تقرير: حزب ماسك “لسعة النحلة” في السياسة الأمريكية

2

24 – أبوظبي
في مطلع يوليو (تموز) الجاري، فجر إيلون ماسك، الملياردير الأمريكي الشهير، مفاجأة من العيار الثقيل، حينما أعلن عن تأسيس حزب جديد في الولايات المتحدة، عقب خلافاته مع الرئيس دونالد ترامب، واحتجاجاً عن الميزانية “الكبيرة والجميلة”، على أمل إيجاد بديل فعال لنظام الحزبين التقليدي، وإبعاد البلاد عن “خطر الإفلاس والإسراف والفساد”.
وقال ماسك خلال الإعلان عن الحزب الجديد،: “عندما يتعلق الأمر بإفلاس بلدنا بالإسراف والفساد، فنحن نعيش في نظام الحزب الواحد، وليس في ديمقراطية. اليوم، أُنشئ حزب أمريكا ليعيد لكم حريتكم”.
ويراهن ماسك على الحزب الجديد “لإيجاد بديل فعال للحزبين الديمقراطي والجمهوري”.
وفي بداية المشوار الصعب، يطمح ماسك لتحقيق بضع مقاعد في الكونغرس، وما يصل إلى 10 دوائر في مجلس النواب مستغلاً الانقسام الحاد بين الجمهوريين والديمقراطيين. ويعتقد الملياردير أن الفوز بعدد قليل من المقاعد “سيكون كافياً ليكون صوتاً حاسماً في القوانين المثيرة للجدل”.
طرح ماسك المفاجئ، قوبل بابتهاج من قبل الكثيرين الطامحين للتغيير من أنصاره، لكن لا تبدو الفكرة بهذه السهولة من وجهة نظر خبراء السياسية، ولأسباب لا يمكن حصرها.
من جهة، يقول برنارد تاماس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية فالدوستا ومؤلف كتاب “زوال ونهضة الأحزاب الأمريكية الثالثة”،: “هذا خطأ”. ويضيف، “في هذه اللحظة من السياسة الأمريكية، لا أرى أي دليل على أن حزباً آخر سيفوز بمقاعد في الكونغرس، ويكون قادراً على التأثير فعلياً في الحكومة”، على حد قوله لصحيفة “الغارديان” البريطانية.
معركة صعبة
ويؤكد الخبير، “لا يقتصر الأمر على المال الذي يمتلكه الديمقراطيون والجمهوريون، فهم يملكون جميع الموارد بما فيها المال. لديهم 150 عاماً من البنية التحتية. لديهم جميع السياسيين المحترفين، وجميع المستشارين، وجميع شركات الإعلانات”.
وجاء طرح ماسك لخيار الحزب البديل على عجالة، مدفوعاً بنزاعه مع ترامب. وكما هو الحال مع العديد من الأفكار، التي تنبع من الحقد والغضب، يبدو أن بعض العناصر لم تُدرس جيداً. وعلى سبيل المثال، “لم يتضح بعد ما سيمثله الحزب، باستثناء معارضته لتضخم الدين العام من قِبل الجمهوريين”.
“لسعة النحلة”
وبخلاف ذلك، يقول الخبراء، “نادراً ما نجحت الأحزاب الثالثة، إن نجحت أصلًا، بالطريقة التي يتصورها ماسك. لكن ما يُمكنها إحداث فرق فيه هو تسليط الضوء على القضايا، والضغط على الحزبين الرئيسيين للتحرك”.
وأكد تاماس: “بالنسبة للأحزاب التي كان لها تأثير كبير، لم تفز بمقاعد”. وأضاف، “مهمة الأحزاب الثالثة هي إحداث الاضطراب، إنها كلسعة النحلة تسبب الألم”.
وأشار تاماس إلى الحزب التقدمي في ويسكونسن وحزب المزارعين والعمال في مينيسوتا، اللذين حققا انتصارات مهمة في مجال إغاثة الناخبين العاطلين عن العمل، وإصلاح القطاع المصرفي في الولاية، كأمثلة على جماعات سياسية نجحت في إحداث مثل هذه اللسعة. إلا أن هذا لا يبدو ما يسعى إليه ماسك، على الرغم من وجود فرصة لذلك.
وقال تاماس: “هنا نرى الحزب الجمهوري يتجه أكثر فأكثر نحو اليمين، ويتجه أكثر فأكثر نحو هذا النوع من التوجهات، دون أن يكون هناك أي عضو في الحزب الجمهوري في الكونغرس مستعداً لمواجهة ترامب أو هذه الحركة على الإطلاق”.
وأضاف: “إنها بداية مثالية لحزب ثالث. هذا ما يبدو عليه الوضع تاريخياً. لكنك لن تحل محلهم. ما تفعله هو مهاجمتهم لهذا السبب. أنت تحاول إعادتهم إلى الوسط”.
ويتابع، “هكذا نجحت الأحزاب الثالثة دائماً. الفكرة هي أن تُسبب لهم الألم، وما يفعلونه، إن نجح، هو العودة إلى نهج يعكس رغبات الجمهور، أو يُعالج القضايا التي يطرحها الطرف الثالث”.

التعليقات معطلة.