جرأةُ المصافحة وعدالة القضية

3

سامح كعوش

ما يثير الاستهجان حقاً، ليس لقاء رائد الدبلوماسية الإماراتية، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية الإمارات، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بل ما يثير الاستهجان هو هذا الاستهداف الممنهج لدولة الإمارات وجهودها في سبيل وقف إطلاق النار في غزة، وحماية الأبرياء والمدنيين فيها.

عن وزير الخارجية، أنقل بأمانة تصريحه بضرورة العمل فوراً على إدخال المساعدات الإنسانية دون عراقيل وبشكل مستدام، وتشديده على ضرورة إنهاء الحرب الدموية في قطاع غزة، وتفادي المزيد من الخسائر في الأرواح، ووضع حدّ للأزمة والأوضاع المأساوية التي يعانيها المدنيون في قطاع غزة، وأي كلام أسطع وأنصع وأوضح من هذا؟ بمفردات مثل “الحرب الدموية” في القطاع، و”الخسائر في الأرواح” و”الأوضاع المأساوية”، وهنا قطعاً تتجلى أنبل سمات النخوة والإنسانية في التضامن مع المقهور والانتصار للمظلوم الضعيف، وتتردّد أصدق صرخة سمعناها في أروقة الأمم المتحدة وقاعاتها، لا صراخ المقاطعة والممانعة وحشد الجيوش، والدعوة للمزيد من العنف الذي لم يكن إلا وبالاً على غزة وأهلها.

أعادت الإمارات التي تواصل دورها كأكبر مانح لقطاع غزة، مراراً وتكراراً ثوابت موقفها الداعم للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وحلّ الدولتين، في موقف الشيخ عبدالله بن زايد بتجديد تأكيد نهج الدولة الثابت في دعم جميع المساعي الرامية إلى تحقيق السلام الشامل القائم على أساس حل الدولتين، بما يساهم في تلبية تطلّعات الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وشعوب المنطقة كافة إلى مستقبل يسوده الأمن والاستقرار المستدامان، مشيراً إلى أهمية إعلاء قيم التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية في المنطقة، بما يحقق تطلعات شعوبها في الأمن والاستقرار والازدهار والتنمية المستدامة.

وليس آخر المحطات كلمة لانا نسيبة، وزيرة الدولة في الخارجية الإماراتية التي نصّت فيها على وجوب إقامة دولة فلسطينية، مؤكدة على أهمية حلّ الدولتين، مع إشارتها الواضحة، من على أعلى منبر أممي في نيويورك، إلى أن الإمارات ستستمر في هذا الدور بالرغم من القيود والعراقيل.

وليست الإمارات وحدها في وعيها العميق بما يضعه التطرّف أكان فلسطينياً أو إسرائيلياً، من معوّقات في وجه حلّ الدولتين المنشود، والذي يحقّق سلاماً واستقراراً منتظراً منذ عقود، ومتفقاً عليه ضمن بنود مبادرة السلام العربية التي أقرّتها الدول العربية مجتمعةً في بيروت عام 2002، تعبيراً عن قناعتها بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأيّ من الأطراف، وقبلها ضمن بنود اتفاقية أوسلو التي وقعتها القيادة الفلسطينية بشخص الرئيس الراحل ياسر عرفات، حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي كاتفاقية سلام تصل بالطرفين إلى حلّ الدولتين، اعترافاً صريحاً بحق الشعبين في العيش بسلام وأمن وإدانة استخدام الإرهاب والعنف بكل أشكاله.

هذه المقالة ليست إقراراً بأحقية الإمارات في كلمة حق تُقال، مع أن لها اليد الطولى وفضلاً لا يُنكر ولا يوفى مهما يُشكر، بل استنكار لهجمات إعلامية مخطّطة في الغرف السوداء، الغرف التي تعمل على شيطنة كل موقف والتقليل من كلِّ إنجاز، ألا يكفي ما اشتملت عليه زيارة الشيخ عبدالله بن زايد إلى نيويورك من محطات التضامن مع فلسطين، والتي تضمّنت مشاركته في الاجتماع متعدّد الأطراف لأبرز قادة وممثلي الدول العربية والإسلامية والذي استضافته الولايات المتحدة الأمريكية بدعوة من الرئيس دونالد ترامب، حيث أكد الشيخ عبدالله بن زايد على أهمية تجنّب الإجراءات الأحادية التي تقوّض مساعي المجتمع الدولي لتحقيق حلّ الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

التعليقات معطلة.