حتى رمال غزة تقاوم إسرائيل وتفتك بجنودها

2

قبل نحو أسبوعين، أصيب جندي إسرائيلي من القوات البرية المتوغلة في قطاع غزة بعدوى فطريات، وعلى إثرها نقل لقتلي الرعاية الصحية في مركز طبي داخل إسرائيل، إلا أنه لم يستجب للعلاجات وفارق الحياة.

وبعد إجراء فحوص مخبربة وطبية، تبين مع الاتحاد الإسرائيلي للأمراض التلوثية أن الفطريات التي وصلت إلى الجندي، وأصيب بها أيضاً نحو 10 حالات أخرى، لديها القدرة على مقاومة العلاجات، وقد تسبب الوفاة إذا وصلت لأي جسم بشري.

تفاصيل أوسع

وفي تفاصيل الحادثة، فإن جندياً إسرائيلياً أصيب بجروح خطرة في أطرافه السفلية خلال المعارك الضارية شمال غزة، وسقط على الأرض وبالتحديد في منطقة ترابية ولامس جسده الرمال.

تلقى الجندي علاجاً مبدئياً في ساحة القتال، لكن حالته ساءت كثيراً، وبعد عملية التشخيص تبين أنه مصاب بمرض فطري، وعلى إثر ذلك أجلي إلى مستشفى “أسوتا” في أسدود لعلاجه.

حاول الأطباء في المستشفى علاج الجندي مستخدمين المضادات الحيوية، لكن جسده لم يستجب، فأخضع تحت الملاحظة على مدار الساعة إلا أن حالته تطورت سلبياً، فاستدعى الأطباء خبراء دوليين جلبوا معهم علاجات تجريبية من الخارج، لكن في نهاية المطاف تمكنت الفطريات من السيطرة على أعضاء الجندي مما تسبب بموته.

فطر مقاوم للعلاج

أجرى الباحثون في الاتحاد الإسرائيلي للأمراض التلوثية سلسلة اختبارات على عينات من الفطر الذي أصيب أو انتقل إلى جسد الجندي، وأثبت الفطر أن لديه القدرة على مقاومة العلاجات.

تقول رئيسة الاتحاد الإسرائيلي للأمراض التلوثية غيلا راهاف “هناك نحو 10 جنود حتى الآن أصيبوا بعدوى هذه الفطريات، وحالتهم الصحية غير مستقرة، نحن نتحدث عن فطر لم يظهر من قبل في أية حرب سابقة على مستوى العالم”.

وتضيف راهاف “أغلب الظن أن الفطريات هذه موجودة في تربة القطاع، واحتمال أن يكون مصدرها هو تلوث التربة بمياه الصرف الصحي، ويتم فحص إن كانت متعلقة بالأنفاق”.

تحور مستمر

وتوضح متخصصة الأمراض التلوثية أن أغلب الحالات أدلت بشهادات تؤكد ملامسة التربة والطين، مما تسبب التعرض لهذه البكتيريا المقاومة للعلاج التي تسبب العفن والالتهابات، إذ يتطلب الأمر في بعض الأحيان التدخل الجراحي مثل التنظير لإزالة الأنسجة المصابة.

تشير راهاف إلى أن الفطريات يطرأ عليها تغييرات وتتحور بمرور الزمن، فتصبح غير مستجيبة للأدوية بعد ذلك، مما يصعب علاج الالتهابات، ويزيد خطورة انتشار الأمراض والاعتلالات الوخيمة والوفيات بين الجنود.

نشرت جمعية الأمراض المعدية (IID)، وهي مؤسسة إسرائيلية، أنه عثر على عديد من مسببات الأمراض المقاومة للأدوية، من بينها السلالات البكتيرية شديدة المقاومة من الكليبسيلا، والإشريكية القولونية وفطريات الرشاشيات.

إجلاء مرضي

في الواقع ليس هذا المرض وحده الذي انتشر بين صفوف الجنود الذين يوجدون في غزة، بل في وقت سابق من هذا الشهر، تفشي مرض الزحار وأصيبت القوات الإسرائيلية بالإسهال والأمراض المعوية التي تتطلب عملية إجلاء لتلقي العلاج الطبي.

وبحسب صحيفة “واينت” وهي النسخة الإلكترونية من صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، فإنه أجلي حوالى 18 جندياً من قطاع غزة لتلقي العلاج جميعهم أصيبوا بأمراض معوية خطرة، وذكرت أن الجيش يواجه ارتفاعاً غير عادي في حالات الإصابة بالتسمم الغذائي.

وفي تعقيب للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، قال دانيال هاغاري “هذه حادثة لمرة واحدة أصيب فيها حوالى 18 جندياً بأمراض معوية، وأجلي المقاتلون من قطاع غزة ليتلقوا الرعاية الطبية”، فيما لم يصدر عنه أي توضيح في ما يتعلق بالمرض الفطري.

خطر الأوبئة

جاء تفشي الأمراض بين الجنود الإسرائيليين في وقت حذرت فيه منظمة الصحة العالمية من تزايد خطر تفشي الأوبئة في غزة، مع تفكك خدمات الرعاية الصحية وانهيار أنظمة المياه والصرف الصحي.

ويقول المتحدث باسم بلدية غزة حسني مهنا “تعيش غزة كارثة صحية وبيئية خطر من جراء استمرار تسرب مياه الصرف الصحي إلى البحر، وإلى مناطق مهمة وحيوية في مناطق مختلفة مدن القطاع”.

ويضيف مهنا “غرقت مناطق في شمال غزة بمياه الصرف الصحي، وذلك مع توقف عمل المضخات بعد نفاد الوقود المطلوب لتشغيلها، الأمر الذي يظهر تهديدات بيئية وصحية، ويؤدي إلى انتشار الأوبئة”.

ويوضح مهنا أن طواقم البلدية عاجزين عن الوصول إلى مكان تسرب مياه الصرف الصحي وفحص التربة إذا ما كانت تلوثت أو أصابها ميكروبات أو انتقل إليها فطريات وبكتيريا، لكنه يجزم أن كارثة صحية وأوبئة تنتظر السكان الفلسطيني.

حقل ألغام

ومن جانبه يقول رئيس قسم الأوبئة في وزارة الصحة هيثم عمران إن تربة غزة تحولت إلى حقل ألغام بسبب تسرب مياه الصرف الصحي إلى الشوارع والبحر، وذلك بعد أن دمرت إسرائيل شبكات الصرف الصحي ونفد الوقود من منطقة الشمال.

ويضيف “بمجرد ملامسة ملامسة مياه الصرف الصحي للتربة تختلط الجراثيم والميكروبات في الرمال وتنتقل عند الملامسة، هذا ينطبق أيضاً على البارود الناتج من المتفجرات الإسرائيلية”.

وبحسب عمران فإن تربة غزة ملوثة في بكتيريا راكدة من نوع بومانية، وهي معدية ويمكنها أن تؤدي للوفاة وقد لا تستجيب للعلاجات، وإذا ما لامست الجروح فإنها تجري مع الدم ويتسمم.

التعليقات معطلة.