توماس فريدمان: هذا ما تسعى إليه الأطراف المتصارعة في سوريا.. لكن متى تنتهي الحرب؟

1

 

الكاتب Thomas L. Friedman

أسامة عمارة

قبل أسبوعين، كتبت عمودًا أثناء تواجدي على الحدود السورية الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، وقلت إن هذه الحدود هي ثاني أخطر منطقة حرب في العالم بعد شبه الجزيرة الكورية. أود مراجعة هذا العمود وتعديله.

هكذا افتتح الصحافي الشهير توماس فريدمان مقاله بصحيفة «نيويورك تايمز». وأضاف: «لكن بعد أن شاهدت مراسم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، حيث سار الرياضيون الكوريون الشماليون والجنوبيون معًا إلى الملعب في مهرجان الحب الأسبوع الماضي. وبعد أن شاهدت إسرائيل وهي تسقط طائرة بدون طيار إيرانية في سوريا، وتقصف قاعدة إيرانية في سوريا، وتفقد واحدة من طائراتها من طراز F-16 بسبب صاروخ سوري؛ وبعد أن قتلت الطائرات الأمريكية مجموعة من الروس بسبب اقترابهم من القوات الأمريكية في سوريا، أعتقد الآن أن الجبهة السورية– الإسرائيلية– اللبنانية هي أخطر منطقة في العالم».

هناك حيث تجدون أيضًا القوات السورية والروسية والأمريكية والإيرانية والتركية يتواجهون على الأرض وفي الجو –بجانب المرتزقة الشيعة من العراق ولبنان وباكستان وأفغانستان، و المقاتلين الأكراد الموالين للولايات المتحدة، وبقايا داعش، ومختلف المتمردين السنيين الموالين للسعودية والأردن، والقوزاق الأرثوذكس الروس الموالين للنظام السوري– كُل ضد الآخر!

وأشار الصحافي إلى ما نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، الأسبوع الماضي، من أن كل من روسيا وتركيا وإيران وإسرائيل فقدوا طائرات في سوريا بغضون أسبوع واحد.

ماذا يحدث في سوريا الآن؟
ويرى الكاتب أن كل طرف يريد تعظيم مصالحه وتقليل تأثير منافسيه عن طريق إقحام جنود قليلين في منطقة الخطر، بدلًا من القتال من أجل تحقيق أهدافه من خلال القوة الجوية والمرتزقة والمتمردين المحليين.

لقد تعلموا جميعًا –روسيا من حرب أفغانستان، وإيران من الحرب الإيرانية العراقية، وإسرائيل من حرب جنوب لبنان، والولايات المتحدة من حربي العراق وأفغانستان– أن شعوبهم لن تتسامح معهم إذا عادت جثث كثيرة من حرب برية في الشرق الأوسط.

يريد فلاديمير بوتين أن يخبر الروس بأن روسيا عادت قوة عظمى، وأنه صاحب الكلمة العليا في سوريا، ولكنه لا يضع أي جنود روس في خطر. وبدلًا من ذلك، يستخدم بوتين إيران لتوفير القوات البرية وتجنيد الوكلاء، مثل القوزاق من شركة روسية خاصة تدعى واجنر، للقتال والموت على الأرض.

ويقول الكاتب إن إيران التي شهدت انتفاضة شعبية تطالب بإنفاق أموال الدولة في الداخل، وليس في سوريا، هي التي تتعاقد من الباطن لدعم الحرب البرية بوكلائها مثل: حزب الله، ومختلف المرتزقة الشيعة من العراق وباكستان وأفغانستان. وبهذه الطريقة تسيطر إيران على دمشق، وتستخدم سوريا قاعدةً أماميةً للضغط على إسرائيل.

فالقوات الخاصة الأمريكية تسلح وتقدم النصائح للمقاتلين الأكراد في شمال سوريا لمحاربة داعش بريًّا. وتستخدم تركيا المتمردين السنة لمحاربة نفس المقاتلين الأكراد. وتستخدم كل من المملكة العربية السعودية وقطر والأردن مختلف المتمردين السنة لمحاربة القوات الشيعية الموالية للنظام السوري ولإيران، وتستخدم إسرائيل الذراع الطويلة لقواتها الجوية.

ويضيف فريدمان أنه في عام 2003 كتب عمودًا في الفترة التي سبقت إطاحة صدام حسين الأمريكية، التي أيدها بنفسه، وحذر في مقاله آنذاك: «القاعدة الأولى في أي غزو للعراق هي قاعدة تخزين الفخار: أنت كسرتها، إذن أنت تملكها. نحن حطمنا العراق إذن نحن نمتلك العراق». فإن القاعدة الملزمة في سوريا اليوم هي «أنت تملكها، إذن تقوم بإصلاحها». ولأن لا أحد يريد أن يتحمل مسؤولية إصلاح سوريا؛ لذلك يريد جميع الأطراف استئجار النفوذ هناك فقط.

ولكن هذا أمر مؤلم. وهذا يعني أنه ليس لدى أي من الأطراف المحلية ما يكفي من القوة، أو الموارد، أو الرغبة في التوصل إلى حل توفيقي؛ لتحقيق الاستقرار في سوريا من الأسفل إلى الأعلى، ولا يوجد أي طرف خارجي مستعد لاستثمار ما يكفي من القوة والموارد لتحقيق الاستقرار من أعلى إلى أسفل.

إلى أي مدى ستصل الاشتباكات بين إيران وإسرائيل؟
ولأن الجميع خائفون من الخسارة في سوريا، يستبعد الكاتب أن يتهور أي طرف، ويتوقع أن يستمر الإيرانيون وحزب الله في همز إسرائيل ووخزها، ولكن ليس للدرجة التي تجعل الإسرائيليين يسعون لتدمير كل أحياء حزب الله في لبنان، وضرب إيران بالصواريخ. وإسرائيل تعلم أن الصواريخ الإيرانية سوف تدمر ممر التكنولوجيا الفائقة على طول سهلها الساحلي.

الأتراك لا يريدون حربًا مع أمريكا، وأمريكا لا تريد حربًا مع روسيا، والروس يريدون أن يحصلوا على أكبر قدر من النفط السوري، واستخدام سوريا قاعدةً لها، بالإضافة إلى تعزيز صورتها بوصفها قوة عظمى، دون اشتباك مع أي شخص؛ لأنها أضعف بكثير مما تبدو عليه.

ويختتم فريدمان مقاله قائلًا: في نهاية المطاف، سوف يتعب اللاعبون ويصوغون اتفاقًا لتقاسم السلطة في سوريا، كما فعل اللبنانيون في نهاية المطاف، في عام 1989، لإنهاء حربهم الأهلية. ومع ذلك، فقد استغرق الأمر 14 عامًا من اللبنانيين لإدراك الأمر.

التعليقات معطلة.