حين يلتقي الكبار… هل تغير قمة ترامب – بوتين خريطة العالم؟

7

 

 

في لحظة حاسمة على الصعيد الدولي، يجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة عسكرية بمدينة أنكوراج، ألاسكا، في أول لقاء وجهاً لوجه بينهما منذ سنوات، وسط توترات متصاعدة حول أوكرانيا وإعادة رسم نفوذ القوى الكبرى. هذا الاجتماع ليس مجرد جلسة بروتوكولية، بل يحمل في طياته إشارات قد تعيد ترتيب ميزان القوى العالمي، وتضع أوكرانيا والعالم على مفترق طرق جديد.

من أوساكا إلى ألاسكا… رحلة عبر العواصف

آخر لقاء رسمي بين الرجلين كان على هامش قمة العشرين في أوساكا عام 2019. بعدها، دخلت العلاقات في نفق طويل من العقوبات والحرب الكلامية، ثم الحرب الفعلية في أوكرانيا. اليوم، يجلسان مجددًا، لكن على أرض أمريكية، في دلالة رمزية على أن واشنطن تمسك بمفاتيح اللعبة، أو على الأقل تحاول أن تبدو كذلك.

أوكرانيا… الملف الساخن على الطاولة

الحرب في أوكرانيا ستظل العنوان الأكبر للقمة. ترامب يقدم نفسه كصانع صفقات، ملمحًا إلى إمكانية وقف إطلاق النار، لكنه يحذر بوتين من “عواقب وخيمة” إذا لم يلتزم بأي اتفاق. بوتين، من جهته، يرسل إشارات انفتاح على حلول “عملية”، لكنه يدرك أن أي تنازل كبير قد يُنظر إليه كضعف داخليًا.

أوروبا… شريك قلق

العواصم الأوروبية تراقب عن كثب. التجربة علمتها أن اتفاقات تُبرم بين الكبار قد تأتي على حساب الشركاء الأصغر. لهذا يصر الأوروبيون على أن أي تفاهم يجب أن يضمن وحدة الأراضي الأوكرانية وأمنها، وأن لا يتحول الأمر إلى صفقة ثنائية تغلق الباب على كييف.

ما وراء القمة… إعادة ضبط ميزان القوى

بعيدًا عن الحرب، تحمل القمة أبعادًا أوسع: اختبار نوايا موسكو للخروج من العزلة، وسعي واشنطن لإعادة ترتيب أولوياتها في مواجهة روسيا والصين معًا. نجاح أي تفاهم قد يمنح ترامب أوراق قوة إضافية، بينما يسعى بوتين لكسر الحصار الدولي وإعادة موسكو إلى طاولة الكبار.

الشرق الأوسط… محور النفوذ العالمي .

لا يمكن فهم تأثير قمة ترامب وبوتين دون النظر إلى الشرق الأوسط، المنطقة التي لطالما كانت قلب الصراعات الإقليمية والدولية. أي تفاهم بين القوتين العظميين لن يقتصر أثره على أوكرانيا أو أوروبا، بل سيمتد مباشرة إلى سوريا، العراق، واليمن، حيث تتشابك مصالح روسيا وأمريكا مع نفوذ إيران وتركيا والسعودية.

في سوريا، قد تعيد أي تسوية روسية–أمريكية ترتيب السيطرة على الأراضي والنفوذ العسكري، بينما في العراق واليمن، يمكن أن تتأثر مواقع الفصائل المسلحة المدعومة إقليميًا، ما يفتح بابًا لإعادة ضبط النفوذ الأمريكي–الإيراني.

كما أن الشرق الأوسط يبقى قلب سوق الطاقة العالمية؛ أي اتفاق حول استقرار النزاعات قد ينعكس مباشرة على أسواق النفط والغاز، مؤثرًا على أوروبا والاقتصاد العالمي.

أما بالنسبة للملف النووي الإيراني، فإن القمة قد تمهّد لإطار تفاهم دولي يضغط على إيران أو يضع خطوطًا حمراء للتعامل مع برامجها النووية والصاروخية، ما يزيد من تعقيد الموازين الإقليمية ويعزز دور الولايات المتحدة وروسيا في ضبط ميزان القوى.

باختصار، الشرق الأوسط ليس مجرد مراقب للقمة، بل محطة مركزية في أي معادلة جديدة. نتائج هذا اللقاء قد تعيد رسم تحالفات المنطقة، وتحدد ملامح الاستقرار أو الصراع لعقود قادمة .

الاجتماع بين ترامب وبوتين ليس مجرد لقاء زعيمين، بل فصل جديد في معركة النفوذ الدولي. القمة قد تثمر تفاهمات تاريخية أو مجرد صور تذكارية، لكنها بالتأكيد تعكس لحظة فارقة قد تعيد رسم خريطة النفوذ العالمي. العالم يترقب، وألاسكا، البعيدة جغرافيًا، قد تتحول إلى نقطة ارتكاز لقرارات تحدد مسار الأحداث لسنوات قادمة.

التعليقات معطلة.