عن قرب
شفق نيوز- بغداد/ طهران
تشهد المنطقة حالة توتر غير مسبوقة بعد التصريحات الأخيرة للقادة الإيرانيين، الذين أكدوا أن “أي معركة مقبلة لن تتوقف إلا بزوال إسرائيل”، محذرين من فتح جبهات إضافية إذا تم استهداف إيران مجدداً.
وفي الوقت ذاته، تتصاعد الاتهامات المتبادلة بعمليات تجسس وهجمات سيبرانية وهجمات بطائرات مسيّرة، ما يعزز المخاوف من انزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة لا تُعرف حدودها.
وفي ظل هذا التصعيد، يتزايد الحديث عن موقع العراق في أي جولة قادمة من الصراع، خاصة استخدام أجواء البلاد من قبل إيران وإسرائيل خلال تبادل الضربات.
ردع إيراني
ويرى المحلل السياسي والخبير بالشأن الإيراني سعيد شاوردي، أن التصعيد الحالي ليس معزولاً عن “التحرشات الأميركية والإسرائيلية”، حيث إن واشنطن وتل أبيب “بدأتا حرب 12 يوماً ومستمرتان بالتهديد”، وأن موقف طهران هو رد فعل مباشر إزاء هذه التهديدات وما تعتبره “خطراً وجودياً”.
ويضيف شاوردي لوكالة شفق نيوز أن الحديث عن حرب مدمرة “ليس شعاراً”، إذ أن إيران أثبتت في المواجهة السابقة قدرتها على إيلام الولايات المتحدة وإسرائيل، وأنها اليوم في “جهوزية غير مسبوقة”.
لكن شاوردي يوضح أن الحرب في حال اندلاعها ستكون واسعة، لأن إسرائيل – بحسب رأيه – تستخدم أجواء دول عدة بينها السعودية والخليج وسوريا والعراق لضرب أهداف داخل إيران، وهو ما تعتبره طهران مساساً بسيادة تلك الدول.
ويحذر الخبير الإيراني من أن السماح لإسرائيل أو الولايات المتحدة باستخدام قواعد عسكرية في المنطقة لدعم أي هجوم سيجعل هذه الدول “جزءاً من الحرب”.
ويلفت الانتباه إلى أن الصراع المحتمل قد يعطل حركة الطيران وتدفق النفط عبر مضيق هرمز، الأمر الذي سيؤثر على الاقتصاد العالمي، ويضع بذلك المسؤولية – كما يقول – على واشنطن وتل أبيب “لوقف التصعيد ورفع العقوبات عن إيران”.
الفصائل تتحرك
من جانبه، يؤكد المتحدث باسم “كتائب سيد الشهداء”، إحدى أبرز الفصائل المسلحة في العراق، كاظم الفرطوسي، أن الفصائل العراقية تأمل ألا يتحول العراق إلى ممر لأي اعتداء، خصوصاً ضد إيران.
ويشير الفرطوسي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز إلى أن موقف الفصائل “ثابت”، لكنه يربط أي تحرك ميداني بما ستفرضه “المصلحة العراقية أولاً”.
ويحذر من أن العراق يفتقر إلى قدرات ردع حقيقية، سواء على مستوى الدفاعات الجوية أو منظومات الرادار، ما يجعله عرضة لأي تهديد، سواء من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو غيرهما، وبذلك، فإن الخطر – بنظره – قادم لا محالة ما لم يمتلك العراق أدوات لحماية سيادته.
ساحة التصعيد
أما العضو السابق في لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي محمد الشمري، فيعتبر أن ما يجري حالياً هو حرب إعلامية قد تحمل رسائل تصعيد، لكنه يوضح أن إيران تمتلك أدوات الردع التي تجعلها في حالة جاهزية دائمة، وهو الأمر ذاته بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل.
ويذكّر الشمري في حديث لوكالة شفق نيوز بأن حرب حزيران/يونيو الماضي بين إيران وإسرائيل التي استمرت 12 يوماً لم تحقق أهدافها لكلا الطرفين، فيما أصبح العراق في تلك الفترة معبراً للصواريخ الإيرانية والطائرات الإسرائيلية بسبب افتقاده للسيادة الجوية، لذلك، فإن أي صراع جديد سيجعل العراق – مرة أخرى – ساحة عبور وربما ساحة مواجهة.
وبناءً على ذلك، يشدد الشمري على ضرورة العمل على السلام وتخفيف التوتر الإقليمي، لأن العراق، بحكم موقعه، لن يكون بمنأى عن تداعيات أي مواجهة، قائلاً: “ما دامت إيران في خطر فالعراق في خطر أيضاً”، ما يتطلب السعي إلى حلول دبلوماسية وتفاهمات إقليمية.
معادلة صفرية
أما الخبير الأمني والاستراتيجي د.أحمد الشريفي فهو يذهب إلى أبعد من ذلك، مؤكداً أن الصِدام المقبل بين إيران وإسرائيل سيخضع لـ”المعادلة الصفرية”، أي أن كلاً من الطرفين يعتبر أن وجوده مهدد، وبالتالي يسعى لإزالة الآخر.
ويرى الشريفي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز أن العراق لا يمتلك القدرة على منع الفصائل المسلحة من الانخراط في أي مواجهة لصالح إيران، نظراً للارتباط الأيديولوجي بين الطرفين.
ومع غياب القدرة السياسية والمؤسساتية على ضبط تحركات الفصائل، فإن البلاد – بحسب الشريفي – مرشحة للانزلاق أكثر في أي مواجهة مقبلة.
وشهدت المنطقة في 13 حزيران/يونيو 2025 واحدة من أعنف جولات التصعيد، عندما نفذت إسرائيل عملية “الأسد الصاعد”، مستهدفة مواقع عسكرية ومنشآت نووية إيرانية، بينها منشأة نطنز للتخصيب، ما أسفر عن مقتل علماء وقادة بارزين من الحرس الثوري.
وردت طهران بعملية “الوعد الصادق 3″، مستهدفة عشرات المواقع العسكرية داخل إسرائيل بالصواريخ، كما شنت الولايات المتحدة لاحقاً ضربات على منشآت إيرانية في نطنز وفوردو وأصفهان، قبل أن يرد الحرس الثوري باستهداف قاعدة العديد الأميركية في قطر، وصولاً إلى وقف إطلاق نار هش تم التوصل إليه بين طهران وتل أبيب.

