عيون وآذان (الجهاد ومايك بنس ونتانياهو)
أرجو أن يصبر القارىء العربي معي وعليّ، فالموضوع مهم.
في «لسان العرب»، وهو مرجع معتمد في فهم كلمات لغة العرب، تفسير الفعل المجرد الثلاثي «جهد» في خمسة أعمدة، وقرأت الجهد الطاقة، أو المشقّة، وجَهَد الرجل إذا هزل، وجهد دابته حملها على السير فوق طاقتها، والجَهْد بلوغك غاية الأمر، والجهْد الشيء القليل يعيش به المقلّ، والجهاد الأرض المستوية، والجهد (بضم الجيم) الوسع والطاقة، والجَهْد المبالغة والغاية، وفي حديث عثمان: والناس في جيش العسرة مجهدون، أي معسرون، وجُهِد الرجل فهو مجهود من المشقة.
ما سبق كله في أربعة أعمدة عن معنى الفعل جهد، وفي العمود الخامس فقرة واحدة وأخيرة تقول: جاهد العدو مجاهدة وجهاداً قاتله وجاهد في سبيل الله. وفي الحديث الشريف: لا هجرة بعد الفتح (أي فتح مكة) ولكن جهاد ونيَّة.
كتبت ما سبق على خلفية خبر وزعته هيئة الإذاعة البريطانية عن أسرة في تولوز، قررت أن تسمّي وليدها بالاسم «جهاد»، فكان أن وصل الاسم إلى القضاء.
اسمي جهاد، وقد سبق كل جهاد يدّعيه الإرهابيون، فقد اختاره الوالدان على خلفية أطماع اليهود الأشكيناز في فلسطين، وأذكر من سنوات قضيتها في المدرسة الثانوية التابعة للجامعة الأميركية في بيروت، أن طالباً آخر حمل الاسم «جهاد»، وأعتقد أنه كان جهاد ربيز، أي من الطائفة الأرثوذكسية، وهي طائفة المسيحيين العرب.
أنا المسمّى جهاد بسّام الخازن، لم أشترك في حرب إطلاقاً، بل لم أشارك في تظاهرة لأي سبب، واسمي لا يعني سوى الاجتهاد لتحقيق ما أريد لنفسي.
بدأت باسمي لأنه عزيز عليّ، غير أن الأخطاء المشابهة تتراكم، وقد قرأت لنائب الرئيس الأميركي مايك بنس، أن نسف مقر المارينز في بيروت سنة 1983 كان «أول طلقة» في الحرب على الإرهاب. أدين ذلك الحادث إدانة كاملة، ثم أقول إن 241 أميركياً قُتلوا فيه مع 58 فرنسياً، ولم أسمع أن سياسياً فرنسياً محترماً قال إن كل إرهاب لاحق بدأ مع نسف مقر المارينز.
مايك بنس من يمين اليمين الأميركي، وهو على يمين دونالد ترامب إذا كان هذا ممكناً، لذلك هو يهاجم إيران ويقول: «نسف مقر المارينز كان أول طلقة في حرب تدور منذ ذلك التاريخ، الحرب العالمية على الإرهاب».
مواقفه كلها من نوع ما سبق. فهو عارض إقامة لاجئين سوريين في ولاية أميركية، وكان قبل ذلك أيّد الحرب على العراق وزار بغداد مع السيناتور جون ماكين سنة 2007، وعارض إغلاق معتقل غوانتانامو، ويعارض قيام دولة فلسطينية. هو سيزور إسرائيل ومصر الشهر المقبل، فأرجو ألا يُستَقْبَل في مصر.
أقول لهذا المتطرف إن إسرائيل كلها قامت في أرض فلسطين، وإنه يؤيد الإرهاب الإسرائيلي والاحتلال والاستيطان. بكلام آخر، هو من نوع دونالد ترامب جهلاً وحمقاً وأخطاء.
هو أيضاً من نوع الإرهابي بنيامين نتانياهو، الذي يحاول حزبه إصدار قانون يمنع محاكمة رئيس وزراء وهو في الحكم. هو زعم أنه لا يريد أي مشروع قانون يفيده، مع أن عضوي الكنيست اللذين قدّما الاقتراح من أقرب أنصاره وهما رئيس التحالف البرلماني ديفيد بيتان، وديفيد أمسالم الذي يبدو أن نتانياهو نصحه من وراء الستار بإثارة مشكلة داخل التحالف الوزراي، بسبب مشروع القانون الذي يقيّد حركة نتانياهو.
المشكلات داخل التحالف الذي يقوده نتانياهو، أدّت إلى وقف إقرار مشاريع قوانين أخرى، بينها واحد يدعو إلى زيادة سكان القدس من اليهود وخفض عدد الفلسطينيين المقيمين فيها. القدس عربية بقدر ما أن نتانياهو يهودي أشكينازي دخيل على بلادنا ككل محازبيه.