حسن فليح / محلل سياسي
يعيش العالم اليوم في حالة ذعر وانقسام شديد واصبح بين ارادتين مختلفتين في التوجهات والرؤى و الأهداف لا ثالث لهما ، فارضةً حالها على العالم بصراع وجودي فاقد للتفاهم والحوار وحترام مصالح الاخرين ، الإمر الذي يعني اننا سنشهد حربا وصراعا دوليا عالميا لايستثني احدا ، تشير الأحداث والوقائع من حولنا أن العالم بداء يفقد حكمته ولا أحد من مؤسساته الدولية وحكوماته العالمية لديه النية والسعي الحقيقي للحفاظ على السلم العالمي ، والعمل على تهدئة الأوضاع والتوترات بغية فرض سلام دائم وليس سلاماً هشاً كما هو حال العالم آلان المتحفز للحرب ، حيث اصبح عالمنا مهددا ومرشحا قويا للحرب الشاملة في أية للحظة في حال استمرار الحرب الدائرة آلان بين روسيا و أوكرانيا وأستمرار السياسات المتبعة دولياً ازائها وبعدم السعي الجدي لإيقافها و أبطال فتيلها ، بل أن الذي يجري آلان على العكس تماما هناك جهد حثيث لإطالتها و إدامة زخمها وديمومة بقائها مستعرة ودون هوادة ، والسبب أن الغرب بقيادة أمريكا يشعر ويعتقد أن تلك الحرب فرصته للخلاص من بوتن واضعاف روسيا واستنزافها بغية الوصول لتجزئتها للحفاظ على أحادية القطب واستمرار التفرد الأمريكي والغربي بالعالم بلا منازع ،
بالمقابل بوتن مؤمن أن تحقيق أهدافة المعلنة في الحرب الحالية هي العودة بروسيا إلى مجدها المفقود منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينات القرن الماضي وفرض عالم جديد متعدد الأقطاب وازدال الستار على أحادية القطب الوحيد المتحكم بالعالم ، تناقض الرؤيتين وتباعدهما يعطي انطباعا مفادة لاوجود لحل سريع لذلك النزاع بل مرشح للاتساع وربما سنشهد حروبا خارج منطقة الصراع الحالية ، روسيا دولة عظيمة ونووية وتمتلك حق الفيتو ودولة مصنعة لكافة أنواع الأسلحة ولديها مناجم الذهب ودولة زراعية وتمتلك الطاقة لأشيء ينقص روسيا العالم بحاجة لروسيا وليس العكس روسيا دولة مكتفية ذاتيا وتستطيع المطاولة ، عكس الناتو وأوروبا اللذان يعانيان آلان من أزمات اقتصادية كبيرة بسبب تلك الحرب كما هو الحال في أمريكا التي تعيش أسواء حالاتها مقارنةً بما كانت عليه قبل اندلاع الحرب ، أوروبا ستكون أول الخاسرين اذا ما توسع النزاع و كذلك منطقة الشرق الأوسط والعرب بوجه الخصوص ، في تلك الأجواء المشحونة بالتوتر و لمهدده للسلم العالمي نجد مجلس الأمن بلا حراك ودون نشاط سياسي إجرائي سليم يضع حدا وحلا للنزاع في حين أن العالم بأمس الحاجة أن يرى موقفا يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح ، لم تتلمس الشعوب حراكا جوهريا باتجاه حل ألازمة ووضع الحلول لها قبل فوات الأوان ، نجد أن قدرة مجلس الأمن اصبحت متلاشية أمام تلك الحرب ، و الأكثر من ذلك إن أعضاء مجلس الأمن الدائمين هم أنفسهم يقودون النزاع العالمي في اوكرانيا الان ومشاركين فيه ، من هنا وجد العالم نفسه أمام حرب عالمية مصغرة ساحتها أوكرانيا تمارس فيها لوي الأذرع وفرض الأرادات ، الناتو كله مشارك وداعم لأوكرانيا بكافة أشكال الدعم الاقتصادي والعسكري والسياسي و الإعلامي وهناك غرفة عمليات يقودها كبار الضباط من البانتكَون والناتو تشرف على سير المعارك في كييف بالإضافة إلى الدعم البشري من المرتزقة تقاتل إلى جانب الجيش الأوكراني ضد روسيا ، مجلس الأمن نراه منقسما وبلا قيمة حقيقية خاصةً بعد أن أصبح هو مصدر التهديد الحقيقي للسلام بالعالم ، بدلا من الحفاظ عليه وعدم المساس بأركان ذلك السلام ، اما مؤسسة الأمم المتحدة هي الأخرى نراها تقف عاجزة وغير قادرة على أن تصوغ مبادرات لوضع حداً للحرب الدائرة ، مما يعني فقدان قيمتها وحيويتها وتداعي خصوصيتها عالميا ، اذن بغض النضر عن من سيكون المنتصر حين ذاك فمن المؤكد سيفرض المنتصر غاياته و أهدافة على العالم ويسعى بتشكيل مؤسساته البديلة عن مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة التي أصبحتا باليتين ولاجدوى من بقائهما بشكلهما الحالي ، عالم يعيش انحلال واضمحلال مؤسساته الدولية الراعية لمصالحة والحامية للسلام فيه بهذا الشكل المريع يصبح عالم فاقد لصوابة ومرشح قوي للتدهور والضياع ، على شعوب الارض ان تمارس فعالياتها بكافة أشكالها وانشطتها السلمية لوقف الحرب والضغط على حكوماتها ومؤسساتها الدولية للقيام بواجبها بوضع الحلول وتجنيب البشرية مزيدا من الويلات على سكان العالم .