خيمة صفوان عام 1991: هل ستكون عُمان الخيمة المماثلة بين أمريكا وإيران؟

12

 

وسط تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، تعود رمزية خيمة صفوان إلى الواجهة، فهل تكون سلطنة عُمان محطة الحسم الجديدة؟
في عام 1991، جلس وفد عسكري عراقي مُنهك تحت خيمة نُصبت على عجل عند منفذ صفوان الحدودي مع الكويت. كانت لحظة إذعان لا لبس فيها، جاءت بعد حملة عسكرية أميركية كاسحة أنهت حرب الخليج الثانية خلال أسابيع. هناك، وُقّعت شروط وقف إطلاق النار، لكن الجوهر الحقيقي لتلك اللحظة لم يكن ورقياً، بل انهيار مشروع إقليمي بُني على وهم القوة، وانتهى بخيمة عزلة وتنازل.
اليوم، ومع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، تعود صور الخيام إلى الذاكرة السياسية. ليس في صحراء العراق هذه المرة، بل ربما في صمت الدبلوماسية العُمانية، الدولة التي لطالما لعبت دور الوسيط الحذر والمقبول من جميع الأطراف.
لكن السياق هذه المرة مختلف. فالرئيس الأميركي دونالد ترامب، العائد بقوة إلى البيت الأبيض، لا يحمل بيده أوراق تفاوض، بل شروطًا مسبقة لا تقبل النقاش: تفكيك البرنامج النووي الإيراني، التخلي عن النفوذ الإقليمي، خاصة في العراق، وقف دعم الجماعات المسلحة، وإنهاء مشروع الصواريخ الباليستية بعيدة المدى.
ترامب لا يمنح طهران مهلة مفتوحة. أمامها فقط شهران، إما للامتثال الكامل لتلك الشروط، أو مواجهة الخيار العسكري، الذي لا يبدو هذه المرة تهديدًا إعلاميًا، بل سيناريو قيد التحضير. التحشيد العسكري في الخليج، الانتشار البحري والجوي، والدعم الإسرائيلي الصامت ، كلها مؤشرات على أن واشنطن ماضية في طريق اللاعودة.
إيران، التي تُدرك حجم الانهاك الداخلي والعزلة الدولية، تقف أمام مفترق طرق. فإما القبول بما يشبه إملاءات منتصر، أو الذهاب إلى مواجهة شاملة قد تُسقط مشروعها الإقليمي برمّته.
وهنا، تبرز سلطنة عُمان بوصفها المرشح الأبرز لاحتضان تلك “الخيمة الجديدة”. ليس لأنها تدعم أحد الطرفين، بل لأنها الوحيدة التي ما زالت تحتفظ بعلاقات متوازنة، وتاريخ طويل من الوساطات الهادئة. لكن السؤال الأهم يبقى: هل ستكون خيمة عُمان خيمة تسوية تحفظ ماء الوجه، أم خيمة استسلام تُشبه صفوان؟
العراق… الساحة الأولى للتنازلات
في قلب هذا المشهد، يبدو العراق الحلقة الأضعف والأكثر تأثراً، كونه الساحة التي تُجسّد النفوذ الإيراني الأبرز. وإذا ما قُدّر لخيمة عُمان أن تُبرم اتفاقاً مماثلاً لصفوان، فإن أول الضحايا سيكون الوجود الإيراني في العراق، الذي تشكّل على مدى عقدين بأسس أمنية ومليشياوية باتت عبئاً داخلياً وخارجياً.
إنهاء هذا النفوذ لن يكون فقط تنفيذًا لرغبة أميركية، بل خطوة ضرورية لإنقاذ الدولة العراقية من التشتت والانقسام، ولبداية مشروع دولة حقيقية.
أما إسرائيل، فهي تتابع بصمت وبدقة، وتدفع باتجاه الحسم لا الحوار. تعتبر أن أي تسوية لا تُنهي التهديد الإيراني، خاصة عبر لبنان وسوريا والعراق، ستكون هدنة قصيرة لا أكثر. لذلك، تدفع باتجاه اتفاق نهائي تُفرَض فيه الشروط، أو حرب تُفرَض فيها الوقائع.
صفوان جديدة؟
قد لا تُنصب الخيمة المقبلة في صحراء، ولا يُرفع فيها علمٌ مُنهك، لكنها رمزيًا قد تحمل ذات المعنى: نهاية مشروع، وتبدّل موازين. فهل تقبل إيران بالدخول طوعاً إلى خيمة مسقط؟ أم أنها ستُجبر على ذلك كما أُجبر العراق يوماً؟ وهل تنجو بماء وجهها؟ أم تتجه نحو مغامرة ستُضاف إلى سجل خساراتها؟
الأسابيع القادمة، وحدها من ستكتب النهاية.

التعليقات معطلة.