عصام محمد عبد القادر
تُعد الرقابة قيمة مؤسسية نبيلة، تستهدف مزيدًا من الضبط المؤسسي والتنظيمي، وتعمل وفق فلسفة النزاهة والشفافية، وتعزز الطريق نحو تحقيق أهداف مرسومة سلفًا، وتمهد مسارات التنفيذ، وتحاول القضاء على كافة مظاهر الانحراف المؤسسي، بل، تتغلب على التحديات والصعوبات باعتبارها حجر عثرة في تعطيل مسيرة الإنتاج المؤسسي، والخبرة المؤسسية أكدت أن الرقابة بالملاحظة تحولت من شكلها التقليدي، إلى فكرة التحليل والمراجعة التي تجنبنا الوقوع في الخطأ بصورة مسبقة، كما تستهدف مزيدًا من تقديم أطر الدعم والتوجيه؛ بغية تحسين الممارسات والأداءات، وفق آليات مقصودة.
نوقن أن ثمرة الرقابة في العمل المؤسسي، تتأتى عبر مضاهاة الأداء ونتاجه بالمخطط له مسبقًا، وهنا يتوجب البحث عن معايير الكفاءة والفعالية، الموجهة لترشيد وتحسين وتجويد الأداء المؤسسي، وهذا ما يجعلنا ندرك الدور الأصيل للرقابة المؤسسية، الكامنة في تعظيم المقدرات المادية والبشرية على السواء؛ لذا أضحى التمسك بماهية الحوكمة الرقمية الذكية أمرًا بالغ الأهمية؛ كونها تعضد ركائز النزاهة، وتقلل سبل وصور الهدر، وتغلق أبواب الخطأ المتعمد، من قِبَلِ قِلَّةٍ من المنتفعين، الذين لا يعبئون بالقيم النبيلة، ولا يتفهمون معاني وغايات المصلحة العامة للمجتمع قاطبة.
دعونا نتقبل فكرة الرقابة الداخلية، تجاه العمل المؤسسي، ولا نخشى تبعات تتمخض عنها؛ ومن ثم ينبغي أن نعمل جميعًا على تقديم صور التعاون البناء؛ من أجل أن تقوم الجهات الرقابية بأدوارها الفاعلة؛ بغية القضاء على براثن الفساد وأشكاله المتعددة، ومنها الرشوة أو الاختلاس، والمحسوبية والمحاباة في التعيينات والترقيات، واستغلال النفوذ لتحقيق مصالح شخصية أو فئوية، وتضارب المصالح الذي يُفقد القرار المؤسسي حياده وفاعليته، والتلاعب بالمال العام، وتزييف البيانات والتقارير، والتهرب من المساءلة، وتعطيل القوانين أو توجيهها لخدمة أفراد أو فئات بعينها.
يصعب على الجهات الرقابية أن تقوم بأدوارها، بعيدًا عن مساهمات مؤسسية، تساعد في الكشف عن مواطن الفساد، ومواقعه المنتشرة في ربوع المؤسسات؛ ومن ثم الدعوة صريحة حيال فقه التعاون، من خلال المجتمع المؤسسي، أو المجتمع المستفيد من الخدمات، ويتمثل ذلك جليًا في صور المبادرات الكاشفة عن مسارات، ومداخل، وصور الفساد المرصودة؛ لذا نتوقع أن تصبح مكونات المنظومة فاعلة، ولا يتعذر على الجهات الرقابية الأداء النوعي لمهامها الأصيلة المحددة في سياق القانون ولوائحه التنفيذية.
أتساءل عن أمر محير، قد يقوض النوايا الحسنة، ويعطي الدافع والمبرر لأصحاب نوايا الفساد بالعمل المؤسسي؛ فهل يمكن أن نحمي من يبلغ عن صور فساد، ونقيه من المساءلة إن لم يكن الأمر غير صحيح؟، واعتقد أن ذلك بعيد عن فكرة البلاغ الكاذب، الذي يضير بالآخرين، وهنا يتوجب أن نتبنى فلسفة الإفصاح؛ حيث إن الصمت يكرس الممارسات غير القويمة؛ لذا نحاول أن نوجه الدعوة لأصحاب الفكر الرشيد وفقهاء التشريع؛ لإقرار ما يحث ويشجع الفرد في أن يكشف الواقع؛ كي تتناغم الجهود للقضاء على دروب الفساد وصوره غير القويمة.
نود أن نسارع في بذل جهود مخلصة، ترسخ نتاج العمل المؤسسي المثمر، وتقضي على أشكال الفساد المضِرّة بمفرداتها، والمؤثرة سلبًا على منتسبي مؤسساتنا الوطنية بمختلف مجالاتها، وأتمنى أن تكون المواجهة جادة؛ كي تساعد في تجديد بنية العمل المنتج، ولا نتردد في التذكير بالمقولة: إن الفساد يتغذى على الصمت، ويزداد بالتباطؤ والإهمال في مواجهة صوره، وما نرغب فيه أن تزدهر بيئات العمل؛ لتعظم من الجهود، وتدفع إلى نهضة الوطن في كافة المجالات وبشتى الأماكن.
الدعوة إلى تعزيز ثقافة الرقابة من أجل القضاء على الفساد، تحمي المجتمع وحياته العامة، وتؤمن مستقبل الأجيال، وتوقف حالات الهدر لمواردنا؛ ومن ثم تحدث التنمية الاقتصادية بوتيرة متسارعة في كافة المجالات؛ لكن ترك الساحة لأصحاب المآرب الخبيثة على المدى القريب، يصيب الكيانات المؤسسية بالعجز، ويقضي على مسارات البناء، والإعمار، والتقدم، والنهضة في هذا البلد الأمين.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

