البروفيسور عبد الستار قاسم
في فلسطين، لدينا أعداد غفيرة من المتشدقين بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ويصل الحد بعدد لا بأس به منهم أن يزاودوا على أهل الديمقراطية. وعندما يقف أحدهم يتشدق بمؤتمر أو ندوة حول الديمقراطية تجده شديد الحماس لإقامتها في ربوع الوطن العربي على اعتبار أنها الخلاص من مآزقنا وهزائمنا. وعندما يتحدث عن الإسلاميين يشبعهم هجاء لأنهم أعداء الديمقراطية.
من المعروف أن المبدأ الأول والأساسي في الديمقراطية هو احترام الآخر واحترام القانون. منذ أن طالبت بتطبيق القوانين الفلسطينية أواخر عام 2016 ومنها القانون الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية والقانون الأساسي للسلطة الفلسطينية لم أسمع من هؤلاء، ولا من جمعيات حقوق الإنسان ولا من مراكز الدفاع عن الديمقراطية والترويج لها شيئا. لقد خرست الأصوات وجفت الأقلام. ومن هؤلاء من وقف ضدي وكتب ضدي وأوسعني كلاما بذيئا. لم يجرؤ أحد على التأكيد على ما قلت والسبب واضح أن المصالح تعلو فوق المبادئ. أين اساتذة الجامعات الذين يدرسون الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ وأين الفصائل التي طالما أكدت على المبادئ الديمقراطية؟ وأين أحزاب اليسار التي ترى في الرأسمالية شيطانا يجب إزالته؟ وأين الطواقم الأكاديمية في مختلف الجامعات التي لا تتوقف عن الحديث عن الديمقراطية؟ كل هؤلاء يكتبون ويقولون وفق ما يقبضون، أو يتوقعون أن يقبضوا. هم جميعا يضحون بالأمة والوطن من أجل مصالحهم.
ما قلته على التلفاز ليس معجزا وليس عصيا على الفهم. ببساطة، المسؤولون الفلسطينيون سواء على مستوى منظمة التحرير أو مستوى السلطة الفلسطينية ينتهكون القوانين الفلسطينية وتجب محاكمتهم في المحاكم المدنية والعسكرية. انتهاك القانون يشكل فتنة، ويمزق المجتمع، ويقسم الناس إلى جماعات متصارعة ويهبط بالمستوى الأخلاقي، ويضعفنا جميعا في مواجهة الاحتلال. انتهاك القانون يؤدي إلى الفرقة والمخاصمات، ويجب عدم ترك المنتهك وشأنه، ويجب تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير. هل نظرنا إلى العدو وهو يحاكم كباره ومسؤوليه؟ ألا يشكل ذلك مصدر قوة له؟
هم يقولون هذا ليس وقته، فإذا كان وجود الاحتلال بإجراءاته القمعية الكثيرة والمستمرة، واعتداءاته المتواصلة علينا لا تبرر تطبيق القوانين لكي يستقيم المجتمع، فمتى نطبق ونحترم ما نكتب؟