اخبار سياسية

تونس ترفع التمثيل الدبلوماسي مع دمشق… الهدف “شبكات التسفير”؟

يتوقع مراقبون أن يعود إلى الواجهة ملف شبكات التسفير من تونس إلى بؤر الإرهاب.

يتوقع مراقبون أن يعود إلى الواجهة ملف شبكات التسفير من تونس إلى بؤر الإرهاب.

A+A-يبدو أن قضية شبكات التسفير إلى بؤر الإرهاب ستأخذ منحى جديداً مع إعلان تونس رفع تمثيلها الدبلوماسي في دمشق. فقد أعلنت الرئاسة التونسية أن الرئيس قيس سعيّد قرر رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي في سوريا، في خطوة وصفها مراقبون بأنها إشارة إلى عزم تونس على إعادة العلاقات كاملةً مع دمشق بعد أيام من الزلزال المدمر. وأرسلت تونس طائرات إغاثة إلى سوريا تتضمن فرق إنقاذ وحماية مدنية وأطباء ومساعدات غذائية وصلت إلى مطار حلب. لكن الرئيس سعيّد لم يتصل بالرئيس السوري بشار الأسد، فيما كان وزير الخارجية السابق عثمان الجرندي قد أعلن عن اتصال أجراه مع نظيره السوري ساعات قبل إقالته من منصبه وتسمية الوزير نبيل عمار بدلاً منه. 

 وقطعت تونس علاقاتها مع دمشق أيام حكم الرئيس منصف المرزوقي عام 2012، تزامناً مع الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في سوريا ضد الأسد، قبل أن تعود سنة 2017 لإرسال بعثة دبلوماسية محدودة العدد. قضية التسفيرويأتي رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي لتونس لدى دمشق تزامناً مع مباشرة القضاء التونسي قضية متشابكة، تعود أطوارها الأولى إلى عامي 2012 و2013 اللذين عرفا طفرة في توجه آلاف الشباب التونسي نحو سوريا والعراق وليبيا للقتال إلى جانب التنظيمات المتطرفة هناك، وصارت القضية تعرف إعلامياً بقضية “شبكات التسفير إلى بؤر الإرهاب”. وعادت قضية “تسفير تونسيين إلى بؤر التوتر” إلى الواجهة من جديد، بعد مثول عدد من قيادات حزب “حركة النهضة” أمام القضاء، من بينهم رئيسها راشد الغنوشي ونائبه علي العريض. وأصدر القضاء منذ أسابيع بطاقة إيداع في السجن في حق العريض، فيما لا يزال التحقيق مستمراً مع الغنوشي وباقي قيادات حزبه. 

 وكانت النائبة التي أعيد انتخابها أخيراً فاطمة مسدي قد تقدمت في كانون الأول (ديسمبر) 2021 بشكاية إلى المحكمة العسكرية تتعلق بـ”شبكات التسفير إلى بؤر التوتر” التي أحالت الملف إلى القطب القضائي للإرهاب “لأنه يضم مدنيين وعسكريين”. كلمة السّروأوضحت مسدي، في تصريحات إلى  “النهار العربي”، أنها قدمت وثائق وأدلة تثبت “تورط قيادات من حركة النهضة في هذه القضية”.وبحسب المعطيات التي رشحت من مسار التحقيق في هذه القضية، فإن عدد المتهمين بها من سياسيين وإطارات أمنية يقارب الألف. ورأت المسدي أن رفع تونس مستوى تمثيلها الدبلوماسي في دمشق سيكون كلمة السر في قضية شبكات التسفير إلى سوريا، مضيفة أن المئات من التونسيين يقبعون حالياً في السجون السورية ويستحيل التحقيق معهم لكشف هوية من ساعدهم وأرسلهم إلى هناك، بسبب غياب التواصل بين دمشق وتونس. وأضافت أن “اعترافات هؤلاء ستحل لغز التسفير، وستكون منطلقاً لتعرية الأطراف التي موّلت ويسّرت رحلات سفر الآلاف من الشباب التونسي إلى سوريا”. وأكدت أن السلطات في سوريا تملك الكثير من الأدلة والبراهين والتسجيلات الحاسمة التي من شأنها أن تنير الحقيقة، لكنها رفضت مد نظيرتها التونسية بها لعدم وجود قنوات تواصل رسمية. واعتبرت أن قطع العلاقات بين البلدين وقف حجرة عثرة أمام كشف الحقيقة الكاملة في قضية شبكات التسفير التي يطالب التونسيون بها، خصوصاً بعدما اكتوت البلاد بنارها وكانت أرضاً للعديد من العمليات الإرهابية والاغتيالات التي خطط لها هؤلاء المتهمون.وتوقعت أن تعرف المرحلة المقبلة تطوراً على هذا المستوى من خلال إصدار القضاء التونسي إنابات دولية إلى نظيره السوري للتحقيق مع الموقوفين في سجونه. وفود وملفات وفي سنة 2015، زار وفد من الإعلاميين التونسيين سوريا، من بينهم الصحافي زياد الهاني الذي أكد لـ”النهار العربي” أن وزير العدل السوري أخبرهم آنذاك أن سلطات بلده تمتلك ملفات تتعلق بقائمة التونسيين الذين وصلوا إلى سوريا، مع اعترافات دقيقة للعديد منهم تكشف الجهات التي استقطبتهم والطريق التي سلكوها.  وفي سنة 2017 زار وفد برلماني تونسي سوريا حيث التقى الأسد الذي أبدى استعداد بلاده حينها لمد تونس بكل المعلومات التي لديه، من دون أن يعرف هذا الأمر تطوراً بعد ذلك.  ويوم 8 شباط (فبراير) كشفت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، في مؤتمر صحافي، وثائق قالت إنها تثبت تورط “حركة النهضة” وزعيمها راشد الغنوشي في اغتيال السياسيين التونسيين سنة 2013. وفي فترة حكم حزب “حركة النهضة”، تعالت الفتاوى المشجعة على التوجه للقتال في سوريا باعتبارها “أرض جهاد”. وترفض “حركة النهضة” الاتهامات الموجهة إليها بالوقوف وراء شبكات التسفير إلى بؤر التوتر، وتقول إنها اتهامات كيدية لتصفية حسابات سياسية معها.ولا أرقام رسمية لعدد التونسيين الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية في كل من سوريا والعراق وليبيا، لكن تقديرات متفاوتة قدرت أعدادهم بالآلاف، عاد عدد منهم إلى تونس وقُتل عدد آخر هناك.