مقالات

جان جاك روسو

عبد الرزاق داغر الرشيد

ولد جان جاك روسو في جنيف من أب ساعاتي و أم أديبة و فنانة، توفيت و روسو لم يبلغ بعد الأسبوع الأول بسبب مضاعفات الولادة، وكان لذلك أثر كبير في نفسيته حيث يقول في كتابه إميل أو التربية “لقد كلفت ولادتي موت والدتي “. في العاشرة من عمره التحق بمدرسة خارج جنيف تعلم فيها الفلاحة و العمل في البساتين … وفي التاسعة عشر تعرف على السيدة دي وارنر وألحقته بالمدرسة وتعلم الموسيقى، كما درس مبادئ اللغة اللاتينية وتعرف على ما كتبه فلاسفة و مفكرون من مختلف العصور …
عاش حياة البؤس و الشقاء في مختلف مراحل حياته جعلته على دراية عميقة بأسرار المجتمع في عصره، و ما يحيط به من المفاسد، و يجهر برأيه في التربية والاجتماع و السياسة و الاقتصاد غير مبال بما قد يناله من عقاب …
من الكتب التي يعترف بتأثيرها في أفكاره هي جمهورية أفلاطون، ورسائل مونتين في التربية، ورسائل جون لوك في التربية و السياسة … ويعد روسو من بين المرجعيات البارزة في فلسفة التربية، نجد الاتجاه الطبيعي الذي حدد معالمه الفيلسوف جان جاك روسو، وبالخصوص من خلال كتابه المشهور إميل أو التربية.
من أهم كتاباته: مقالة عن الفنون والعلوم، مقالة عن أصل عدم المساواة بين الناس، مقال عن الاقتصاد السياسي، العقد الاجتماعي، إميل أو التربية، اعترافات. …
كان له آراء في مختلف المجالات أبرزها إيمانه بفكرة الدولة الطبيعية وبفكر المجتمع الطبيعي… أما فيما يخص آراءه في التربية فقد بين ان الطبيعة هي المعلم الرئيسي، اي أننا نتعلم عن طريق ثلاثة معلمين: الطبيعة و الإنسان والأشياء وان الهدف من التربية عنده هو التنمية الكاملة للفرد وليس فقط من أجل المواطنة أو الإعداد المهني .
كتاب إميل يعد مصدرا أساسيا في الفكر التربوي وصيحة جريئة، بل وثورة كوبرنيكية في زمن انحلت فيه الأخلاق وبسطت فيه الكنيسة المسيحية وصايتها على المجتمع. كما أنه إسهام في عملية التحليل التي تتناول فكر واحد من أهم المفكرين الذين أرسوا الدعائم الأولى للحرية والحرية في التربية، حيث اعتبر مسألة فساد الأخلاق داخل المجتمع لها تأصيلات في التربية.
يرفض روسو الأسلوب الذي يعتمد على الحفظ والاستظهار لأفكار بالية فاسدة، تجعل من الطفل آلة طيعة في مجتمع منحل وتهبط بمستوى قدراته إلى الحضيض. في مقابل ذلك يقترح أن يكون التعليم بمثابة تجربة سعيدة في حياة الطفل، تنمي قدراته وتعتني بصحته وخلقه وذكائه وقدرته على الخلق والإبداع والابتكار.
إن التربية التي حددها روسو قرينة الحرية: ولد الإنسان حرا وهو في كل مكان مكبل بالأغلال هذه العبارة أصبحت شعار قرن بأكمله- قرن التنوير- كيف لا وأفكاره تزداد قيمة من خلال الأثر الذي تركته في الفكر الفلسفي والسياسي والتربوي المعاصر واللاحق عليه، فقد ترك روسو في الفلسفة التربوية آثارا لا تمحى مبشرا ومؤذنا للعديد من الأفكار الفلسفية والسياسية والتربوية.