كتب / سعيد البدري
ليس خافيا ذلك السعي الاميركي المحموم للسيطرة على المزيد من الاراضي السورية ،وفرض بعض المعادلات التي تستهدفها ،ارضا ووجودا وشعبا ، ليس اخرها محاولات اذنابها تسويق سيناريو معركة مفترضة تبالغ بعض التقارير في تحقيقها للاهداف الاميركية ، هذه التقارير تتحدث صراحة عن رغبة في الاستيلاء على تلك الاراضي وقضمها و ضمها لمشروع تقسيمي لاحق ، ربما يكون مقدمة لتقسيمات تشمل اجزاءا من بلدان اخرى ، وهو ما يفهم من فحوى ونفس تلك الاحاديث المغرضة وغاياتها الخبيثة ،فهذه الجهات تحاول الذهاب بعيدا بتقديراتها لما سيحصل ،دون الحديث عن رد فعل متوقع لبعض الاطراف الفاعلة في المعادلة السورية .
الحقيقة ان هذا السعي الاميركي تنحصر غاياته حسب القراءات الستراتيجية ، بعزل شرقي سوريا وشمالها الشرقي عن باقي الاراضي السورية ، عبر مراحل طويلة وعمليات أمنية معقدة ، تحاول عبرها ايقاف اي تواصل جغرافي بين الاراضي العراقية والسورية ،و محاولات الاميركيين هذه تعني قطع خطوط الامداد والمزيد من التضييق على حكومة الرئيس الاسد وحزب الله الحليف الاقرب ،وكذلك القواعد الايرانية التي اسست لأهداف ستراتيجية يطول شرحها ، وهذه الخطوة الاميركية التي وصفت بالاخطر ، هدفها الحد من تعاظم الدور الايراني وتأسيساته على الارض ، كما ان هذه التصورات بما تحمل بين طياتها من محاذير ، قد تدفع الاطراف المتنازعة المعنية بتأجيج حالة الصراع طمعا في تحقيق المكاسب ، ستلجأ للزج بوكلاء محليين وذلك سيكون مكلفا على المديين القريب والمتوسط .
ميدانيا يمكن القول بأن التنظيمات القبلية والعشائرية السورية ،التي يجري التقرب اليها لتنظيمها ودمجها وتسليحها في مشاريع اميركا ، ليست الوحيدة بالساحة ووعود حمايتها و اشراكها في القرار او جعلها دويلات غير واقعية البتة ، يقابلها مجاميع قتالية نظامية وشعبية مصطفة مع الحكومة والدولة السورية ، تمول وتسلح من اصدقاء سوريا الايرانيين والروس لتواجه تحديات الأمن ، فهي معنية بالتصدي لملفات متعددة اولها الدفاع عن وحدة الاراضي السورية و سرقة ثروات شعبها من نفط وغذاء وغيرها ،وبناءا على هذه المعطيات فكل طرف لديه ادواته ومصالحه وبضعة اوراق اخرى ،وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لاحداث تغييرات جيوسياسية وتحالفات جديدة ، وقد تبدو الجبهات متداخلة لهذا الحد وهي كذلك فعلا ،ما يلهب حماس المتنافسين لان تحقيق اي طرف منهم انتصارات جزئية ومكاسب جديدة ، سيدفعه لتعزيز التواجد على الارض وهو تمدد تفرضه وتمليه معطيات الميدان ، مع حساب ان البيئة التي يجري الحديث عنها تعد اراض مفتوحة وتستوجب توافر اعداد بشرية كبيرة للسيطرة عليها .
في الجانب المقابل توجد روسيا ولعلها معنية بهذا الصراع الايدلوجي العسكري الاقتصادي اكثر من ايران ،حتى ان تظاهرت بالانشغال في حربها الاوربية ، فالجبهة السورية تعنيها وسيكون لها موقف مما يجري في حال تمددت اميركا عسكريا او سياسيا في الاراضي السورية لفرض واقع جديد لا ترتضيه ، ولن تستسلم قطعا امام الرغبة الاميركية المدعومة صهيونيا ، لأن ذلك يعني تهديدا مستقبليا وعبثا بواقع الارض ، لان روسيا في مثل هذه الظروف غير معنية بتحقيق معادلات امريكية ،تفكر بأمن الكيان الاسرائيلي على حساب نفوذها ، حيث يشكو اركان هذا الكيان المسخ ،من تضخم للدور الايراني بفتح مزيدا من الجبهات على الحدود الشمالية للاراضي الفلسطينية والسورية المحتلة ،التي قد تحاصرها صواريخ ايران في حال اندلاع مواجهات مفتوحة مستقبلا .
أجمالاً معادلات الردع الروسي والايراني متوفرة وفاعلة بشكل او بأخر ،واولئك الحالمين المغفلين كعادتهم يتمنون ان تمتد اليد الامريكية الخبيثة بعد حسم الوضع لصالح صنائعها في سوريا ،لفرض معادلات تستهدف الداخل العراقي ، فما نراه من سلوك اولئك المرضى الحاقدين ممن يهزون ذيولهم ويتمسحون بها ، لأجل قبولهم كبديل عن النظام السياسي الحالي في العراق يؤكد خستهم وقبل ذلك افلاسهم ، فهم يتوهمون احداثا مضحكة و يضعون مواعيدا وتواريخا مكذوبة تبين مدى سذاجتهم ،وتعكس أيضا خسران حساباتهم ،التي لايمكن الاتفاق مع مضامينها وما تذهب اليه ،كونها اضغاث احلام تعرف اميركا قبل غيرها ان كلفتها باهضة في ظل ظروف كالتي يعيشها العالم اليوم ..