تستعد عيون العالم كلها لمتابعة الحدث المرتقب، حيث تبقت ثمانية واربعون ساعة فقط على الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستحدد مصير أكبر قوة عظمى في العالم، وفي الوقت ذاته، ترسم ملامح جديدة للتوازنات الدولية. هذا الحدث ليس مجرد اختيار لرئيس، بل هو محطة مفصلية قد تؤثر بشكل عميق على سياسات أمريكا الداخلية والخارجية، وبالتالي على استقرار العديد من المناطق الساخنة في العالم.
التغير أو الاستمرار: بين مرشحين ونهجين
الانتخابات المقبلة تحمل طابعاً خاصاً لعدة أسباب، منها الانقسام العميق الذي يعصف بالمجتمع الأمريكي، ومجموعة القضايا الحساسة التي فرضتها السنوات الأخيرة، مثل جائحة كورونا، التضخم الاقتصادي، وتفاقم النزاعات العرقية والاجتماعية. أمام هذه التحديات، يقف المرشحان بمواقف متباينة:
السياسات الخارجية
تتباين مواقف المرشحين في كيفية إدارة العلاقات الدولية، ففي حين يتبنى الديمقراطيون نهجاً قائماً على التحالفات والتعاون متعدد الأطراف، يعمد الجمهوريون إلى سياسات تتسم بنهج أكثر صرامة، مع التركيز على تعزيز مكانة الولايات المتحدة بمفردها. إذا فاز الجمهوريون، فقد نشهد تشدداً في التعامل مع قضايا مثل إيران والصين، وربما عودة للعقوبات المكثفة والضغوط الدبلوماسية.
التغيرات في الشرق الأوسط
بالنسبة للشرق الأوسط، يبقى السؤال عن مسار السياسة الأمريكية تجاه إيران محورياً. فوز الديمقراطيين قد يعني استمرارية التفاوض وإحياء الاتفاق النووي، في حين أن فوز الجمهوريين قد يعيد سياسة الضغط الأقصى، مع احتمال دعم أكبر لإسرائيل، وتوجهات قد تغير من وجه المنطقة.
السياسات الاقتصادية
داخلياً، هناك خلاف جوهري حول السياسة الاقتصادية والضرائب، حيث يدعو الجمهوريون لتخفيف الضرائب وتبني سياسة اقتصادية تعتمد على تقليل تدخل الدولة، بينما يدعم الديمقراطيون برامج الضمان الاجتماعي وزيادة الضرائب على الشركات والأثرياء. هذا الاختلاف لن يؤثر فقط على الاقتصاد الأمريكي، بل أيضاً على الأسواق العالمية المرتبطة بها، إذ يمكن أن تتغير توجهات الاستثمارات الخارجية وفقاً للنهج المعتمد.
أمريكا والعالم على مفترق طرق
في هذا المشهد، تبرز أسئلة حيوية تتعلق بمستقبل العلاقة بين واشنطن وحلفائها، حيث إن التغير في البيت الأبيض قد يعيد تشكيل التحالفات العالمية بشكل ملحوظ. أوروبا، التي تواجه أيضاً تحديات داخلية، تنظر بترقب لنتائج الانتخابات وتترقب ما إذا كانت ستجد في الإدارة القادمة شريكاً داعماً لاستقلالها العسكري وملفات الطاقة والأمن، أم شريكاً أكثر ضغطاً في إطار علاقة لا تخلو من التوتر.
وفي منطقة آسيا، تحديداً فيما يتعلق بالصين، ستحدد الانتخابات كيفية تعامل الولايات المتحدة مع أكبر منافسيها الاقتصاديين والاستراتيجيين، وهل سيتم تعزيز الحرب التجارية، أم ستستمر الجهود لبناء مسار يضمن المنافسة الحذرة. فوز أي من المرشحين قد يعني تغييراً أو استمراراً للسياسات التي تم اتباعها سابقاً، مما يجعل العالم بأسره مترقباً لمشهد قد يكون نقطة تحول في العلاقات الدولية.
ما بعد الساعات الاخيرة
بين ترقب العالم واستعداداته لكل الاحتمالات، يبقى الوضع مشحوناً بانتظار نتائج هذه الانتخابات المصيرية. وفي الداخل الأمريكي، سيحاول المرشح الفائز معالجة الأزمات المتزايدة التي تواجهها البلاد، من الاقتصاد إلى الصحة والأمن الاجتماعي. إلا أن العالم، الذي لا يملك إلا الانتظار، يترقب فيما إذا كانت الساعات القليلة القادمة ستسفر عن بداية عصر جديد من الاستقرار النسبي أو التوترات المستمرة.
لا يختلف اثنان على أن نتائج هذه الانتخابات ستمتد آثارها إلى أبعد من الولايات المتحدة، وستحدد مستقبل العلاقة بين الدول والقوى الكبرى في مرحلة يسودها عدم الاستقرار والتحديات المتنامية .