ـ أحمد إسكندر
تُصعّد الجماعات المسلحة المتحالفة مع تنظيم داعش أعمال العنف في جميع أنحاء أفريقيا، مُنفّذةً عدداً متزايداً من الهجمات ومُوسّعةً نفوذها بطريقة قد تُشكّل في نهاية المطاف تهديداً يتجاوز القارة السمراء إلى الولايات المتحدة.
خلال الأسبوع الماضي، تصدرت عمليات الإرهابيين في كلٍّ من منطقة الكونغو والساحل عناوين الصحف، حيث أعلنت جماعات مسلحة تابعة لتنظيم داعش الإرهابي مسؤوليتها عن هجومٍ قاتل على كنيسة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية يوم الأحد، وأعلنت مسؤوليتها عن مقتل جنود في بوركينا فاسو.
استغلال الصراعات
وبحسب ما ذكرت مجلة “نيوزويك” يُعدّ كلا الحادثين جزءاً من اتجاهٍ مُتنامي للعنف المرتبط بداعش، والذي يقول المُحللون إنه يستغلّ الصراعات القائمة وانعدام الأمن المُتجذّر لخلق نوعٍ من التهديد الذي يجعل مُكافحة الجماعة في أفريقيا مُسعىً مُعقّداً للغاية.
وبحسب خبير أمني أطلع العديد من المؤسسات الحكومية والعسكرية على التهديد الذي يُشكّله داعش في أفريقيا قال: “ما نتحدث عنه هو فترة استثمار طويلة وممتدة لسنوات، في الواقع، لا تملك الولايات المتحدة القدرة على توفيرها.. يجب أن تُوفّر الحكومات التي توجد فيها هذه المجتمعات هذه الخدمات. لذا، أعتقد أن هذا هو التحدي الحقيقي”.
وقال المصدر الأمني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: “ما يزيد الأمر تعقيداً هو التعامل مع قضايا محلية في نهاية المطاف لمعالجة هذه المشكلة الأكبر”، مضيفاً: “وإذا لم تُعالَج هذه القضايا، يكمن الخطر في أن تتفاقم إلى مشكلة أكبر بكثير، ما يُشكّل تهديداً أكبر بكثير على الساحة العالمية، نتحدث هنا عن تهديد مباشر للولايات المتحدة، أو لأوروبا، أو خارج أفريقيا، بشكل عام”.
أفريقيا وانتشار داعش
وبحسب المجلة، على الرغم من ارتباط داعش تقليدياً بالشرق الأوسط، إلا أن جذورها ترسخت في أفريقيا حتى قبل أن يعلن مؤسسها الراحل أبو بكر البغدادي عن “خلافته” المزعومة بعد سيطرته على مساحات شاسعة من العراق وسوريا عام 2014.
وبينت المجلة في مقالها أن مسلحين في ليبيا استغلوا الفوضى التي أعقبت سقوط الزعيم الليبي معمر القذافي وبدأوا ربط أيديولوجيتهم بما شكل لاحقاً شكلًا عالمياً من العنف المنسوب للإسلام.
وأوضحت المجلة أن تنظيم داعش الإرهابي يضم اليوم عدداً من الجماعات الشريكة في جميع أنحاء القارة السمراء. وتشمل هذه الجماعات الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا وتنظيم داعش في وسط أفريقيا وتنظيم داعش في موزمبيق، وتنظيم داعش في الصومال.
وبحسب تصريحات للمبعوث الأمريكي الخاص السابق لمنطقتي البحيرات الكبرى والساحل جيه بيتر فام : “للأسف، ظلت أفريقيا، لسنوات عديدة، خط المواجهة الأول للعنف الذي يرتكبه الإرهاب، بمن فيه أولئك المرتبطون بما يسمى تنظيم داعش”.
ووصفت نيوزويك الوضع في منطقة الساحل بأنه “قابل للاشتعال حقًا”، مع احتمال توسع فروع داعش المحلية إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وتشكيله تهديداً كبيراً على بعض الجماعات المسلحة في شمال غرب نيجيريا، مما قد يدفعها إلى الخروج بالإشارة إلى أن داعش ربما يستوعب بعض هذه الجماعات، ليصبح لدينا مساحة أكثر من الكثافة السكانية، ونشاط اقتصادي أكبر، وهو ما يمكن تنظيم داعش في الصحراء الكبرى من ترسيخ وجوده في تلك المساحة وهو ما يزيد من احتمالية نشوء روابط وصلات بين جبهات داعش المختلفة في الساحل وغرب أفريقيا.
بؤرة الجهاد
يُمثل الوضع في منطقة الساحل مشهداً مُقلقاً للغاية ومع طرد الحكومات الثلاث التي تقودها المجالس العسكرية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر للقوات الأمريكية والفرنسية في السنوات الأخيرة، وتركيزها الآن على العمليات المدعومة من روسيا ضد المتمردين الطوارق، فإن المُنافس الرئيسي لداعش في هذه الجبهة هو جماعة مسلحة متشددة أخرى، وهي جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة.
وترى المجلة أن المفارقة اليوم هي أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة هي التي تُوقف محاولة داعش للتقدم جنوباً، لأن الجيوش المحلية ليست فعّالة وهو مؤشر على ان أفريقيا في طريقها لتُصبح بؤرة الجهاد العالمي بناءً على مجموعة من العوامل التي سمحت لمثل هذه التنظيمات بالازدهار في الدول الأفريقية من الحكومات الهشة الفاشلة، والفساد، والحدود غير المستقرة، والأهم من ذلك، انتهاكات حقوق الإنسان من قبل قوات الأمن المحلية والقوات المسلحة”.
وخلصت المجلة، إلى أن هذا المزيج من الظروف المتداخلة يُهدد بتهيئة الظروف لهجمات جديدة بمجرد أن يجد الإرهاب موطئ قدم كافٍ لتنفيذ خططه المسلحة خارج القارة السمراء ربما تصل للولايات المتحدة.