{حسن نصر الله وصدمة الخذلان الإيراني}

2

حسن فليح /محلل سياسي

يبدو أن العلاقة بين إيران وحزب الله تمر بمرحلة دقيقة من التوترات والتغيرات، خاصة بعد أن دعا حسن نصر الله مرتين إلى مهاجمة إسرائيل، فيما رفضت طهران ذلك تحت حجة أن “الوقت غير مناسب”. هذه المواقف تثير تساؤلات جدية حول حقيقة التحالف الإيراني مع حزب الله ومدى التزام إيران بدعم حلفائها في لحظات الصدام الكبرى.

إيران وحزب الله: تحالف تكتيكي أم استراتيجية تخلي بعد الوقوع بالفخ ؟

لطالما شكلت إيران وحزب الله تحالفاً قوياً على الساحة الإقليمية، حيث دعمت طهران الحزب بالمال والسلاح والخبرات العسكرية، مما عزز من قدراته وحوله إلى قوة مؤثرة في لبنان والمنطقة. إلا أن رفض إيران لنداءات نصر الله بمهاجمة إسرائيل يُظهر واقعاً جديداً يشير إلى أن هذا التحالف ربما لم يعد ثابتاً كما كان في السابق ! وان موقف طهران شكل لحسن نصر الله صدمة الخذلان .

إيران، التي تواجه ضغوطاً داخلية واقتصادية، بالإضافة إلى التحديات الدولية المتزايدة حول برنامجها النووي، تبدو مترددة في فتح جبهة جديدة مع إسرائيل. هذا التردد قد يعكس رؤية إيرانية بأن الدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل في الوقت الراهن قد يكون مكلفاً وغير مضمون النتائج، مما يفسر الحجة المستمرة بأن “الوقت غير مناسب”.

حسابات طهران المعقدة: لماذا تتجنب المواجهة؟

الرفض الإيراني للدعوات المتكررة من حزب الله لمهاجمة إسرائيل يكشف عن تباين في الأولويات بين الطرفين. فبينما يصر نصر الله على رفع مستوى التحدي ضد إسرائيل، يبدو أن إيران تضع استراتيجيتها الأكبر في الاعتبار، مفضلة تجنب التصعيد العسكري المباشر الذي قد يجلب عليها ضربات قاسية أو يستدعي تدخلاً أمريكياً أو دولياً واسعاً.

إيران تدرك أن أي حرب مباشرة مع إسرائيل قد لا تقتصر على ضربات متبادلة بين الطرفين، بل قد تتسع لتشمل استهداف منشآتها النووية والبنى التحتية الحيوية، وهو ما قد يعمق أزماتها الداخلية ويضعف نظامها أمام شعبه. لذلك، تسعى طهران إلى التهدئة التكتيكية للحفاظ على مكتسباتها الحالية بدلاً من المخاطرة بخسارتها.

هل تخلت إيران فعلاً عن حزب الله؟

من الواضح أن حزب الله يعتمد بشكل كبير على الدعم الإيراني، لكن الأحداث الأخيرة قد تشير إلى أن طهران لم تعد مستعدة لدفع ثمن تحالفها مع الحزب ، ولكنه بالتأكيد يوحي بتغير في قواعد اللعبة، حيث تفضل إيران الحفاظ على مصالحها الأساسية حتى لو كان ذلك على حساب حلفائها.

التلميحات الإيرانية حول “عدم استعداد الوقت” قد تكون مؤشراً على أن طهران ترغب في إعادة ترتيب أولوياتها الإقليمية، وربما ترى أن حزب الله، بما يمثله من عبء استراتيجي، لم يعد بنفس الأهمية السابقة عندما يتعلق الأمر بمواجهة إسرائيل أو تحقيق أهدافها الأوسع.

مستقبل التحالف: إلى أين يتجه حزب الله؟

حزب الله يواجه الآن تحدياً وجودياً يتمثل في كيفية التعامل مع تغير الموقف الإيراني، والذي قد يضعه في مواجهة خيارات صعبة. استمرار الحزب في الاعتماد على إيران قد يُضعف من قدرته على التحرك بشكل مستقل أو قد يضطره لإعادة حساباته العسكرية والسياسية في الداخل اللبناني والإقليمي.
وبينما تظل طهران وحزب الله متفقين في بعض الأهداف الاستراتيجية، فإن الانقسام حول توقيت وطبيعة الرد على إسرائيل قد يدفع الحزب إلى البحث عن بدائل أو تطوير استراتيجيات جديدة تتناسب مع الواقع الجديد.

إيران وحزب الله أمام مفترق طرق حقيقي، حيث لم تعد الشعارات وحدها كافية للحفاظ على تحالف مستقر. رفض طهران لدعوات نصر الله المتكررة لمهاجمة إسرائيل يعكس تبايناً حقيقياً في الرؤى والأولويات، مما يثير تساؤلات عميقة حول مدى استمرار هذا التحالف وأي كلفة قد يدفعها حزب الله نتيجة اعتماده المفرط على الدعم الإيراني.

في النهاية، يجب على حزب الله أن يدرك أن المعادلات الإقليمية تتغير، وأن إيران التي طالما وقفت خلفه لم تعد الان كالسابق بعد ان اوصلت حزب الله وجميع اذرعها بالمنطقة الى منطقة قتل لم ينجو منها احد ، وهكذا يسدل الستار على اللعبة التي استمرت اكثر من اربعة عقود كان العرب ضحيتها ، ومهدت الطريق لاسرائيل لبسط نفوذها .

التعليقات معطلة.