اخبار سياسية

حضور عربي قوي في دافوس من غزة إلى العراق… واعتراف “مشروط” بإسرائيل

وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في جلسة رئيسية بدافوس

شهدت أروقة المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في دافوس حضوراً عربياً قوياً في اليوم الثاني، تضمن إشارة سعودية لاعتراف بإسرائيل مشروط باتفاق سلام شامل يتضمن إقامة دولة فلسطينية، وذلك إلى جانب طرح مختلف وجهات النظر حول حرب غزة والتوترات المستمرة في البحر الأحمر، وصولا إلى الضربات الأخيرة على أربيل.

وخلال جلسة نقاشية بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان: “متفقون على أن إقرار السلام الإقليمي يشمل السلام لإسرائيل، لكن لا يمكن حدوث ذلك سوى من خلال تحقيق السلام للفلسطينيين عبر إقامة دولة فلسطينية”.

وردا على سؤال عما إذا كانت المملكة يمكن أن تعترف بعد ذلك بإسرائيل في إطار اتفاق سياسي أوسع، أجاب “بالتأكيد”. مضيفا أن تحقيق السلام الإقليمي عن طريق إقامة دولة فلسطينية هو “أمر نعمل على إنجازه بالفعل مع الإدارة الأميركية، وهو أكثر أهمية بالنظر إلى الأوضاع في غزة”.

وقال مصدران مطلعان على رؤية الرياض إن المملكة جمدت خططاً تدعمها الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في معاودة ترتيب سريعة لأولوياتها الدبلوماسية بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة “حماس” في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وأضاف المصدران لرويترز أن المحادثات التي تدعمها الولايات المتحدة بشأن تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية ستشهد بعض التأخير.

وفي نقطة أخرى، أكد الأمير فيصل بن فرحان أن هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر مرتبطة بالحرب في غزة، ولفت إلى أن هناك حاجة لوقف فوري لإطلاق النار هناك. مشيرا إلى أن أولوية المملكة هي إيجاد طريق لخفض التصعيد من خلال وقف لإطلاق النار في غزة.

خفض التصعيد والإعمار

ومن جهته، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أن الولايات المتحدة تسعى إلى “خفض التصعيد” في الشرق الأوسط رغم ضرباتها على الحوثيين في اليمن. وأوضح في دافوس: “نسعى إلى وقف توسع النزاع وتوفير الظروف لخفض التصعيد”.

وفيما يبدو توافقاً في الرؤى حول أزمة غزة وتبعاتها بين الرياض والدوحة، قال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إن مطالبة إسرائيل بالموافقة على مسار إلزامي ومحدد زمنيا لحل الدولتين هو مفتاح الاستقرار السياسي مستقبلا في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وأضاف أن الفلسطينيين هم من يجب أن يقرروا ما إذا كانت حماس ستستمر في لعب دور سياسي في المستقبل.

ولفت إلى أن المجتمع الدولي لن يكون مستعدا لتمويل إعادة إعمار غزة دون حل الدولتين المستدام في إسرائيل وفلسطين. وأضاف: “لا يمكن تجاهل الصورة الكبرى”، كما حض المجتمع الدولي على مطالبة إسرائيل بالموافقة على مسار محدد زمنياً ولا رجعة فيه نحو حل الدولتين. وأكد: “لا يمكننا ترك هذا الأمر في أيدي الإسرائيليين فقط”.

وحول هذه النقطة، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تصريح منفصل، إن الدول العربية ليست حريصة على المشاركة في إعادة إعمار غزة إذا كان القطاع الفلسطيني “سيُسوى بالأرض” مجددا في بضعة أعوام، مناديا بضرورة التطرق لقضية إقامة الدولة الفلسطينية.

اليمن يتألم

ومن جانبه، قال عيدروس الزبيدي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بهدف حماية حركة الملاحة التجارية في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين المتحالفين مع إيران “ضعيف”، لأنه لا يشمل قوى إقليمية مثل السعودية والإمارات ومصر.

وأضاف الزبيدي في مقابلة مع رويترز من دافوس أن ممر باب المندب ممر حيوي واستراتيجي يهم العالم كله والمنطقة، وبالتالي التدخل الإقليمي ضروري. وأشار إلى أن الاضطرابات الناجمة عن الهجمات ألحقت خسائر فادحة بالاقتصاد اليمني الضعيف بالفعل، إذ تسبب بارتفاع أسعار الشحن في زيادة أسعار المواد الغذائية والأدوية والنفط وكل متطلبات الحياة. وذكر أن انهيار العملة المحلية والوضع المعيشي للشعب اليمني أدى إلى تفاقم أزمة إنسانية كبيرة.

وقال الزبيدي إن جهود التوصل لاتفاق سلام في اليمن توقفت وجرى تجميدها وقد تصل لحد الانهيار بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. وأضاف: “كيف سيكون هناك عملية سياسية وسلام في ظل تصعيد حوثي وضرب لسفن تجارية تحمل الغذاء والدواء والوقود للشعب؟”.

التصعيد الأخطر

وبالعودة إلى رئيس الوزراء القطري، ففد أشار إلى أن شحنات الغاز الطبيعي المُسال ستتأثر بالهجمات التي تبلبل حركة الملاحة في البحر الأحمر. وأوضح أن “هناك طرقات بديلة، وتلك الطرقات البديلة ليست أكثر كفاءة، بل أقل كفاءة من الطريق الحالية”، معتبراً أنه لمعالجة انعدام الأمن المتزايد يجب معالجة “القضية المركزية” في غزة.

ووصف رئيس الوزراء القطري الأزمة في البحر الأحمر بأنها “التصعيد الأخطر في الوقت الحالي لأنه لا يؤثر على المنطقة فحسب، بل يؤثر على التجارة العالمية أيضاً”، وسط مخاوف اتساع رقعة النزاع في الشرق الأوسط.

كما أفاد أن الضربات العسكرية لن تكبح هجمات الحوثيين على ممرات الشحن التجارية في البحر الأحمر، إنما إنهاء الحرب في غزة هو السبيل لذلك. وأضاف: “نحتاج حل الأزمة الرئيسية، وهي غزة، حتى تتوقف جميع الأزمات الأخرى الناتجة عنها… إذا ركزنا على الأعراض فقط وأهملنا علاج المشكلات الحقيقة، ستكون الحلول مؤقتة”.

توريط لبنان

وحذر رئيس الوزراء القطري أيضا من خطورة محاولات جر لبنان إلى حرب إقليمية ستكون عواقبها وخيمة. وذلك خلال لقائه  رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي على هامش المنتدى.

وأكد أن “اتساع رقعة العنف ودائرة النزاع في المنطقة سيكون لها عواقب وخيمة في حال تمددها لا سيما على لبنان ودول الجوار”، داعيا المجتمع الدولي إلى التحرك “فورا لوقف الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي”.

ومن غزة والبحر الأحمر إلى إقليم كردستان، حيث دعا رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى “عدم السكوت” عن الهجمات التي نفذها “الحرس الثوري الإيراني” مساء الاثنين على مدينة أربيل.

السيادة العراقية

وقال بارزاني على منصة “إكس” إنه وجه هذه الدعوة خلال اجتماع مع بلينكن في دافوس، منددا بالهجمات التي وصفها بأنها “غير مبررة”. وأضاف: “اتفقنا على أن تلك الهجمات انتهاك واضح لسيادة العراق وإقليم كردستان… ودعوت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى عدم السكوت عن العدوان على المدنيين الأبرياء”.

وشن الحرس الثوري الإيراني هجمات بصواريخ باليستية على أربيل مساء الاثنين، قال إنها استهدفت ما وصفها بمقرات “تجسس” لإسرائيل في إقليم كردستان. وأعلن مجلس الأمن التابع لإقليم كردستان مقتل أربعة أشخاص وإصابة آخرين جراء الهجوم الإيراني الصاروخي.

ورد العراق باستدعاء سفيره لدى طهران نصير عبد المحسن للتشاور، وأكد أنه سيتخذ كل الإجراءات القانونية تجاه إيران التي قالت إن تحركها يأتي في إطار خطواتها لمواجهة من ينتهكون أمنها.

وقال الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد إن الهجوم يهدد استقرار المنطقة بأكملها، ويعد انتهاكا للسيادة العراقية.

النمو الصيني

وبعيدا عن السياسة والتوترات في الشرق الأوسط، وفيما يخص الأمور الاقتصادية التي تعد قلب المنتدى، أكد رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ في جلسة رئيسية بأن اقتصاد بلاده سجّل نموا نسبته حوالى 5,2 في المئة عام 2023، وفق التوقعات.

ويمثّل الرقم تحسّنا عن نسبة ثلاثة في المئة سُجّلت في 2022 عندما سددت القيود المرتبطة بكوفيد ضربة للنشاط الاقتصادي. لكنه يعني مع ذلك أن ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم حققت أقل نمو منذ العام 1990، باستثناء سنوات تفشي الوباء.

وقال لي: “انتعش الاقتصاد الصيني بالمجمل وتحسّن العام الماضي”، وأضاف: “يتوقع بأن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي لدينا حوالى 5,2 في المئة، أعلى من الهدف البالغ حوالى خمسة في المئة الذي حددناه مطلع العام الماضي”.

ورغم رفعها القيود الصحية، ما زالت الصين تعاني من وطأة غياب الثقة بالأعمال التجارية وتراجع الاستهلاك. وفاقمت الصعوبات أزمة ديون في قطاع العقارات الذي يعد غاية في الأهمية وارتفاع معدلات البطالة في أوساط الشباب. وقال لي: “بغض النظر عن الكيفية التي يتغيّر فيها الوضع العالمي، ستلتزم الصين بسياستها الوطنية الأساسية القائمة على الانفتاح على العالم”، مضيفا أن “أبواب الانفتاح ستتسّع أكثر فأكثر.. اختيار السوق الصيني ليس مخاطرة بل فرصة”.الإمارات والذكاء الاصطناعيوفي جلسة بعنوان: “هل يعتبر الذكاء الاصطناعي محركا للثورة الصناعية الرابعة؟”، قال وزير الدولة الاماراتي للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد عمر سلطان العلماء إن النمو المتسارع الذي يشهده سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي العالمي، يعكس بوضوح ما يمثله هذا القطاع  من قوة دافعة ومحرك للمستقبل، مشيراً إلى أن قيادة الإمارات أدركت منذ أكثر من عقدين، أهمية تبني وتطوير إمكانات وحلول الثورة الصناعية الرابعة، وتعزيز الاستثمار في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الذي يعيد تشكيل مختلف الصناعات في العالم.  

وأضاف أن القرارات التي نتخذها اليوم ستشكل معالم حياة الأجيال القادمة في المستقبل، وأن تكامل دور الحكومات ومواكبتها المتغيرات العالمية، يمثل عاملاً أساسياً لتعزيز ازدهارها ومساهمتها في الرحلة العالمية لصناعة مستقبل أكثر تقدما وترابطا”.