زيد الحلي
فم مفتوح.. فم مغلق
خطوة البنك المركزي العراقي .. من يتبعها؟ – زيد الحلي
وسط بهاء وثقة بالنفس، وتنظيم حاز على اعجاب الضيوف العرب والاجانب من المدعوين والسفراء، ورجالات المال والاقتصاد، طرح البنك المركزي العراقي تصوراته المالية والاقتصادية وانجازاته، المدعمة بالأرقام امام حشد من الخبراء والمختصين بالشأن الاقتصادي في مؤتمر موسع شهد افتتاحه فندق بابل امس، وهو المؤتمر السنوي الثالث، وقد حضرته ” الزمان ” وسجلت انطباعا مفرحا، امام حجم المهام التي انجزها البنك المركزي وكوادره المختلفة في ظرف هو الاصعب في تاريخ العراق .. كان مؤتمر صراحة ومكاشفة بامتياز.
ناقش المؤتمر دور البنك المركزي العراقي في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي، ضمن محاور عدة هي استدامة الدين العام والاستقرار المالي في العراق والشمول المالي والاداء المصرفي، وكذلك الجدارة المالية لقطاع المصارف في العراق وآليات تحفيز القطاع الحقيقي عبر سياسات الاقتصاد الكلي في العراق .. اهداف عدة، يسعى البنك الى تحقيقها من خلال نقاشات المؤتمر، منها تعزيز العلاقة بين ادوات السياسة النقدية ومتغيرات الاقتصاد الكلي وتعضيد دور القطاع المالي كقناة انتقال لآثار السياسة النقدية، وخلق لقاء تفاعلي بين المسؤولين عن السياسة النقدية والاكاديميين والباحثين لغرض تحديد الاليات التي تستطيع السياسة النقدية تبنيها في تطبيق اهدافها والاستفادة من الخبرات البحثية وتعشيقها مع الجانب العملي لتحقيق الاهداف الاستراتيجية للبنك المركزي العراق .. وكما يرى المرء، فان هذه الاهداف، تعتبر قمة في الفهم الاقتصادي والمالي لبلد يواجه تحديات عديدة تحاول المساس باقتصاداته وموارده.
ومن خلال الشفافية التي رافقت، اعمال المؤتمر في يومه الاول، تمنيت ان تكون هذه الفعالية، سياقا للوزارات والهيئات الاخرى، فمن الاهمية ان تتضافر جهود الجميع من كافة الفعاليات المجتمعية وقيادات الرأي والمؤسسات المعنية، ورواد الرأي من المختصين، لبلورة صيغ تكون حجر الاساس للبناء المدروس وفق قواعد واسس متينة، فتلاقح الرؤى، وابداء الملاحظات، ومناقشة الواقع المعاش برؤية موضوعية، هي مفتاح بناء الوطن، كذلك النقاش من قبل اصحاب الاختصاص، يؤدي الى فسحة امل في التقدم، بمختلف الاتجاهات، وتبقى تجربة البنك المركزي العراقي في عقد مؤتمر عام، محط تقدير، لأنها تؤكد علاقة إنسانية نبيلة ونقية بناءة وثرية بالمشاعر بين اصحاب الاختصاص وبين المواطنين.. فالبنك المركزي هو صمام الامان للأسرة والمجتمع .
لقد ادرك البنك، من خلال مهامه المعروفة، ان العمل بصمت المقتدر ضرورة مطلوبة، لكنه ايضا يستشعر اهمية الانفتاح الشامل، على وجهات النظر، واخذ المفيد منها بالحسبان، والعمل ضمن عقلية الفريق، والابتكار دون اجترار، متيقنا ان الخروج من مرحلة التلقين إلى خلق حالة من التفكير الابداعي الناقد، يؤدي الى نجاحات اكثر متانة .. فالتحدي الاكبر للعراق حاليا، كما يراه البنك المركزي، بعد القضاء على عصابات داعش، يكمن في مدى القدرة على تأسيس مفهوم اقتصادي ومالي حضاري نهضوي جديد، يعيد صياغة المفاهيم السابقة .
ان المستقبل الذي ينشده المؤتمر، يحتاج إلى طاقات متجددة وجهود جبارة، والأهم إحداث تغييرات في الذهنيات والمفاهيم، لاسيما ما يتعلق منها بمفهوم المسؤولية والعمل العام، فالمال والاقتصاد صنوان لا يفترقان
فهل تسعى بقية الوزارات والدوائر الى فرش تصوراتها، وبرامجها امام المختصين وجمهور المواطنين ووسائل الاعلام، كما فعل البنك المركزي العراقي، وهو المؤسسة الاخطر في الدولة؟