حراك تركي – مصري – قطري بشأن ليبيا… صفقة وشيكة أم تحالفات جديدة؟

1

محادثات الدبيبة وفيدان في طرابلس.

تترقب الأوساط الليبية نضوج عملية إعادة صوغ العلاقات الإقليمية، ونتائجها على خريطة التحالفات المحلية، وتأثيرها على المشهد السياسي المتعثر. وقبيل زيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعاصمة المصرية، هي الأولى منذ عام 2013، وصل وزير خارجيته هاكان فيدان إلى العاصمة الليبية طرابلس، وبالتزامن كان رئيس مجلس النواب يزور العاصمة القطرية الدوحة ضمن جولة خليجية. هذا الحراك مُهد له بانفتاح علني على مستوى العلاقات الاقتصادية بين العاصمة المصرية وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بعد شهور من القطيعة، الأمر الذي فتح الباب واسعاً لتكهنات عن تفاهمات مصرية – تركية تقضي بدمج حكومتي الشرق والغرب الليبيين في خطوة لحل الأزمة المحتدمة منذ آذار (مارس) عام 2022، والتي تمثل أحد تحديات تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية المطلوبة دولياً ومحلياً. الوجود العسكريوإذا كان فيدان قد تحدث قبل ساعات من وصوله إلى طرابلس عن تداعيات وصفها بـ”الإيجابية على ليبيا من وراء تطبيع العلاقات مع مصر”، وحدد بالخصوص المشهد السياسي وأمن البحر المتوسط، معلناً إعادة افتتاح قنصلية بلاده في مدينة بنغازي (شرق ليبيا) قريباً، إلا أن رأس الدبلوماسية التركية حرص على بدء زيارته الأولى لليبيا بتفقد قوات بلاده المتمركزة في مطار معيتيقة في طرابلس، بما بدا رسالة بأن مستقبل وجود هذه القوات ليس مطروحاً لتقديم تنازلات. 

 وكان فيدان قد التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، مؤكداً استمرار دعم أنقرة خطوات المجلس الرئاسي للوصول إلى الاستحقاق الانتخابي وفق ملف المصالحة الوطنية، وقبلها اجتمع مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية، موضحاً أن زيارته لليبيا “تأتي في إطار توحيد الجهود بين البلدين ومناقشة عدد من الملفات المشتركة بينهما ودعم الجهود الدولية لإجراء الانتخابات، وكذلك التطورات في عدد من الدول الإقليمية بهدف تنسيق الجهود بين البلدين”. واختتم الوزير التركي الزيارة بمحادثات مع رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة أكد خلالها أن زيارته تهدف إلى “دعم المسار الديموقراطي الليبي، والمصالحة الوطنية الشاملة، وتوحيد الصف الليبي، لتحقيق الاستقرار في البلاد وكامل المنطقة”.

 تغيير في الاستراتيجية التركيةالمحلل السياسي الليبي أحمد مهداوي لاحظ تغييراً في استراتيجية تعامل أنقرة مع ليبيا “إذ أنهت مقاربتها السابقة بالتعامل فقط مع حليفها الحاكم في الغرب الليبي وباتت تبحث عن انفتاح للتعامل مع كل الأطراف، وأن تكون محايدة، خصوصاً في ظل التقارب المصري – التركي”، عازياً هذا التغيير إلى أن “شرق ليبيا مقبل على صفقات ضخمة لمشاريع إعادة الإعمار وأنقرة لا تريد أن تكون بعيدة منها، وكذلك الشركات التركية تحتاج إلى توسيع حضورها في ليبيا في ظل التضخم والأزمة الاقتصادية التي تعانيها تركيا”، مؤكداً لـ”النهار العربي” أن محاولة التقارب هي “للاستفادة الاقتصادية بحصة كبيرة من العقود. الكل يبحث عن مقاربات جديد تضمن مصالحه”. لكن مهداوي رأى أن ترجمة الانفتاح التركي على كل الأطراف “تقتضي بداية سحب القوات التركية المتمركزة في الغرب وفتح ملف المرتزقة بجدية، وهو مطلب ملح لليبيين، وكذلك وقف الدعم وتوريد السلاح للميليشيات”. أما المحلل السياسي أحمد معيوف فأكد أن “كل دولة تبحث عن مصالحها وليبيا باتت مسرحاً للتنافس بين الدول، وزيارة وزير الخارجية التركي تصب في مصلحة بلاده بالدرجة الأولى، وتعكس أيضاً تطور العلاقات بين القاهرة وأنقرة والتفاهمات المتوقعة”. وقال لـ”النهار العربي”: “مصلحة ليبيا هي مسألة عارضة إذا تم التوافق عليها يتم العمل عليها، إما إذا لم يحدث التوافق فتُتجاهل”. تطبيع بين الدبيبة وحفتر؟واستبعد معيوف أن يؤدي تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا إلى تطبيع بين الدبيبة وقائد “الجيش الوطني” خليفة حفتر “لأنهما خصمان يتصارعان على المصلحة نفسها، والدليل فشل مبادرة الموفد الأممي عبد الله باثيلي في مجرد جمع الأطراف المتصارعة إلى طاولة محادثات”. كما استبعد أن يحصل رئيس مجلس النواب خلال زيارته لقطر على دعم رغبته في إطاحة حكومة الدبيبة. المحلل السياسي أحمد التهامي استبعد هو الآخر أن يؤدي الحراك الأخير إلى نسج تحالفات جديدة في ليبيا. وقال لـ”النهار العربي”: “يجب عدم إبعاد مسؤولية الأزمة الليبية عن الأطراف المحلية وتحميل حلها فقط للأطراف الإقليمية والدولية… إذا حصل توافق ليبي – ليبي فستمضي وراءه الأطراف الدولية على اختلاف مصالحها، أما مع استمرار الصراعات فستظل سياسة المحاور مستمرة”، مضيفاً: “نحن بانتظار صفقة بين الأطراف المحلية برعاية إقليمية ودولية للحل السياسي”. وتوقع العمل في الكواليس لإنجازها قبل خروجها إلى النور والبدء في عملية انتخابية لا تستبعد أي طرف.  ورأى أن زيارة صالح للدوحة بعد زيارته الشهر الماضي لأنقرة “مهمة لمحاولة إقناعهما باستخدام نفوذهما على الأطراف الموجودة في غرب البلاد، للوصول إلى حل. في السياسية لا بد من التواصل مع كل الأطراف وعرض وجهة نظرك وخياراتك”. 

التعليقات معطلة.