جهـة واحـدة ومسيرات من نوع واحـد هاجمت كردستان و الرادارات

1

التحالف الدولي يكشف مواقع انطلاق “الدرونات المنفلتة”
بغداد / تميم الحسن
كشفت مصادر أمنية عن تحديد أسماء مشتبه بهم ضمن “قيادات فصائل مسلحة”، على خلفية الهجمات التي استهدفت “رادارات عسكرية” نهاية حزيران الماضي.
وتضمنت قائمة الموضوعين على لائحة الاشتباه شخصيات سبق أن احتُجزت مؤقتًا في سنوات سابقة بسبب قصف السفارة الأميركية.
وكانت الحكومة قد أعلنت، الأسبوع الماضي، عن كشف الجهات المتورطة في تلك الهجمات دون ذكر أسماء، فيما اعتذرت المصادر التي تحدثت إلى (المدى) عن الإفصاح عن عدد أو هويات المشتبه بهم، بسبب حساسية الملف.
وأكدت المصادر أن “بعض المتهمين سبق أن تم اعتقالهم في عهد حكومة مصطفى الكاظمي، لكن أُفرج عنهم لاحقًا تحت ضغط من تلك الجماعات”.
وكانت حكومة الكاظمي (2022-2020) قد أعلنت أكثر من مرة عن اعتقال متهمين باستهداف القوات الأميركية والمنشآت الدبلوماسية الغربية.
وفي مقابلة تلفزيونية أجراها في حزيران الماضي، قال الكاظمي إن بعض الجماعات كانت “تعمل ليلًا مع الفصائل ونهارًا مع الحشد”.
طريق المسيّرات
ووفقًا للمصادر، فإن الطائرات المسيّرة التي استُخدمت في استهداف الرادارات انطلقت من مناطق جنوبي بغداد، قريبة من جرف الصخر، وذلك بعد أن قدم التحالف الدولي المساعدة في تحديد مواقع إطلاق تلك الطائرات.
ولا يمتلك العراق تقنيات متقدمة لرصد مواقع انطلاق المسيّرات أو التعامل مع أهداف جوية من هذا النوع، بحسب الخبير العسكري واللواء المتقاعد صفاء الأعسم.
وفي نهاية تموز 2024، اعترفت “كتائب حزب الله” بأنها تعمل على “تطوير مسيّرات” بمساعدة “خبراء”، في تعليق لها على قصف أميركي استهدف منطقة الجرف.
وقالت “الكتائب” في بيان آنذاك إن تلك المسيّرات كانت مخصصة لـ”حماية زوار أربعينية الإمام الحسين” أثناء المسير إلى كربلاء.
وأعلن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء صباح النعمان، في بيان الجمعة الماضية، أن التحقيقات بشأن استهداف الرادارات توصّلت إلى “تحديد منشأ المسيّرات المستخدمة في الهجمات”، مضيفًا أنها “تحمل رؤوسًا حربية بأوزان مختلفة ومُصنّعة خارج العراق، لكنها انطلقت من مواقع داخل البلاد”.
وأكد أن الجهات الأمنية “كشفت الجهات المتورطة في تنفيذ وتنسيق هذه الهجمات”، دون الإفصاح عنها، موضحًا أن “جميع المسيّرات الانتحارية المستخدمة من النوع ذاته، ما يشير إلى أن الجهة المنفذة واحدة”، مشددًا على أن السلطات ستتخذ “الإجراءات القانونية بحق جميع المتورطين وإحالتهم إلى القضاء العراقي العادل”.
معلومات غير دقيقة
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد صرّح قبل أكثر من أسبوع بأن التحقيق في حادثة استهداف منظومات الرادار لا يزال جاريًا، وأن “لجنة فنية مختصة” تتابع تفاصيل الحادث الذي تسبب بأضرار طفيفة في بعض القواعد، وأضرار مباشرة في منظومة الرادار بمنطقة التاجي.
وأكد السوداني أنه “تمت الاستعانة بخبرات من التحالف الدولي لتحديد منطقة الانطلاق والمسافة، لما يتطلبه هذا النوع من الهجمات من تحليل فني دقيق”، مضيفًا أن “المنفّذ سيُحاسب أياً كان، ولن يمرّ هذا الاعتداء مرور الكرام”.
وكانت معلومات سابقة قد رُوّجت بشأن ضلوع إسرائيل في إدخال المسيّرات إلى العراق، لكن تبين لاحقًا وفق تقارير استخبارية، أن تلك المعلومات غير دقيقة.
وفي 24 حزيران، فتحت بغداد تحقيقًا في سلسلة هجمات ليلية بمسيّرات هجومية استهدفت مواقع وقواعد عسكرية عراقية، وتسببت في تضرر منظومات الرادار في بعض القواعد، مثل معسكر التاجي شمال بغداد وقاعدة الإمام علي الجوية في الناصرية.
ورجّحت المصادر الأمنية أن تكون الهجمات الأخيرة على كردستان، خلال الأسبوعين الماضيين، من تنفيذ الجهة ذاتها، مؤكدة أن “الطائرات نُقلت إلى مواقع قرب كركوك”.
وأشارت إلى أن “المسيّرات التي استهدفت الرادارات والمنشآت النفطية في الإقليم هي من النوع نفسه”، لكن تضاربت المعلومات بشأن منشأ تلك المسيّرات، حيث تؤكد بعض المصادر أنها “مُصنّعة داخليًا”، وهو ما يخالف رواية المتحدث العسكري الرسمي.
تعميق الخلافات
وفي مطلع تموز الحالي، فتحت بغداد تحقيقًا ثانيًا في سلسلة هجمات جديدة على كردستان تجاوزت 30 مسيّرة، دون أن تُعلن النتائج حتى الآن.
وأدت تلك الهجمات التي طالت منشآت نفطية إلى تعميق المشكلة بين بغداد وأربيل، التي كانت قد أعلنت مؤخرًا التوصل إلى اتفاق ينهي “أزمة الرواتب”.
وقال الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، إن لجنة التحقيق توصلت إلى أن إقليم كردستان “لا يستطيع تسليم أكثر من 31 ألف برميل يوميًا لبغداد، بدلًا من 230 ألف برميل “كما نص عليه الاتفاق الأخير.
وعزا المرسومي هذا التراجع إلى “الهجمات الأخيرة التي استهدفت الحقول النفطية في الإقليم”.
وجدد رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، يوم الأحد الماضي، استعداد حكومته لتسليم النفط المنتج إلى الحكومة الاتحادية مقابل تأمين الرواتب وحصة الإقليم من الموازنة.
وأشار، خلال افتتاحه مشروع “ماء طوارئ” في أربيل، إلى أن “الهجمات الإرهابية بالمسيّرات المفخخة التي تستهدف الحقول النفطية ستؤدي إلى خفض الإنتاج، ونأمل ألا تُتّخذ ذريعة لعدم إرسال الرواتب”.
وأعلنت بغداد، الخميس الماضي، التوصل إلى اتفاق مع أربيل لاستئناف تصدير النفط الخام من كردستان، بعد توقف دام أكثر من عامين بسبب الهجمات على الحقول.
وفي وقت سابق، وصفت قيادة العمليات المشتركة في خلية الإعلام الأمني استهداف الحقول النفطية في الإقليم بـ”الاعتداء الخطير”، وتوعدت بملاحقة المتورطين.
وأكدت القيادة، في بيان الجمعة الماضية، أن “الاستهدافات الأخيرة لمنشآت وحقول نفطية، إضافة إلى محاولات استهداف القواعد والمعسكرات، هي اعتداء آثم وخطير يقوّض جهود استقرار العراق ومشاريع البناء والتنمية”.
وشددت على أن “الأجهزة الأمنية ستلاحق كل من يعبث بأمن البلاد ومقدّراتها، ومن يتعاون معهم، وتقديمهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل”.
وبحسب بعض التقديرات، تسببت الهجمات الأخيرة في توقف إنتاج نحو 200 ألف برميل يوميًا من نفط إقليم كردستان.
وكانت وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم قد أعلنت، الأربعاء الماضي، عن تعرّض عدد من الحقول النفطية لهجمات بمسيّرات مفخخة.

التعليقات معطلة.