حسن فليح / محلل سياسي
بلا شك بات من الواضح ان المنطقة على شفا حرب مريبة وقاسية ، وكل المؤشرات تدل على ذلك ، وحين نفذت اسرائيل ضربتها في. 4/1 على القنصلية الايرانية في دمشق كانت تعلم علم اليقين ان ذلك الاستهداف له تداعياتة وتفاعلاته وان ماقامة به ليس جزافا بل محسوبا بدقة ولديها التقديرات الخاصة بها الامنية والسياسية فيما يتعلق بالرد الايراني على الضربة سوأ كان من داخل الاراضي الايرانية مباشرةً او عبر اذرعها بالمنطقة ، تريد اسرائيل جر ايران للرد لكي يكون الذريعة لقصف وتدمير مفاعلها النووي الذي يقلق اسرائيل وتعتقد ان ذلك يهدد وجودها ويجعل من ايران القوة الاقليمية الموازية لها بالمنطقة، ولن يجعل من اسرائيل القوة الوحيدة المهيمنة اقليميا ، بالوقت ان اسرائيل لاتخشى على وجودها من بقية الاسلحة الاخرى التي بحوزة ايران ،
اشارت وكالة أنباء “رويترز”، إن قصف مقر القنصلية الإيرانية في دمشق، يأتي كنوع من التصعيد للحرب، التي تشنها إسرائيل على وكلاء إيران في المنطقة، وتضيف “رويترز” أن إسرائيل تستهدف المنشآت العسكرية الإيرانية، والمنشآت الأخرى، التابعة لوكلاء طهران في سوريا، منذ فترة طويلة، غير أن هذه تعد المرة الأولى، التي تقصف فيها مجمع السفارة الإيرانية نفسه ،
وفي سؤال لسفير طهران السابق في الأردن ولبنان أحمد دستمالجيان، اعتبر الهجوم على قنصلية بلاده في حي المزة بدمشق “حادثا مفصليا سيخلف تداعيات بارزة في الإقليم وسيدشن مرحلة جديدة في المنطقة”
وأكد أن الانتقام “لا بد منه”، لكن لن تنجر طهران إلى ما يريده رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو باستدراج الجمهورية الإسلامية إلى حرب مباشرة تنقذه من مستنقع غزة وتمكنه من جعل طهران في مواجهة مباشرة مع حلفائه الغربيين ، هذا على حد تعبير السفير الايراني السابق ،
بات من المحتمل جدا ان نشاهد تبادل للقصف بين طهران وتل ابيب في قادم الايام ولكن ماذا بعد ذلك؟ ربما ان اصل الفكرة هو جر المنطقة للحرب الشاملة والحلقة الاضعف من بين الاطراف المتحاربة هم العرب ، وقد تذهب ايران بخطوات خطيرة تحت حجة حماية امنها القومي مثل غلق الممرات في مضيق هرمز وباب المندب وقد يستدعي ذلك الى التدخل العسكري في بعض البلدان العربية المطلة على تلك الممرات ، الامر الذي يدفع اسرائيل تحت نفس الحجة بتامين امنها القومي بالزحف على جنوب لبنان وحتلالة وتنفيذ العملية البرية في رفح ، وتتكلف بريطانيا وامريكا بالحوثي وبالتالي الزحف بريا على الشطر اليمني وانهاء حركة الحوثيين بتامين خليج عدن ومضيق باب المندب ، ايظا تحت حجة تامين حرية الملاحة وتوريد الطاقة وحماية المصالح والامن القومي للغرب والولايات المتحدة ، يبدو ليس هناك حلا بالافق سوى الطريق الى الحرب بعد ان تلاشت جهود السلام !! ولم تعد المنطقة تتحمل السلام الهش والمفقود بحكم وجود الثالوث المدمر لها والمحيط بالعرب من كل الجهات ، امريكا ، ايران ، اسرائيل ، حيث لا همَّ لذلك الثالوث غير تدمير هذه الامة والتمدد والنفوذ على حسابها والاستحواذ على ماتبقى لها ، ومن المعلوم ان اسرائيل لن تتوقف عن عدوانها وهي تعتقد انها تخوض اخر الحروب او هكذا تخطط وتريد حتى تنعم بالسلام والامن المنشود من قبلها دون تهديد من احد بالمستقبل ، وبما ان عملية طوفان الاقصى قد وفرت الذرائع والمبررات لكل مايحدث الان فأن عملية استهداف السفارة الايرانية في دمشق تأتي لنفس الغايات لتوفير المبررات باتساع رقعة المواجهة والحرب والذلك نجد اسرائيل رفضت كل المبادرات والحلول لايقاف الحرب على غزة لانها تعتقد وتؤمن ان الحرب قد بدأت في غزة وعليها ان تأخذ ابعادها لتكملة جميع الاهداف الاسرائيلية من حولها كي تنعم بالسلام المفروض بقوة السلاح ، كل الاطراف المعنية بتداعيات تلك الحرب من ايران وامريكا واوربا والعرب والفصائل المسلحة التابعة لطهران تريد بقاء الوضع على ماهو عليه وتخشى من تطور الصراع نحو الحرب الشاملة وهي راضية وقابلة بما هي عليه وتخشى فقدان ماتحقق لها من مصالح ونفوذ واستحواذ ، عدى اسرائيل التي تشعر ان هذا هو الوقت المناسب لها للحرب الشاملة ولم تعد تطيق الواقع الحالى الذي يحيط بها من كل الاتجاهات وتبقى تحت رحمة حرب الفصائل والاستنزافات ، وربما ستكون بالمستقبل امام عملية اقوى واكثر وقعا عليها من عملية طوفان الاقصى حيث ان امن مواطنيها لايتحمل الخوض لنفس التجربة مجددا ، لذلك نجدها ساعية لتوريط الجميع بحرب اقليمية لاتسمح لامريكا وبريطانيا بتخلي عنها وتهديد وجودها ، هكذا نكتشف ان احد اطراف ذلك الثالوث بات مختلف بل احيانا يبدو متمرد على حليفته الولايات المتحدة وينظر بواقع وبمنظار بعيد كليا عن ايران وامريكا فيما يخص امنها بالمنطقة ، ومن هنا جاء الحرج الايراني والامريكي بكيفية تخطي الازمة بفقدان التفاهم والتناغم مع احد وهم اطراف ذلك الثالوث !! تشير بعض التقارير البريطانية الى حصول التشاور مع ايران عبر الدولة العميقة لها في لندن وتم ابلاغ المعنين بأنتهاء المهمة للنظام الحالي وبذلك يتم التخلص نهائيا من الفصائل في عموم المنطقة وتغيير بعض انظمة الحكم فيها ، بعد ان ادى الجميع ادواره وما عليه في مرحلة لم تعد قائمة في مقبل الايام وان المنطقة على اعتاب مرحلة جديدة تختلف كليا عن سابقاتها !! يبقى الهدف من تلك الحرب والخاسر الوحيد من تلك النزاعات هم العرب دون غيرهم ،
ان إسرائيل اتخذت قرار انهاء حالة المراوحة مع ايران بقرار استهدافها للقنصلية الايرانية في دمشق، والذهاب بضرب الاهداف المحرمة التي من شأنها اثارة الصراع اكثر ، وجعل طهران بالاختبار الصعب والمباشر ، في سابقة لم تحصل على مدى اكثر من اربعين عاما !! في سبيل جر ايران للهاوية ، ان ماقامة به اسرائيل يعد مفاجئة كبيرة لم تكن بالحسبان من قبل النظام في ايران ! بدليل ان تاريخ العلاقة بينهما لعقود خلت لم تتأثر ولن يحصل بينهما مايثير القلق والريبة، وفي حال ان ايران لم ترد ستقوم اسرائيل بعدوان استفزازي اكبر لاثبات ان قواعد اللعبة قد تغيرت معها واجبارها على دخول الحرب ،
اسرائيل تنتظر الرد الايراني بحذر شديد ، لكي يتم استهداف العمق الايراني وجميع مفاصل قوتها بالداخل ، ومن يرتبط بها من فصائل، والبدء بمرحلة التطهير واعادة ترتيب المنطقة ورسم خارطة الشرق الاوسط الجيوسياسية من جديد وحسب المزاج الغربي والاسرائيلي لها ، وبذلك تنتهي اللعبة ومهمة النظام الايراني بعد 45 عاما خلت على مزاولتها .