حرب الارادات ودور الاعلام

2

د. عدنان السراج*
 
حرب الارادات والتغير والتي عصفت بالعراق في مجالات عدة افرزت تمدد داعش وظهوره كقوة راديكالية تكفيرية ورسمت لنا العديد من الصور الذهنية والتي طورت التكفير الى داعش كدولة باقية وتتمدد وربما تصنع لنا اخرين في العديد من مناطق العالم وليس بالضرورة في العراق وافرزت حرب الارادات الفساد والذي كلما كبر ومضى عليه الزمن اصبح من الصعب اقتلاعه ويكلف الكثير من الإمكانيات والتضحيات لاجتثاثه وتحصين المجتمع من اثاره السيئة وصغير الفساد لا يختلف عن كبيره فهو يولد صغيرا ثم يتضخم ليصبح قويا وقاتلاً شرسا ينخر بجسد العراق واهله … ولعل اخطر ما مارسته حرب الارادات هو غسيل للدماغ بالخطاب التاريخي والإعلامي والرمزي وتحول الى أسلوب من خطابات طائفية قومية شوفينية ودعوات للتناحر والاستبداد ومقاومة الامل بعراق جديد وهذا الخطاب دفع سمومه بجرعات وأفكار وغبار عصف بالصغار قبل الكبار فكان التوجه للسلاح كأداة للتغير عن كوامن وخلجات نفسية تدفع بالاتجاه الذي يحقق تلك الإرادة على أخرى ضمن بلد واحد
 
هذه الورقة الخطابية هي نموذج او رؤيه عاجلة لأنها حملت بنتائجها بذرات الكراهية والتطرف حتى لو صمتت المدافع فسوف يتحول الى مشروع ومنصة للتحريض والتهديد للعراقيين والمنطقة.
 
وهنا لا انفي ولا اقلل من أهمية المحاور الأمنية والتربوية والاقتصادية والسياسية وغيرها كثير الا ان البعد الإعلامي والاتصالي يكون أسرع وأمضى ماكينة للكشف والتغير والشمول وهي الانجع على العموم باعتبارها الوسيلة الناجحة في توظيفها للمعلومات ولاستخدامها الصور والرموز والالعاب والمواقع وهنا يطلق المتخصصون الاعلاميون عليها بالحرب الناعمة إعلاميا.
 
وحرب الارادات والتغير يجب ان تتوقف امام سعيها الحثيث للسلطة والاستبداد والاستئثار بالحكم وادعاءات التمييز الوطني والتناحر السياسي ، لان ذلك مدعاة للسخرية امام الجمهور والذي دائما يريد ان تتوقف تلك الماكنة السلطوية بالتوقف عند حدود المسؤولية في حفظ الوطن والمواطن ما يقوم به السيد العبادي من إيقاف تلك التجاذبات والتقاطعات في حرب الارادات امام سلطة المؤسسات والديمقراطية ولنا مؤسسات قوية (سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية وثقافية وإعلامية وغيرها) قادرة على وقف زحف ذهنية وتفكير حرب الارادات والتي تجد بتحركها مساحة واسعة في ظل غياب عمل المؤسسات للدولة الحديثة. لان ذلك يعني افول تغول الإرهاب والفساد في العراق وهما عند اعداء العراق حربان مقدستان أحدهما ذهنية تكفيرية هي الإرهاب والأخرى اقصائية الغائية بمبدأ الدولة ومؤسساتها وهو الفساد.
 
الاعلام ما دام هو السلاح الأسرع والامضى في الوقت الحالي في الحرب الناعمة الجديدة والتي يمكن ادارتها وتصعيد لهجتها تدريجيا لتتحول من مبدا العرض الذهني والتبسيط الافتراضي الى الواقع العملي والاجرائي للحرب على الفساد وقواها الخشنة والعميقة بأسلوب جديد وكاشف للفساد ومن يرعاه ان المواجه الخشنة إعلاميا بعد استقرار منهجية حرب الفساد ووضوحها سيساهم الاعلام في إعطاء الدولة هيبتها وللشعب كرامته ولسياسة وجهد السيد العبادي بحربه الموعودة ضد الفساد دعما قويا وسندا مخيفا للفاسدين.
 
لتكون صحفنا وشاشاتنا الفضائية واذاعاتنا ومدوناتنا ومراكزنا البحثية وكل منشئاتنا الإعلامية وقدرات افرادنا البشرية منصات انطلاق لحرب لا تعرف الهوادة لكشف الفاسدين وتقويض وجودهم العميق لدولتنا العتيدة واحالتهم للقضاء وإنزال القصاص العادل بهم وتخليص البلد من شرورهم وافعالهم المجرمة اللصوصية كما فعلها العراق والعراقيون مع دواعش العصر ومن ساندهم.

التعليقات معطلة.