تقارير عربية ودولية0
شكك موقع “أويل برايس” الأمريكي المتخصص بأخبار الطاقة ،الأربعاء، بتعهدات العراق بالتوقف قريبا عن “استيراد الغاز الإيراني” وبالاعلانات العراقية عن قرب إطلاق مشاريع جديدة في قطاع الغاز.
ورغم التشكيك الأمريكي أكد، التقرير انه “يمكن لدور العراق ان يكون محوريا في المعركة الوجودية الجارية حاليا في العالم، من اجل موارد الطاقة”.
وانتقد التقرير تصريحات كبار مسؤولي النفط العراقيين حول أن واردات الغاز من ايران سوف تتوقف قريبا، والتي يتابعها مراقبو صناعة النفط المتمرسين والتي بنظرهم هي مجرد تطمينات تليها دائما غمغمات عن مشاريع غاز جديدة من المقرر أن تبدأ قريبا، وخطوط انابيب سيتم مدها، وتحقيق الالتزامات المتعلقة بالطاقة الخضراء.
وتابع التقرير انتقاداته قائلا إنها: “افكار رائعة مثيرة للذكريات وهي بالتأكيد ستحظى بالترحيب من جانب وزارة الخارجية الأميركية، وهي ايضا تثير التفاؤل الجماعي وإنما لبعض الوقت، قبل ان نتذكر اننا سمعنا كل ذلك سابقا وأن شيئا لم يتغير”.
الا ان التقرير لفت الى ما هو على المحك كبير بالنسبة لأي لاعب رئيسي جديدة يدخل اللعبة في سوق الغاز العالمية، موضحا أن “هناك انقسامات متوسعة لم تكن بمثل هذا الوضوح بين التحالفات الغربية والشرقية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في العام 2022 والتي تعكس الحاجة الى تأمين إمدادات الغاز طويلة الاجل”.
وتابع قائلا، إن: “امدادات الغاز الرخيصة من روسيا كانت بمثابة حجر الأساس الذي قامت عليه اغلب اوروبا، وخصوصا الزعيمة الاوروبية الفعلية ألمانيا، في بناء ازدهارها الاقتصادي طوال العقدين الماضيين”، مضيفا أن: “المخاوف من خطر خسارة هذه الإمدادات كانت كافية بالنسبة لهذه القوى الأوروبية لكي تقوض اي خطط جدية لمعاقبة روسيا بسبب ضمها لشبه جزيرة القرم في العام 2014”.
واضاف ان: “التحرك السريع من جانب الولايات المتحدة، وحلفائها الرئيسيين، لتأمين إمدادات بديلة من الغاز، هو ما حال دون حدوث نفس التقاعس الدبلوماسي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في العام 2022”.
والآن، يقول التقرير إن: “دور العراق في هذه المعركة الوجودية من اجل موارد الطاقة العالمية قد يكون محوريا”، موضحا انه: “لا يملك القدرة على ان يصبح المنتج الاول للنفط الخام في العالم فحسب، وأحد اكبر مصدري الغاز ايضا، ولكن موقعه الجيوسياسي يشكل اهمية بالغة لما يجري في هيكل الامن العالمي”.
وفي حين لفت التقرير الى “خسارة الولايات المتحدة للسعودية التي عززت من اقترابها من الصين من خلال أحداث متعددة من بينها انضمامها مؤخرا الى كتلة “بريكس”، وانتقالها بشكل أعمق الى “منظمة شنغهاي للتعاون”، ومن خلال اتفاق استئناف العلاقة مع إيران، وهي كلها تحركات توسطت فيها بكين”، تابع انه “جرى ايضا تعزيز القوة العظمى الاخرى في الشرق الاوسط، اي ايران، من خلال تحولها الى دولة وكيلة للصين من خلال “اتفاقية التعاون الشامل بين ايران والصين لمدة 25 عاما”.
وذكر التقرير بأن “التحركات الجارية من جانب التحالف الغربي لفصل إيران عن الكتلة الصينية الروسية، من خلال صياغة نسخة مخففة من “الاتفاق النووي”، مضيفا ان: “المنطق القائم في واشنطن هو انه اذا كان من الممكن فصل العراق الذي هو تحت تأثير ايران منذ فترة طويلة، عن طهران، فان ذلك لن يؤدي الى تسريع توقيع الاتفاق النووي الجديد مع ايران فقط، وإنما سيعني ذلك ايضا ان التحالف الغربي سيكون لديه دولتين من اكبر ثلاث دول مصدرة للنفط والغاز في الشرق الاوسط تحت نفوذه”.
واعتبر التقرير ان “شركة توتال انيرجيز” الفرنسية تقف حاليا في طليعة جهود التحالف الغربي من اجل كسب العراق، من خلال الصفقة الضخمة، الرباعية المحاور، والتي تبلغ قيمتها “27 مليار دولار امريكي”، على الرغم من ان الشركة تواجه تحديات كبيرة على كل مستوى من مستويات بيروقراطية النفط والغاز في العراق. الا ان التقرير رأى ان “تعزيز وجود الشركات الغربية الكبرى الاخرى في العراق، سيساهم في تعزيز فرص نجاحها”.
واضاف ان: “مثل هذه الجهود تتمتع ظاهريا على الاقل، بالتشجيع من قبل رئيس الحكومة “محمد شياع السوداني” الذي قال مؤخرا ان العراق سيوقف واردات الغاز من ايران خلال عامين بعد ان تتشكل المشاريع العملاقة لتطوير منشآتها الغازية”.
الا ان التقرير ذكر بان “هذا الكلام هو نفس ما قاله رئيس الوزراء السابق “مصطفى الكاظمي” عندما ذهب الى واشنطن في ايار/مايو 2020 لطلب المزيد من الاموال لدعم الاقتصاد المصاب بالفساد، وليطلب ايضا اجازة استثناء من العقوبات مدتها “120 يوما” للاستمرار في استيراد الغاز والكهرباء من ايران”، مضيفا انه: “ما ان قدمت الولايات المتحدة التمويل والاعفاء، وايداع الاموال في البنوك وعودة الكاظمي سالما الى اراضيه، قام العراق بالتوقيع على عقد لمدة عامين مع ايران لمواصلة استيراد الغاز والكهرباء”.
وكما ذكر التقرير بأن “السوداني اعلن في تموز/يوليو الماضي، ان العراق يعتزم الدفع بامداداته النفطية مقابل الغاز والكهرباء التي يستوردها من ايران لان العراق ليس امامه خيار سوى البدء في دفع ثمن واردات الغاز والكهرباء الايرانية بالنفط العراقي بسبب ان العقوبات الامريكية على ايران جعلت من الصعب على بغداد سداد المدفوعات عبر الآليات البنكية التقليدية”.
ومع ذلك، اعتبر التقرير ان العراق بإمكانه انهاء اعتماده على الغاز من ايران بسهولة نسبيا في حال اراد ذلك بالفعل، مشيرا الى ان اجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة في العراق تبلغ حوالي “131 تريليون قدم مكعب”، ويحتل العراق بالتالي المركز ال12 على مستوى العالم، وربما تكون احتياطياته الغازية هذه اكبر من ذلك بكثير، لأن مستوى التنقيب عن احتياطيات الغاز لا يتساوى مع معدل التنقيب عن النفط.
وبعدما ذكر بان “وزارة النفط العراقية كانت اتفاقا مع شركة الهندسة الامريكية العملاقة “بيكر هيوز” لاحتجاز الغاز المصاحب للنفط من حقلي الغراف والناصرية النفطيين”، اشار الى ان “الخطط المتعلقة بالناصرية كانت تتضمن بداية معالجة الغاز لتوليد اكثر من 100 مليون مكعب قياسي، ثم تطوير معمل الناصرية ليصبح منشاة كاملة للغاز الطبيعي المسال بمقدورها استعادة 200 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الجاف والغاز المسال والمكثفات، وهو انتاج كان يفترض ان يذهب الى قطاع توليد الطاقة المحلي”.
وتابع ان: “بيكر هيوز” كانت ذكرت ان معالجة الغاز المحترق من هذين الحقلين ستسمح بتوفير 400 ميجاوات من الطاقة للشبكة العراقية”.
ورأى التقرير انه “لو كان سمح ل”بيكر هيوز” بمواصلة تنفيذ المشروع، لكان قد استغرق تنفيذه حوالي 30 شهرا، مضيفا انه كان من الممكن بعد ذلك تنفيذ خطط تطوير مشابهة لمواقع احتجاز الغاز الرئيسية الاخرى، والتي شملت في عامي 2018 و2020 حقل الحلفاية (300 مليون قدم مكعب في اليوم)، وحقل ارطاوي (400 مليون قدم مكعب في اليوم)”.
ونوه الى انه “كان من الممكن بعد ذلك تطوير اوجه الترابط مع مشروع الغاز الرئيسي الوحيد الذي حقق تقدما كبيرا في العراق على مر السنوات الا وهو مشروع شركة غاز البصرة (BGC) التي تديرها “شركة شل”.
وختم بالقول انه: “في الوقت الراهن، فانه لم يتم احراز تقدم يذكر في اي من هذه المشاريع، ولهذا يبقى ان نرى ما اذا كانت تصريحات السوداني الاخيرة ستغير من هذا الوضع”.