انخفضت إلى 155 مليار دولار لكن العقود الآجلة للدولار تقفز بشكل غير مسبوق
خالد المنشاوي صحافي الجمعة 10 مارس 2023 11:37
ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري إلى 34.352 مليار دولار، في نهاية فبراير بزيادة نحو 128 مليون دولار عن يناير (رويترز)
على رغم استمرار تراجع الديون المصرية، لكن ثقة مستثمري السندات تراجعت بعد شهرين فقط من إبرام اتفاق تمويل بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي.
ووفق وكالة “بلومبيرغ”، فقد ارتفعت عقود مقايضات التخلف عن السداد للديون المصرية، بأسرع وتيرة في جميع أنحاء العالم بعد الإكوادور، الشهر الماضي، وظهرت بوادر الضيق في سوق السندات مرة أخرى. وتظهر المشتقات مخاطر انخفاض آخر لقيمة العملة في المستقبل.
وكشف التقرير أن الشكوك حول تقدم مصر في متابعة مبيعات الأصول والتزامها سعر صرف أكثر مرونة دفعت الهوامش على بعض سندات الحكومة طويلة الأجل إلى ما يقرب من 1000 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأميركية، الذي يمثل الحد الأدنى للديون التي يجب اعتبارها متعثرة.
وارتفعت كلفة تأمين الديون المصرية ضد التخلف عن السداد إلى نحو 1200 نقطة أساس، ارتفاعاً من أدنى مستوى في تسعة أشهر عند 720 نقطة تم الوصول إليه في يناير (كانون الثاني) الماضي. وأوضحت الوكالة أن مصر بحاجة إلى تسريع بيع الأصول واعتماد سعر صرف مرن خلال العامين المقبلين لسد فجوة التمويل الخارجي وتجنب التخلف عن السداد بصورة ملحة. وأشار إلى أن عدم تنفيذ هذه الإصلاحات يزيد بشكل كبير من المخاطر متوسطة الأجل التي تتطلب شكلاً من أشكال تخفيف الديون. وأوضح أن مخاطر التخلف عن السداد على المدى القريب محدودة وغير مؤكدة على المدى المتوسط.
كم تبلغ مصروفات فوائد الديون؟
وقبل أيام، أعلن البنك المركزي المصري تراجع رصيد الدين الخارجي لمصر، بنهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، ليسجل 155 مليار دولار، بتراجع قيمته 700 مليون دولار، ونسبته 0.5 في المئة مقارنة بنهاية يونيو (حزيران) 2022. وذكر أن الانخفاض يعود إلى تراجع سعر صرف معظم العملات المقترض بها أمام الدولار الأميركي بنحو 2.7 مليار دولار، إضافة إلى ارتفاع صافي المستخدم من القروض والتسهيلات بنحو ملياري دولار.
وأشار إلى أن أعباء خدمة الدين الخارجي بلغت 4.8 مليار دولار خلال الفترة من يوليو (تموز) وحتى سبتمبر من العام المالي 2022-2023، وبلغت الأقساط المسددة نحو 3.2 مليار دولار والفوائد المدفوعة نحو 1.6 مليار دولار. ولفت إلى أنه وفقاً للمؤشرات، فإن نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت نحو 32.4 في المئة نهاية سبتمبر 2022، وهي لا تزال في الحدود الآمنة وفقاً للمعايير الدولية.
وأرجع التقرير انخفاض الديون المصرية إلى تراجع سعر صرف معظم العملات المقترض بها أمام الدولار الأميركي بنحو 2.7 مليار دولار، إضافة إلى ارتفاع صافي المستخدم من القروض والتسهيلات بنحو ملياري دولار.
وكشفت بيانات وزارة المالية المصرية ارتفاع مصروفات فوائد ديون مصر خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، بنسبة 36.2 في المئة على أساس سنوي. ووفق التقرير الشهري للوزارة، فقد ارتفعت مصروفات فوائد الديون إلى 392.84 مليار جنيه (12.721 مليار دولار) خلال الفترة من يوليو حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مقابل 288.36 مليار جنيه (9.338 مليار دولار) خلال الفترة نفسها من العام المالي الماضي.
واستحوذت مصروفات الديون على نسبة 42 في المئة من إجمالي مصروفات مصر خلال الأشهر الستة البالغة 940.8 مليار جنيه (30.466 مليار دولار)، وصعدت مصروفات فوائد الديون الخارجية خلال الفترة إلى 41.9 مليار جنيه (1.356 مليار دولار)، مقابل نحو 23.97 مليار جنيه (0.776 مليار دولار) خلال الفترة المقارنة نفسها.
فيما ارتفعت مصروفات فوائد الديون المحلية لغير الحكوميين إلى 339.92 مليار جنيه (11.007 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، مقابل 263.84 مليار جنيه (8.544 مليار دولار) خلال الفترة نفسها من العام السابق.
خسائر الجنيه مقابل الدولار لا تتوقف
في المقابل، فقد ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري إلى 34.352 مليار دولار، في نهاية فبراير (شباط) الماضي، بزيادة نحو 128 مليون دولار عن يناير.
يأتي ذلك في الوقت الذي سجلت فيه العملة المصرية أكبر موجة من الخسائر في تاريخها مقابل الدولار الأميركي، وقفز سعر صرف الدولار من مستوى 15.74 جنيه في نهاية الربع الأول من العام الماضي، إلى نحو 30.95 جنيه في الوقت الحالي. وخلال الأسبوع الحالي، توقعت مجموعة بنوك دولية أن يفقد الجنيه المصري نحو 10 في المئة من قوته الشرائية أمام الدولار ليصل إلى 35 جنيهاً خلال التعاملات المقبلة.
وتراجعت العقود الآجلة للجنيه المصري مقابل الدولار إلى 38 جنيهاً للدولار للمرة الأولى لآجل عام، وسط ترقب الأوساط لحدوث تعويم رابع للجنيه خلال الشهر الحالي، وتراجعت العقود الآجلة للجنيه المصري لآجل شهر إلى 32.4 جنيه، مع استمرار انخفاض سعر الصرف في البنوك المحلية.
ومنذ بداية مارس (آذار)، يشهد سعر الصرف تراجعات متتالية، وتراجعت قيمة الجنيه المصري بأكثر من ستة في المئة مقابل الدولار في السوق السوداء، الأسبوع الماضي، ليتداول في الوقت الحالي عند أعلى من 34 جنيهاً للدولار، مقارنة مع 31.5 جنيه مطلع الأسبوع الماضي.
وتواجه مصر أزمة نقص في العملات الأجنبية هي الأسوأ منذ سنوات، في ظل تزايد الضغوط على الجنيه في الآونة الأخيرة، بسبب تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية إذ تسعى البلاد بشكل حثيث لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتدفقات الخارجية إلى سوق الدين المحلية.
فجوة تمويلية بقيمة 17 مليار دولار
على صعيد الأموال الساخنة، ووفق بيانات البنك المركزي المصري، فقد تم رصد دخول استثمارات أجنبية بقيمة 925 مليار في النصف الأول من يناير 2023 عندما هبط الجنيه إلى مستويات 32 مقابل الدولار قبل أن يرتد إلى مستويات 30 في اليوم نفسه الذي شهد تقلباً شديداً، إلا أن 500 مليون دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أذون الخزانة خرجت من عباءة الاقتصاد المصري في الأيام الأخيرة وقامت بشراء الدولار، بعد تزايد توقعات هبوط الجنيه مقابل الدولار.
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، تواجه مصر فجوة تمويلية قيمتها 17 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، ويمثل قرض صندوق النقد الدولي البالغ ثلاثة مليارات دولار أقل من 20 في المئة من هذه الفجوة. وأشار إلى أنه من المتوقع سداد باقي الفجوة التمويلية من خلال دائنين متعددي الأطراف ومؤسسات دولية أخرى، بما في ذلك البنك الدولي، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وكذلك من عائدات بيع الأصول المملوكة للدولة إلى صناديق الثروة السيادية التابعة للشركاء الخليجيين.
وبحسب الصندوق، ستحصل مصر على أكثر من خمسة مليارات دولار، قبل نهاية العام، من مجموعة من المقرضين، إضافة إلى أنه من المتوقع أن تحصل مصر على ملياري دولار من خلال بيع بعض الأصول المملوكة للدولة، ومن المقرر أن تحصل الحكومة على التمويل المتبقي من البنك الدولي، وبنك التنمية الصيني، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وصندوق النقد العربي، وبنك التنمية الأفريقي.
كما حصلت مصر على تأكيدات أن ودائع دول الخليج في البنك المركزي المصري بقيمة 28 مليار دولار لن تستحق قبل نهاية فترة برنامج القرض في سبتمبر 2026، ولن تستخدم لشراء أسهم أو ديون.