رأت شبكة الجزيرة القطرية، في تقرير لها أن موقف مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني الاخير من الموازنة العراقية له رسائل خاصة الى بغداد.
ورأت الجزيرة وجود دلالات بين موقف بارزاني، واخر تصريح ادلى به لهيئة الإذاعة البريطانية يوم 18 يناير/كانون الثاني 2018 التي قال فيها إنه غير نادم على ذهابه إلى الاستفتاء. وأرجع سقوط كركوك إلى خيانة جهات كوردية لم يحددها بالاسم، مشددا على أن “كركوك محتلة” وأن “استمرار فرض الأمر الواقع (فيها) غير مقبول”.
وعن دلالة التوقيت، رأت الشبكة القطرية ان الإجابة تأتي رمزية توقيت رسالة بارزاني والقضية التي استدعت توجيهها. فقد اختار بارزاني أن يكون حديثه متزامنا مع ذكرى الانتفاضة الكوردية ضد الحكومة المركزية في بغداد يوم 5 مارس/آذار 1991 والتي سهلت للكورد فرصة إنشاء سلطة أمر واقع برعاية دولية إثر توافق الدول الكبرى في مجلس الأمن على إنشاء منطقة حظر طيران فوق مناطقهم. ومكن هذا القرار كورد العراق من إدارة مناطقهم لنحو عقدين قبل خضوع العراق برمته للاحتلال الأميركي عام 2003.
لكن القرار الدولي مثل في المقابل فرصة للفصائل المعارضة لحكم الرئيس الراحل صدام حسين من العمل انطلاقا من الإقليم الكوردي لتقويض النظام في بغداد الذي كان خاضعا لحصار دولي، وهو ما سهّل لها القفز لاحقا لتسلم السلطة ببغداد برعاية ودعم من الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى.
أما الظرف فيتصل بانفراد الكتلتين الحزبيتين الشيعية والسنية العربية في البرلمان العراقي أمس الاول بإقرار موازنة العام 2018 بغياب كتلة النواب الكورد التي قاطعت الجلسة جراء رفض الغالبية منح حكومة الإقليم الكوردي 17% من الموازنة وفق ما كان معمولا به لغاية عام 2014 واستبدالها بـ12% استنادا إلى عدد سكان الإقليم من إجمالي سكان العراق.
زحزحة العبادي
ومعلوم أن الخلاف على حصة الإقليم الكوردي من الموازنة كان سببا للقاءات متعددة أجراها رئيس حكومة الإقليم نيجرفان بارزاني مع حيدر العبادي في بغداد، إلا أن تلك اللقاءات لم تنجح في زحزحة العبادي عن موقفه. كما أن المساعي الكوردية ليست معزولة -حسب مراقبين- عن ذيول معركة 16 أكتوبر/تشرين الأول ومساعي الحكومة المركزية لوضع يدها من جديد على المنافذ الحدودية (البرية والجوية) التي ما زالت حتى الآن في يد حكومة الإقليم، إلى جانب إعادة البشمركة إلى حدود عام 2003، وهو ما يعني ضمنيا نزع سيطرة حكومة إقليم كوردستان عن مدينة كركوك الغنية بالنفط.
لذا فإن عودة بارزاني- الذي أودع صلاحياته إلى حكومة الإقليم وبرلمانه بعد تنحيه- إلى الظهور معترضا على موازنة العام الحالي واعتبارها “خرقا للشراكة والتوافق والتوازن والدستور” و”ظلما مخططا له ضد الشعب الكردي” لم تكن مجرد تسجيل موقف. كما أنه لم يكن محاولة لجمع القوى الكوردية المشتتة والمتناحرة، بل كان أقرب -بحسب مراقب للشأن العراقي- للجوء إلى السلاح الأخير في وجه ضغوط بغداد المتواصلة على كورد العراق.