
سيما شاين، الرئيسة السابقة لقسم الأبحاث في الموساد والباحثة البارزة حالياً في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، تقول إن الإيرانيون في مشكلة غير سهلة، نابعة من حقيقة تضرر البرنامج النووي، والأخطر من ذلك، دخول الولايات المتحدة الأمريكية على الخط، موضحة أنها كانت رسالة سياسية ونوع من الالتزام بعدم السماح لإيران بالوصول إلى القدرة التشغيلية لاختراق السلاح النووي.
أسئلة دون حل
ووفقاً للتقديرات، لم تعد إسرائيل تعتبر إيران دولة على وشك امتلاك سلاح نووي، ونقلت القناة عن مصدر إسرائيلي أن إيران ستحتاج إلى سنة أو سنتين على الأقل لبناء سلاح نووي قابل للإطلاق، بافتراض أنها ستنجح في إخفاء نشاطها، ومع ذلك، تبقى العديد من الأسئلة دون حل، على سبيل المثال، من المحتمل أن تكون إيران قد أخفت أجهزة طرد مركزي، أو مخزونات يورانيوم، أو أسلحة، وبالتالي لم يتم تدميرها في هجمات إسرائيل والولايات المتحدة.
السيناريوهات المحتملة لإيران
أمام إيران الآن ثلاثة خيارات رئيسية للمضي قدماً، الأول هو التخلي المؤقت عن المشروع النووي والعودة إلى طاولة المفاوضات مع الغرب، وستلتزم طهران بوقف تخصيب اليورانيوم ونقل المواد المخصبة إلى دولة ثالثة، في المقابل قد تحصل على رفع العقوبات من أجل إعادة بناء اقتصادها المنهار، وتعزيز برامج الصواريخ والعمل المسلح، أو ببساطة البقاء على قيد الحياة.
أما عن الخيار الثاني، فهو العودة التدريجية والحذرة إلى التخصيب، مع إجراء مفاوضات ومحاولة كسب الوقت، وتقول القناة إن هذه هي استراتيجية إيران التقليدية في العقود الأخيرة، أن تتقدم ببطء، وتتخذ خطوات صغيرة ومُراقبة، وتسمح ببعض المراقبة من قبل جهات خارجية، وتُرسخ نفسها كدولة على وشك امتلاك سلاح نووي، مستطردة: “الإيرانيون يعرفون أنهم إذا حاولوا تسريع نشاطهم النووي، فمن المرجح أن تهاجم إسرائيل أو الولايات المتحدة مرة أخرى”.
والخيار الثالث وربما “الأكثر خطورة”، هو أن الفشل في الحرب سيدفع خامنئي إلى إصدار أوامر للعلماء والجنرالات الذين نجوا بعبور الخط الأحمر الأخير وإجراء تجربة في منشأة نووية بدائية للإعلان عن أنفسهم، وخصوصاً أن هناك قلق بشأن اليورانيوم الذي تم تخصيبه بالفعل إلى مستوى 60%، وهو قريب جداً من الجودة المطلوبة لقنبلة نووية، ومن خلاله يمكن لإيران إنتاج مواد لسلاح نووي في غضون أسابيع قليلة فقط، ولهذا من المهم جداً معرفة ما هو مصير مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بدقة.
استراتيجية إيران
ونقلت القناة أن الإيرانيون يتصرفون بطريقة تُناقض تماماً ما حدث لهم، حيث يصف بيني سباتي، الخبير في الشؤون الإيرانية بمعهد دراسات الأمن القومي، أن الطريقة النموذجية للإيرانيين التي يتعاملون بها هي “عدم الاعتراف بالفشل”، ولذلك مستمرون في الدعاية بأنه لم يحدث شيئاً وأنهم أقوياء، وأن نظام الدفاع الجوي تم إعادة بناءه، مستطرداً: “هذه كذبة كبيرة، لأن هذا لا يمكن أن يحدث في مثل هذا الوقت القصير”.
وحذر العميد احتياط تسفيكا حاييموفيتش، القائد السابق للدفاع الجوي في إسرائيل، من الافتراض أن الحملة القادمة ستكون مشابهة للحملة السابقة، وقال: “يجب بالتأكيد أن نفترض أنه ستكون هناك جولة أخرى.، في نهاية الحملة في يونيو (حزيران)، بدأ هنا سباق للجولة القادمة، وأعتقد أنه مثلما نُجري تحقيقات ونستخلص الدروس، يجب أن نفترض أن الجانب الإيراني يفعل ذلك أيضاً، ما كان ليس بالضرورة ما سيكون، هكذا يجب أن تكون فرضية العمل”.