توطين الفلسطينيين غربي العراق يعود إلى الواجهة مجدداً-

1

تقارير وتحليلات
شفق نيوز/ عاد التداول في الأوساط العراقية من جديد مقترح توطين الفلسطينيين في صحراء الأنبار، غربي العراق، بالتزامن مع تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رغبته في أن تستقبل مصر والأردن مزيداً من فلسطينيي غزة، الأمر الذي رفضته الدولتان.
وكان ترامب قد أعلن، في 25 كانون الثاني/ يناير الجاري، بمحادثة مع صحفيين من مجموعته الإعلامية أنه يعتقد أن من الممكن إعادة توطين سكان قطاع غزة الذين فقدوا منازلهم جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية الحالية في الدول العربية.
واليوم الثلاثاء، أعاد ترامب تأكيداته مجدداً على تصريحه الذي أثار رفضاً عربياً ودولياً بأنه “لم يتراجع عن فكرة نقل الفلسطينيين من غزة”.
وبرر ترامب مجدداً رغبته في تفريغ قطاع غزة من سكانه بالقول، إنه “يرغب في رؤيتهم يعيشون في منطقة بلا اضطرابات أو ثورات”، لافتاً إلى أن قطاع غزة كان جحيماً لسنوات عديدة.
وفي رد على سؤال بشأن تأييده حل الدولتين، قال ترامب إنه سيناقش ذلك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عندما يزوره في البيت الأبيض.
ومخطط إعادة توطين سكان قطاع غزة ليس بجديد، فقد أعلن عنه ترامب بعد فوزه بانتخابات 2016 حيث تعهد بتحقيق السلام في الشرق الأوسط قائلاً: “هذه هي صفقة القرن، وأنا بوصفي صانع صفقات، أود أن أعقد هذه الصفقة التي صعبت على الجميع من أجل البشرية جمعاء”.
وبعد أقل من أسبوع على عودته للبيت الأبيض لبدء فترة حكمه الثانية، قال ترامب إنه أبلغ العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في اتصال هاتفي أنه يريد أن تستقبل بلاده فلسطينيين من قطاع غزة، كما قال إنه يتوقع أن يقدم طلباً مماثلاً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إذ يتصور إمكانية نقل مليون أو 1.5 مليون فلسطيني إلى خارج القطاع.
كما طرح هذا المخطط عقب عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بعد تسريب وسائل إعلام عبرية وثيقة صادرة عن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، تقترح تهجير 2.4 مليون فلسطيني من غزة إلى شبه جزيرة سيناء في مصر ومناطق أخرى.
وعن موقف العراق، يقول النائب في البرلمان العراقي، محمد قتيبة البياتي، إن “هذا الموضوع إستراتيجي يخص الحكومة بالدرجة الأساس، لكن في حال عرضه على البرلمان، فمن الجانب الإنساني ربما يلقى استحساناً ومقبولية، أما ما يشاع من وجود أغراض سياسية وغيرها، فهذا نتحفظ عن الإجابة عليه”.
ويشير البياتي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن “المواطنين في المحافظات العراقية هم كرماء للنازحين ولغيرهم، لأنهم عانوا من النزوح والتهجير في فترات سابقة، لكن هناك جنبة اقتصادية في ظل الكثافة السكانية الحالية والتي هي خارج قدرة الحكومة في توفير الخدمات، فكيف الحال إذا ارتفعت أعداد السكان فيها”.
ويؤكد البياتي على الجانب الإنساني والاجتماعي بالقول، “أما إنسانياً وعشائرياً وقبلياً، فأن أبواب المواطنين مفتوحة لكل من تعرض للظلم والاضطهاد”.
من جهته، يرى النائب السابق عن محافظة الأنبار، نواف الغريري، أن “العراق لن يسمح بتجزئة فلسطين والسماح للشعب الفلسطيني بترك أرضه واللجوء إلى الدول العربية، وبالتالي تذهب أرض الآباء والأجداد”.
ويضيف الغريري لوكالة شفق نيوز، أن “العراق مع بقاء فلسطين أرضاً وشعباً لتبقى الدولة الفلسطينية، أما الحديث عن إنشاء أرض بديلة لغزة أو لفلسطين وتهجيرهم إلى العراق، فهذا الكلام غير صحيح وليس فيه مصداقية، ولن نسمح به”.
إلى ذلك، يقول المحلل السياسي من محافظة الأنبار، محمد دحام، إن “قرار استقبال اللاجئين الفلسطينيين في الأنبار هو ليس من صلاحية المحافظة بداية، وهو لا زال موضوع دعاية وتسويق إعلامي ليس إلا، وأن موقف العراق ثابت من القضية الفلسطينية ولا يعترف بتجنيس الفلسطينيين سوى تقديم المساعدات لهم، أما استقبال اللاجئين الفلسطينيين عبر الحكومة العراقية فحينها سيكون قرارها وليس قرار محافظة الأنبار”.
ويوضح دحام لوكالة شفق نيوز، أن “الحكومة المركزية إذا وافقت على إدخالهم كما دخل السوريون واللبنانيون فسيتم استقبالهم لكن ليس استقبالاً من أجل التوطين وإنما لظرف طارئ وعند زوال هذا الظرف الطارئ يتم إرجاعهم، أما التوطين وأخذ قطعة أرض وجنسية في الأنبار فهذا حتى سكان المحافظة يرفضون ذلك”.
يذكر أن زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، حذر في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مما سماها “فكرة خبيثة” تتمثل في نقل أعداد من سكان غزة إلى العراق، وتحديداً إلى محافظة الأنبار المتاخمة للأردن.
ونشر الصدر عبر حسابه في منصة “إكس”، أفاد فيها بأنه “خسئ كل من قال أو أقر بتهجير الشعب الفلسطيني إلى سيناء أو الأنبار أو النقب أو إلى غير ذلك مطلقاً، وكل من يتماشى مع هذه الفكرة الخبيثة الإرهابية، يؤيد من حيث يعلم أو لا يعلم، تمدد وتوسع الكيان الصهيوني الإرهابي الغاشم”.
وعن مدى إمكانية حدوث الترحيل، يقول الباحث في العلاقات الدولية والشأن الأمريكي، الدكتور كمال الزغول، إن “حدوث التقسيمات التي تحدث عنها ترامب، ليس بالأمر السهل، خاصة فيما يخص ترحيل أهل غزة إلى الأردن ومصر، فمعاهدات السلام بين الأردن وإسرائيل ومصر وإسرائيل لا تنص على ذلك، بل على العكس، فقد أشارت إلى بداية التفاوض حول الدولة الفلسطينية”.
ويوضح الزغول لوكالة شفق نيوز، أن “ترامب حاول في فترته الرئاسية الأولى تطبيق (صفقة القرن) لكنه لم يستطع وفشلت، فالأردن لن يقبل أن يكون وطناً بديلاً للفلسطينيين، والفلسطينيون لا يقبلون بذلك، ولذلك الرفض بدا واضحاً من الأردن ومصر”.
ويرى، أن “رؤية السياسة الأمريكية سوف تنصب على سوريا، فهناك معركة محتملة بين قوات سوريا الديمقراطية من جهة وتركيا وإدارة العمليات العسكرية في دمشق من جهة أخرى إذا لم تندمج (قسد) مع الحكومة الجديدة، وحتى مسألة استخدام القوة ضد الفصائل العراقية أو ضد إيران ما زالت بعيدة عن الرؤية الأمريكية، لوجود هذا الملف الشائك الذي قد يؤخر انسحاب القوات الأمريكية من سوريا والعراق، لعدم معرفة النتائج النهائية في سوريا”.
ويتابع، “لذلك سيكون اهتمام ترامب بالملف السوري على حساب كل الملفات، فإذا تم الحسم بين دمشق و(قسد)، عندها لكل حادث حديث، وقد تكون الدبلوماسية المكثفة والعقوبات هما سيدا الموقف مع إيران والعراق، وكله حسب تجاوبه مع متطلبات المرحلة”.
ويشير إلى أن “الحكومة العراقية قد تنأى بنفسها عن الدخول في أي صراعات في فترة ترامب، ومن المرجح أن لا تشتد المناكفات بين الفصائل العراقية والولايات المتحدة كوسيلة دبلوماسية لتجنب الصِدام ولضمان انسحاب أمريكا من العراق وسوريا، وهذا لن يحدث دون إنهاء الملف السوري بتوافق إيراني أمريكي حول الملف النووي”.
ويردف “أما بالنسبة لما يعرف بتقسيمات (حراس الأقاليم) فهي وهمية وشكلية، لكن تحصين كل دولة وطنية لوحدها هو الهدف المنشود للإدارة الأمريكية الجديدة لضمان الأمن والاستقرار”.
ويرى الزغول في ختام حديثه، أن “تصريحات ترامب حول غرينلاند وقناة بنما ومشاكل الحدود ومناكفة الصين ستجعل ترامب يهتم بمشاكله الداخلية عن الشرق الأوسط”.
وأعربت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، عن شكرها للدول والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية والأممية التي رفضت مخططات تهجير الشعب الفلسطيني.
والأحد الماضي، أكدت مصر، في بيان للخارجية، رفضها “المساس بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل”.
كما أكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في مؤتمر صحفي الأحد الماضي، أن “رفض الأردن للتهجير ثابت لا يتغير وضروري لتحقيق الاستقرار والسلام الذي نريده جميعا”.
الأمم المتحدة أيضاً رفضت تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة، حيث قال متحدثها ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحفي الاثنين الماضي: “سنكون ضد أي خطة تؤدي إلى التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، أو تؤدي إلى أي نوع من التطهير العرقي”.

التعليقات معطلة.