لا يوجد الكثير عن الخلافات بين دبي وأبو ظبي. إلا أنه بعد “ثورة” بن زايد السياسية في مختلف الملفات الإقليمية في المنطقة بدءاً من العدوان على اليمن، وليس انتهاءً بالأزمة الخليجية، ظهر نوعاً من الفتور بين “المحمدين” بن راشد آل مكتوم وبن زايد آل نهيان، وفق العديد من التقارير الإعلاميّة.
اليوم، وبعد أشهر قليلة على خسارات دبي، التي تبلغ مساحتها حوالي 5% من مساحة الإمارات السبع، الكثير من الاستثمارات إثر قرار طرد القطريین، برز خلاف من نوع آخر تمثّل في تجاوزات اللجنة المنظمة لسباقات الخيول حيث سحب محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، إسطبلات “إم آر إم” و”إم 7″ من سباقات الخيول التي تقام في قرية الإمارات الدولية للقدرة بمنطقة الوثبة في العاصمة أبوظبي، بشكل نهائي.
وقال بن زايد لقناة “دبي ريسنغ”، التابعة لإمارة دبي، السبت 29 ديسمبر/كانون الأول 2017، إنه شاهد فيديو متداولاً عن لجنة السباقات في قرية الإمارات الدولية للقدرة، مشيراً إلى أنهم تحدثوا عن ذكائهم في تعمّد ارتكاب الأخطاء دون الخضوع للمحاسبة.
واتهم بن راشد اللجنة بالغش، موضحاً أن الأمر وصل حدَّ التلاعب بالأوزان، “هناك فارستان نحن نعرف أوزانهما، ولكن لم نعترض يومها، ولكن عقب هذا الفيديو، دعهم يشاركون وحدهم ويقيمون السباقات وحدهم، وهذا الذي جعلنا نتخذ قرار الانسحاب، ونحن لا نقبل بهذه الأمور“.
وفي حين رفض حاكم دبي ذكر اسم المدرب الذي ظهر في الفيديو، تابع قائلاً: “بلغ السيل الزبى، بعدما وصلوا إلى هذه المرحلة”، في إشارة إلى لجنة الحكام مضيفاً: “نحن لا نقبل بذلك، إذ إن هذه هواية عالمية، ونحن نحبها، ودائماً لا نرضى أن يكون هناك أشخاص يقومون بتخريب هوايتنا، ويخربون القانون الخاص بها“.
وختم بن راشد “لن نشارك في الوثبة، لكن إذا طلب سمو الشيخ منصور بن زايد منا العودة فسنقول حاضر، لكن يجب تعديل هذه الأمور، وألا يتشدقوا أمام الفيديوهات، ويتحدثوا بهذه الطريقة“.
خلافات سابقة
الخلاف بين العائلتين ليس بجديد، ومن يرجع الى تاريخ الخلاف بين مشيختيا ابوظبي ودبي سيتوقف امام ما يسمى “بالمذكرة” وهو بيان شديد اللهجة اصدره في اواخر السبعينات الشيخ راشد حاكم دبي انتقد فيه قيام رئيس الدولة الشيخ زايد بتعيين ابنه سلطان قائدا للجيش.
بعدها، كان لآل مكتوم انتقاد تجاه حملة الاعتقالات التي تقوم بها أبوظبي، سواء في صفوف مواطنيها أو صفوف المستثمرين العرب، على خلفية الاشتباه بمواقفهم السياسية، معتبرا أنها تمثل عنصرا طاردا ومخيفا لرؤوس الأموال. ليتداول بعدها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلا نادرا يبدو أنه سجل قبل سنوات، يُظهر محمد بن راشد آل مكتوم وهو يقبل الشيخ يوسف القرضاوي، وهو العدو اللدود لأبو ظبي، خلال حفل أقامته الإمارة لتكريم الأخير.
مؤخراً، وبسبب ما يقوم به ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان من نشاطات أمنية و عسكرية و سياسية باسم الاتحاد الذي تم إنشاؤه عام ١٩٧٤م، زادت حدّة التوترات الصامته كون الاتفاقية بين الامارات السبع لا تخوّل أيّ إمارةً دون أُخرى باتخاذ خطوات إقليمية أو دولية بصورة منفردة .
ما زاد في طينة دبي بلّة هي المقاطعة الاماراتية لحكومة قطر و منع القطرين من التواجد على أرض الإمارات السبع خسرت حكومة دبي مبالغ و استثمارات طائلة كانت تخطط حكومة دبي أن تخرج من أزمتها بواسطتها، الأمر الذي أسهم في تأجيج الموقف بين حكومة دبي و أبوظبي ، لاسيّما أنّ الأخيرة ظلّت حتى وقت قريب، الجهة الوحيدة المخولة إصدار تأشيرات الدخول والاستثمار في كل الإمارات الخليجية.
أبو ظبي تهدّد سمعة دبي التجارية
ولعل أحد أسباب استياء دبي من سلوك أبو ظبي السياسي هو تهديد الأخيرة لسمعة دبي التجارية حيث يرى مراقبون أن سمعة إمارة دبي التي بنتها على مدى عقود في عالم التجارة وحرية الأعمال، باتت مهددة بسبب السلوك السياسي لإمارة أبوظبي في تعاطيها مع الملفات الإقليمية.
الامارات التي اقترن اسمها خلال العقد الماضي بدبي ونهضتها الاقتصادية، باتت ترتبط اليوم باسم أبو ظبي وتدخلاتها السياسية وملفات حقوق الإنسان، الأمر الذي يشكل تهديدا لبيئة الأعمال التي وفرتها دبي على مدى العقود الأخيرة.
ولعل أحد أسباب الخشية في دبي تتعلّق في كون إيراداتها النفطية تشكل 6% فقط من إجمالي اقتصادها، باعتبار أن اعتمادها الرئيسي يرتكز على التجارة وإعادة التصدير والعقارات والخدمات المالية والسياحة، وكلها ملفات تتأثّر بالأوضاع السياسية.
في الخلاصة، يسعى بن زايد لأن تصبح أبو ظبي العاصمة السياسية الأولى للدول الخليجية، ولكن هذا الأمل سيكون على حساب العاصمة الاقتصادية الأولى للدول الخليجية، أي أبو ظبي.