نشط في العراق نحو 73 محطة فضائية على الأقمار: نايل سات وعرب سات (بدر)، في سباق محموم للتأثير في المتلقي العراقي.
وبالتزامن مع انقسام المشهد السياسي الى معسكرين، إيراني وأمريكي، انقسم الاعلام بينهما ايضاً.
انقسام إعلامي
من بين الـ73 محطة، تندرج 29 فضائية ضمن “اتحاد الإذاعات والتلفزيونات العراقي” الذي تدعمه إيران، إلى جانب العشرات من الإذاعات والصحف.
على الجانب الآخر، تمتلك الولايات المتحدة الامريكية بصفة رسمية قناة “الحرة” و “الحرة عراق”، وإذاعة “سوا”، بالإضافة الى موقع “ألترا صوت”، على شبكة الإنترنت.
في مواقع التواصل، يظهر النسق الإعلامي الأمريكي على عدد من صفحات فيسبوك، في الوقت الذي ينظم فيه معهد “صحافة الحرب والسلام” البريطاني حملات اجتماعية، يتهمها عدد من المحللين السياسيين، بأنها “تهدف لتغيير القيم الاجتماعية، والتأثير فيها”.
أزمة قناة الحرة
مؤخراً، أغلقت هيئة الاعلام والاتصالات (تابعة للدولة)، مكاتب قناة الحرة في العراق، لثلاثة أشهر، رداً على “تحقيق استقصائي” تحدث عن شبهات فساد في الاستثمارات التي يديرها ممثلا السيستاني في كربلاء، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، والسيد أحمد الصافي.
الصحفي الذي أنتج التحقيق، معن الجيزاني، كتب عبر حسابه في فيسبوك، إنها “مؤسسات لا يجرؤ على مراقبتها أحد.. تتحصن خلف عقائد الناس.. وتتسلح بالقباب والعمائم”.
تعرض الجيزاني لحملة إثر التحقيق التلفزيوني، شارك فيها عدد كبير من السياسيين الشيعة، وأصدرت السفارة الامريكية ببغداد بياناً قالت فيه إن “الخارجية الامريكية لا تتدخل بمضمون ما يعرض على قناة الحرة”.
المحطات التابعة لـ”اتحاد الإذاعات والتلفزيونات العراقية” شنت هجمة على القناة، وواشنطن، واتهمتها بأن “تحقيقها كان موجهاً، ويقصد الإساءة لمرجعية النجف”.
بالمقابل، بررت الحرة بأنه “طوال فترة إعداد التحقيق أعطى فريق العمل للأشخاص والمؤسسات المعنية الفرصة والوقت الكافيين للرد لكنهم رفضوا ذلك”. وأكدت أن “الباب ما زال مفتوحاً للرد”.
تتهم “الحرة” بأنها “غيرت منهجها في العراق، بعد أن أحدثت تغييرات عدة على مستوى الإدارة، والموظفين، والصحفيين”، الذين توزع معظمهم فيما بعد على القنوات العراقية.
الصحفي قيس العجرش، الذي عمل في السابق بقناة “الحرة عراق”، قبل أن تنهي مهامه، كتب عبر حسابه بموقع فيسبوك، معلقاً على تقرير الحرة “أين كنتوا، وأين صرتوا؟ الحرّة التي كنتُ جزءاً منها، وكانت جزءاً منّي”.
مناقشة قضية قناة الحرة في هيئة الإعلام والاتصالات العراقية
محطات ومحللون
تتخذ المحطات التابعة لاتحاد الإذاعات مواقف مغايرة للموقف الحكومي بشأن بقاء القوات الأمريكية في العراق، والمناطق السنية، وإيران، والتزام بغداد بالحياد والنأي بالنفس، إلى جانب الموقف من دول الخليج.
في أحد لقاءاته التلفزيونية، قال رئيس اتحاد الإذاعات والتلفزيونات، حميد الحسيني، إن “القنوات التابعة للاتحاد تحمل لواء الأمة في المنطقة.. وأي جهة شيعية تواجه هجمة، تأتي إلى الاتحاد ليعالج هذه الهجمة ويقف بالضد منها إعلامياً”.
في 5 يوليو/ تموز الماضي، سربت إحدى القنوات التابعة للاتحاد، تسجيل مكالمة، اتهمت فيه قائد عمليات الأنبار، اللواء الركن محمود الفلاحي، بـ”التخابر مع واشنطن وتقديم معلومات عن أماكن تواجد الحشد الشعبي لقصفها”.
يرتبط بعدد من قنوات الاتحاد، محللون سياسيون، يصدرون الخطاب الإيراني ذاته حول واشنطن، والدعوة للوقوف الى جانب “محور المقاومة” تحت عناوين مثل “محلل سياسي”، أو “محلل وكاتب”، أو “إعلامي”، أو “مدير مركز دراسات”.
تواجه بعض المواقع الإخبارية بالعراق صعوبة برفع صور أشخاص مثل المرشد الإيراني علي خامنئي، وأمين عام حزب الله حسن نصر الله، وأمين عام حركة “عصائب أهل الحق” قيس الخزعلي، على مواقع التواصل، حيث يهدد هذا الأمر بإغلاق صفحاتها على موقع فيسبوك.
الخبير الإلكتروني عمر البياتي، قال لـ “الجزيرة مباشر” إن “فيسبوك تستطيع فرض حظر على الأسماء، والأصوات، والصور والفيديوهات، طبقاً لسياساتها”.
لجأ عدد من السياسيين العراقيين، الذين تفرض عليهم واشنطن عقوبات اقتصادية، أو تدرجهم على قوائم الإرهاب، إلى موقع تويتر، بسبب إغلاق حساباتهم لأكثر من مرة على فيسبوك.
طائرات مسيرة
تعرضت معسكرات الحشد الشعبي لعدة هجمات خلال الفترة الماضية، ادعت وسائل إعلام إسرائيلية أن تل أبيب تقف وراءها، بينما فتحت الحكومة العراقية تحقيقاً في تلك الحوادث.
المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية، تحسين الخفاجي، قال في تصريح صحفي إن “التحقيق أنجز بنسبة 75% وسيعلن للرأي العام عند اكتماله”، دون أن يكشف عن معلومات توصل إليها التحقيق.
تروج القنوات التابعة لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات، إلى أن أمريكا تقف وراء هذه التفجيرات.
أمين عام كتائب “سيد الشهداء”، وهو فصيل مسلح يقاتل في العراق وسوريا، أبو آلاء الولائي، الذي يمتلك ايضاً محطة “آي نيوز” الفضائية، قال في مقابلة متلفزة إن “فصائل المقاومة لا تفرق بين إسرائيل وأمريكا، وستعامل الامريكان في العراق كرهائن إذا اندلعت حرب مع إيران”.
الموقف الحكومي الرسمي، ذهب إلى أنه “ينتظر نتائج التحقيق، وإذا ثبت تورط إسرائيل فسوف يسعى لإدانتها في مجلس الأمن”.
تشويش المتلقي
الصحفي محمد الباسم، الذي يدير موقعاً إخبارياً في العراق، قال للجزيرة مباشر:
البرامج السياسية على التلفزيونات العراقية تحولت إلى مهازل ومسخرة.
استضافة محلل سياسي يفخر أمام الرأي العام، بأنه يعمل لصالح فصيل مسلح، أو خبير معروف بأنه طائفي يميل لمذهبه وحزبه على حساب الوطن، هو عار على صحافتنا.
العراقيون البسطاء يرتعبون مما تعرضهُ قنواتنا الفضائية، فهم يسعوّن جاهدين لمعرفة ما يوجع بلادهم ويبحثون عن معالجات لمواجعهم، لكن محطاتنا المحترمة وبرامجنا السياسية التي من المفترض أن تشير إلى أصل المشاكل وتحديد سُبل معالجتها، تواصل الشحن السلبي وتزيد الطين بلة، باختيار متحدثين لا علاقة لهم بالعراق.
مراسل محطة “NRT عربية” في بغداد، الحسن طارق، قال للجزيرة مباشر:
هيئة الإعلام والاتصالات مطالبة بتفعيل الدور الرقابي، لإيقاف عملية التشويش الممنهجة التي يتعرض لها العراقيون”.
العمل الصحفي بغالبه في العراق تحول إلى صراع ديكة، حتى أن الضيوف بالشاشات المتلفزة، التي تدخل بيوت الجميع، لا يتوانون عن السب والشتم، وتخوين أحدهم الآخر، أو اتهامه بالعمالة.