أبرزت قمة منتدى الدول المصدرة للغاز أهمية دور الغاز الطبيعي في تحقيق مستقبل مستدام، وأكدت مكانة الدول المصدرة في استقرار السوق واقتصادات الدول الصناعية، في ظل التحولات الجيوسياسية العالمية. وانطوى “اعلان الجزائر ” على رسائل سياسية للولايات المتحدة والغرب، بإدانته “القيود الاقتصادية الأحادية الجانب…التي تؤثر على تجارة الغاز وأمن الإمدادات” و”رفض التدخل في الأسواق ووضع سقوف للأسعار” و”ضرورة حماية المنشآت الطاقوية في العالم”، الا أن الجزائر سعت في الوقت نفسه الى تقديم نفسها مزوداً رئيسياً للغاز الطبيعي للدول الاوروبية الساعية الى تخفيف اعتمادها على الغاز الروسي، بعد الاتفاقات التي عقدتها مع ايطاليا وألمانيا، آملة في توسيع شراكاتها وسط توقعات بتزايد الطلب على الغاز في السنوات المقبلة. فعلى رغم الاستثمارات الكبيرة في الطاقة المتجددة كبديل للوقود الأحفوري، توقع المنتدى في تقريره السنوي “Global Gas Outlook 2050” عن توقعات الغاز العالمية 2050 أن يرتفع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي بنسبة 34% بحلول 2050، وأن تنتقل مساهمته في المزيج الطاقوي العالمي من 23 في المئة حاليا إلى 26 بالمئة بحلول 2050. وتنسجم هذه التقديرات مع تقرير الوكالة الدولية للطاقة التي رجحت في تقريرها الفصلي الأخير الصادر في كانون الثاني (يناير) الماضي أن يسجل الطلب على الغاز زيادة ملحوظة عام 2024 مقارنة بالعام الماضي، وعزت ذلك إلى توقعات بتسجيل درجات حرارة منخفضة، وتراجع أسعار هذه المادة.
وعلى مدى ثلاثة أيام استضافت الجزائر، منتدى الدول المصدرة للغاز الذي بات يضم 21 دولة (13 عضواً و8 مراقبين) تمثل 70 في المئة من احتياطات الغاز العالمية. وتوج المنتدى أعماله بقمة الزعماء ورؤساء حكومات وممثلي الدول الأعضاء، الذين أقروا توصيات المنتدى لمستقبل قطاع الغاز والتحديات التي تواجه المنتجين، بما فيها التوجه الأوروبي نحو فرض غرامات على كل ما هو غير نظيف في إطار عملية تحول الطاقة ما يهدد إنتاج وتصدير الغاز.
في الشكل، شكل حضور عشرة زعماء ثقلاً للقمة وأكسب “إعلان الجزائر” أهمية إضافية. وفي المضمون، شمل الاعلان رسائل سياسية واقتصادية عدة، لخصها المحلل الاقتصادي عبدالكريم علام كالتالي: – المكانة المهمة للغاز في السياق الدولي المتوتر وتحوله سلعة استراتيجية وأساسية لتنمية الدول المتطورة. والدليل هو الصعوبات التي يواجهها اقتصاد المانيا، الأكبر في أوروبا، بعد توقف امدادات الغاز من روسيا.- ضرورة اعادة النظر في الاهمية السياسية والاقتصاديةللغاز ، وبالتالي ايجاد توازن بين الدول الصناعية والدول المصدرة للغاز . -الغاز سيكون عنصراً أساسياً في التحول الطاقوي. – رفض تحديد سقف لأسعار الغاز .-تضامن المنتدى مع الدول الاعضاء التي تواجه عقوبات.- لا تطور صناعياً واقتصادياً للدول الصناعية من دون الاخذ في الاعتبار مصالح الدول المصدرة للغاز. ويضم “منتدى الدول المصدرة للغاز” الذي تأسس في شهر أيار (مايو) من العام 2001 في طهران، الجزائر وبوليفيا ومصر وغينيا الاستوائية وإيران وليبيا ونيجيريا وقطر وروسيا وترينيداد وتوباغو والإمارات العربية المتحدة وموريتانيا (انضمت في المنتدى الأخير). وهو يعقد سنوياً بدون هيكل مؤسسي وطابع رسمي ، وإن يكن تطور ليصير منظمة دولية، مع توقيع اتفاق بشأن عمل الأمانة العامة والنظام الأساس للمنتدى في الاجتماع الوزاري السابع في موسكو خلال كانون الأول (ديسمبر) 2008،واختيار قطر مقرا رئيسيا للمنتدى. وتوفر دول المنتدى 44 بالمئة من انتاج الغاز المسوق، وتستحوذ على 52 بالمئة من خطوط الأنابيب، و51 بالمئة من صادرات الغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم. وقبل القمة، تحدثت تقارير عن نية لانشاء منظمة أو تكتل للغاز على منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك” تتولى رسم سياسة واستراتيجية غازية على المدى القصير والمتوسط والطويل. ولم يأت البيان الختامي على ذكر هذا الأمر. إلى ذلك، تحدث الأمين العام ل”أوبك” هيثم العيص عن تعاون بين اوبك والمنتدى، قائلاً إن”هناك 7 دول مشتركة في عضويتها بين المنتدى والاوبك وهذا في حد ذاته يسهل الية التعاون بينهما”. ولفت الى تفعيل الية منصة التعاون والتحاور بين المنتدى والمنظمة منذ عدة سنوات وخصوصا العام الماضي.