تظاهرات محدودة وبيانات تنديد ورفض خصوصاً من قبل عدد من القبائل والعشائر التي ينضوي أفراد منها في صفوفه
عبد الحليم سليمان مراسل
تأسس فصيل “صقور الشمال” قبل 11 عاماً داخل المناطق الشمالية في سوريا لمواجهة قوات النظام (اندبندنت عربية)
ملخص
كشف مصدر عن احتمال كبير بقرب صدور قرار مماثل من الجانب التركي بحق فصيل “الجبهة الشامية”
ارتفعت حدة التوتر في الشمال السوري خلال الساعات الماضية بعد انتشار خبر قرار تركي بحل فصيل “لواء صقور الشمال” التابع للجيش الوطني السوري المعارض، الذي تدعم تركيا فصائله منذ تأسيسه قبل أعوام عدة.
لكن خلال الفترة الأخيرة برزت خلافات حادة بين الفصائل السورية المسلحة مع تركيا وبحدة أقل مع فصائل منضوية في ذات الجيش والأطر المعارضة على خلفية أحداث متوالية في الشمال السوري، منها ما كان رد فعل على تعامل الداخل التركي مع اللاجئين من خلال موجات الكراهية والاعتداء عليهم وممتلكاتهم وأعمالهم في تركيا وإعادتهم إلى داخل الأراضي، إضافة إلى محاولات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق برعاية روسية، ولعل أبرزها اعتراض عدد من الجهات والفصائل السورية على فتح معبر أبو الزندين الواقع قرب مدينة الباب بريف حلب الشرقي.
وكشف مصدر محلي مطلع في الشمال السوري لـ”اندبندنت عربية” أن المنسق التركي والذي يعد مسؤولاً على المنطقة من قبل الحكومة التركية وبمثابة والي تركي، أبلغ قادة فصيل ثوار الشمال السوري المدعوم من تركيا في اجتماع ببلدة حوار كلس القريبة من مدينة إعزاز وتحوي مراكز ومقاراً عسكرية وأمنية حساسة، أن القرار أبلغ شفهياً لكن قائد الفصيل حسن خيرية رفض القرار مما أدى إلى توتر في المنطقة وخروج تظاهرات محدودة وبيانات تنديد ورفض، وبخاصة من قبل عدد من القبائل والعشائر التي ينضوي أفراد منها في صفوف الفصيل، لكن المصدر أكد أن الثقل العشائري الوازن لا يعترض على القرار التركي القاضي بتفكيك الفصيل.
المصدر كشف أيضاً عن احتمال كبير بقرب صدور قرار مماثل من الجانب التركي بحق فصيل “الجبهة الشامية”، والذي رفض بدوره عملية التطبيع مع النظام السوري وفتح معبر أبو الزندين خلال الفترة الماضية في ظل احتدام الخلاف مع رئيس الحكومة السورية الموقتة وإصدار الفصيل بياناً بمقاطعته التعامل مع حكومة الأخير، إلى حين استبدال أخرى بها ومقاضاته على التهم التي وجهها لقادة الفصيل خلال الأسبوع الماضي.
تطورات دراماتيكية
وفي ظل التوتر الحاصل بدت التطورات أكثر دراماتيكية، فقد أصدرت وزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية الموقتة أمس الثلاثاء بيانها الرسمي بحل فصيل “صقور الشمال” بداعي “إعادة هيكلة الجيش الوطني السوري وفق خطة إصلاحية شاملة”، وتكليف نائب وزير الدفاع في الحكومة السورية الموقتة العميد عدنان الدياب بصورة مرحلية قائداً عاماً لفصيل صقور الشمال، “وذلك بسبب إصابة قائد الفصيل حسن خيرية بوعكة صحية” وفق بيان وزارة الدفاع المعارضة.
لكن “صقور الشمال” عقّد المشهد التنظيمي أكثر بعد ساعات من بيان الوزارة بانضمامه إلى “الجبهة الشامية” بدلاً من قبول التغييرات الهيكلية التي أصدرتها وزارة الدفاع في الحكومة الموقتة، في حين رحبت الجبهة بخطوة “الصقور” في بيان مقتضب، ليرتفع مستوى التوتر وتوقع الصدام مع استنفار عسكري شهدته المنطقة الخاضعة للسيطرة التركية، إذ شهدت تحركات لدبابات ومدرعات الجيش التركي في كل من إعزاز ومنطقة عفرين، كما أفادت مصادر محلية بأن فصيل القوة المشتركة المقرب من تركيا يحشد قواته لمواجهة فصيل “صقور الشمال” بعد قراره الأخير.
من صقور الشمال؟
ويتبع فصيل “الجبهة الشامية” الفيلق الثالث بالجيش الوطني السوري المعارض، فيما يتبع “صقور الشمال” الفيلق الثاني في ذات الجيش. وتأسس الفصيل خلال سبتمبر (أيلول) 2012 داخل مناطق جبل الزاوية ومحافظة إدلب على يد أحمد حاج علي المعروف بـ”أحمد الخيرية”، وتسلم قيادة اللواء من بعد مقتله أخوه حسن خيرية وشارك في عمليات عدة ضد القوات الحكومية، وكان جزءاً من عمليات تركيا العسكرية داخل المناطق الشمالية بسوريا أبرزها “درع الفرات” عام 2016 ومن ثم “غصن الزيتون” 2018 ضد وحدات حماية الشعب الكردية، ورصدت المنظمات الحقوقية ارتكابها “انتهاكات في تلك المنطقة التي باتت مكاناً بارزاً لعمليات التغيير الديموغرافي وانتهاكات حقوق الإنسان”، بحسب التقارير الدولية.
اقرأ المزيد
معبر “أبو الزندين” جذوة الصراع الجديد في الشمال السوري
سخط شعبي في الشمال السوري ضد تركيا
المجاعة تطرق أبواب مخيمات الشمال السوري
عفرين إلى واجهة الانتهاكات
إلى جانب التطورات العسكرية شهدت منطقة عفرين خلال الأيام السابقة قمع فصيل السلطان سليمان شاه المعروف بـ”العمشات”، نتيجة احتجاج سكان قرية كاخرة “ياخور” التابعة لبلدة معبطلي بريف عفرين شمال حلب، وذلك عندما رفض سكان القرية دفع مبلغ قدره ثمانية دولارات أميركية عن كل شجرة زيتون، التي تشتهر بها المنطقة، مع اقتراب موسم قطافها واستخلاص الزيت منها. وبحسب مصادر من أهالي القرية فإن المساحة التابعة لها تزرع فيها نحو 80 ألف شجرة عائدة لسكان القرية وأهاليهم الغائبين عنها، مما يعني أن مبالغ طائلة سيرتبها الفصيل عليهم كإتاوة في ظل غياب أي دعم لقطاع الزراعة في تلك المنطقة التي تديرها المعارضة السورية المتمثلة بالحكومة الموقتة والائتلاف السوري المعارض.
وبحسب جهات حقوقية كردية فإن ست نساء بينهن مسنات تعرضن لإصابات متفاوتة بين كسر وجرح جراء اعتداء عناصر فصيل “العمشات” عليهن، وتم اعتقال عدد من رجال القرية الذين تعرضوا للتعذيب في إحدى مراكز الفصيل، في حين فرض حصار على القرية وحظر التجول فيها مع قطع الاتصالات عنها، وأكد مصدر في عفرين لـ”اندبندنت عربية” استمرار إغلاق القرية من قبل “العمشات” وانقطاع الإنترنت عنها “مما صعب مهمة معرفة ما يجري فيها”.
غضب كردي
الحادثة أثارت غضب الأطراف الكردية بما فيها المجلس الوطني الكردي الذي يعد جزءاً رئيساً من الائتلاف السوري المعارض ويمثل الواجهة السياسية للحكومة السورية الموقتة، بما فيها الجيش الوطني وفصائله العسكرية، إذ دان ما تعرض له السكان في كاخرة، وقالت الأطراف الكردية إن تلك الفصائل المسلحة تفرض ضرائب وإتاوات باهظة على المدنيين تصل إلى 5 آلاف دولار لاستعادة المنازل والأراضي و1500 دولار على الآبار الارتوازية، و2000 دولار على معاصر الزيتون، وإنها قامت بالاستيلاء على أراضي السكان الأصليين والممتلكات مما يمنع عودة الأهالي إلى مناطقهم ويزيد من معاناتهم. وطالب المجلس المجتمع الدولي بالتدخل والضغط لوقف “هذه الجرائم وحضَّ تركيا على ممارسة دورها في هذا السياق، باعتبار أن المنطقة واقعة تحت سيطرتها عسكرياً وإدارياً”. كما طالب بإخراج جميع الفصائل المسلحة من المناطق الآهلة بالسكان وتشكيل مجالس مدنية من سكان المنطقة الأصليين لإدارة شؤونهم، وضمان عودة الأهالي إلى بيوتهم وأراضيهم بكرامة وأمان.
دعوة لوصاية دولية
من جهتها دعت دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية مجلس الأمن الدولي للبحث في ملف الشمال السوري وعفرين على وجه الخصوص، ووضعها تحت الوصاية الدولية لتهيئة الظروف الآمنة لعودة أبنائها وإخراج الميليشيات غير الشرعية، “والتي تسهم بصورة مباشرة في حماية وتوفير الأمان لقادة تنظيم ’داعش‘ الإرهابي في عفرين والشمال السوري المحتل، وهو ما يقوض جهود المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب”، بحسب البيان.
ودعت الإدارة الذاتية في السياق ذاته كل من روسيا والولايات المتحدة والمجتمع الدولي للضغط على تركيا لحثها على إنهاء احتلالها عفرين وإيقاف “مخططات التغير الديموغرافي المستمرة فيها تجاه الكرد”. وأشارت إلى أن “الفصائل أصدرت قرارات تمنع أبناء عفرين من استثمار أملاك أشقائهم المهجرين قسراً، بغية شرعنة الاستيلاء على تلك الأملاك وفرض الغرامات والإتاوات، وإجبار أهالي قرية كاخرة على توقيع أوراق مشبوهة وغير قانونية”، معتبرة أن “هذه الانتهاكات ترقى لمصاف جرائم حرب”.
سجل حافل بالانتهاكات
يتزعم محمد الجاسم (أبو عمشة) فصيل “السلطان سليمان شاه” المعروف بـ”العمشات”، وهو من أصل تركماني ومقرب من دوائر صنع القرار في تركيا، أدرجته الخزانة الأميركية العام الماضي مع أخيه وليد على قائمة عقوباتها بسبب “انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان في منطقة عفرين”. ونشر أبو عمشة أمس بيان القوة المشتركة التي تضم فصيله إلى جانب فصيل “الحمزة” والمشمول هو الآخر بقرار العقوبات الأميركية، وجاء فيه أن الروايات المتداولة في شأن قرية ياخور غير مبينة على الحقائق وأنهم تفاجأوا بحجم استغلالها وتضخيمها إعلامياً، لكن وسائل إعلامية معارضة نفت رواية القوة المشتركة وذكرت أن الشرطة العسكرية تجري تحقيقات في ما ارتكبه عناصر “العمشات”، وأن الرواية التي تقول إنها خلاف بين عائلات كردية وعربية كما يروجه الفصيل بعيد من الحقيقة، وأن القضية تعود لتسلط فصيل “السلطان سليمان شاه” على أهالي القرية وفرض الإتاوات تباعاً.