المصدر: النهار العربي
رندة تقي الدين جزائريان أمام لوحة دعائية للمرشح عبد المجيد تبون (أ ف ب)تجمع الأوساط الدولية والمراقبون المتابعون للانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة اليوم على أن الرئيس المرشح عبد المجيد تبون سينتخب لولاية جديدة من خمس سنوات.قليلون من متابعي هذه الانتخابات في الخارج يعرفون المرشحين الآخرين، وهما يوسف أوشيش وعبد العال حسن شريف حساني. وأوشيش هو الأصغر سناً بين الثلاثة، ولد في منطقة القبائل تيزي ووزو عام 1983، وهو الأمين العام الأول لحزب “جبهة القوى الاشتراكية” الذي أنشأه السياسي الراحل حسين آيت أحمد. أما حساني فمن ولاية مسيلا جنوب شرقي الجزائر وهو ينتمي إلى حزب “المجتمع من أجل السلام” الإسلامي وتؤيده “جبهة الإنقاذ” الجزائرية.ركز تبون حملته الانتخابية على أنه أنقذ اقتصاد البلد من الانهيار ونقص السلع والحرائق التي تم إشعالها عن قصد في 2021 من “دولة معروفة بعدائها للجزائر”، من دون ذكر المملكة المغربية بالاسم. وشعار تبون لهذه الانتخابات هو “الجزائر الجديدة”، وذكّر بتوقيف “مافيات للنظام السابق” ومحاربة الفساد، وبسجن سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري السابق وكل الفاسدين من حوله، علماً أن تبون كان رئيس حكومة لفترة قصيرة في عهد بوتفليقة وقد سبق لسعيد بوتفليقة أن أذله.السفير الفرنسي السابق كزافييه دريانكور الذي تسلم المنصب مرتين في الجزائر، وهذا استثنائي في السلك الدبلوماسي الفرنسي، قال لـ”النهار العربي” إن “الانتخابات لن تغير شيئاً في الجزائر، فسيعاد انتخاب تبون”، متحدثاً عن ثلاثة معايير لاختيار الرئيس: “أولاً ينبغي أن يختار الجيش المرشح وتبون هو خيار الجيش، ثم أن يكون هناك مرشحون آخرون يصفونهم في الجزائر بأنهم أرانب، إذ يقومون بدور تمثيلي بحت ليقال إن الانتخاب ديموقراطي، والمعيار الثالث هو مستوى المشاركة في الانتخابات لأنه المؤشر الوحيد. فهو تقليدياً بمستوى بين 20 و25 في المئة، لكن يعمد المسؤولون إلى القول إن المشاركة هي بنحو 60 إلى 70 في المئة”.ويشرح دريانكور أن المؤسسة العسكرية تختار تبون لأنها اختارته في 2019 ولم يزعجها، “بل بالعكس كان مطيعاً للجيش وكان الحراك الشعبي قد انطفأ كلياً، وفي الأيام الأخيرة تم توقيف عدد كبير من الناشطين، صحافيين ومؤثرين في الشبكات الاجتماعية. وهم في السجن الآن. فالوضع صعب جداً على السلطة التي تدّعي أن الجزائر هي قوة اقتصادية في العالم، فيما اقتصادها يرتكز أساساً على النفط والغاز اللذين لا ينشئان فرص العمل”. وقد أتاحت الحرب في أوكرانيا للجزائر أن تكون مزوداً مهماً لأوروبا بالغاز عبر التصدير إلى إيطاليا، ومع ارتفاع أسعار النفط والغاز تمكنت من الحصول على 70 مليار دولار مكّنت النظام من إعادة توزيعها على القطاعات الاجتماعية. ونشطت الجزائر خلال حرب غزة كعضو غير دائم في مجلس الأمن للمطالبة بوقف الحرب وإدخال المعونات الإنسانية إلى غزة. أما على صعيد الدبلوماسية فعلاقة الجزائر متردية مع كل من المغرب ومالي وموريتانيا والنيجر وفرنسا، وقد فضلت فرنسا تأييد خطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء الغربية في تموز (يوليو) الماضي، ما أثار غضب الجزائر، إلا أنها جيدة مع تونس.وبحسب قول السفير ديانكور لـ”النهار العربي” في هذا الصدد، فإن الرئيس إيمانويل ماكرون فهم أن رهانه على العمل مع الجزائر كان خاسراً ولم يحدث أي تقدم بين البلدين منذ سبع سنوات. وقد سحبت الجزائر سفيرها من فرنسا منذ حوالي شهر بعد إعلان فرنسا تأييدها خطة المغرب للصحراء الغربية في رسالة ماكرون إلى الملك محمد السادس، فيما لا يزال السفير الفرنسي في الجزائر.ورداً على سؤال عن زيارة تبون فرنسا التي كانت مبرمجة في وقت سابق، توقع السفير دريانكور أن يحاول الرئيس ماكرون البحث عن سبل لتجنب القطيعة مع الجزائر، لأنه سعى إلى ذلك منذ 2017 وقد يحاول انتهاج سياسة “في الوقت نفسه” مع المغرب والجزائر، خصوصاً أن الجزائر لم تذكر شيئاً عن إلغاء زيارة تبون فرنسا.وتابع دريانكور أن بإمكان الجزائر أن تضغط بعرقلة عودة الجزائريين الموجودين في فرنسا من دون حق بالإقامة، إذ إن فرنسا لا يمكنها طردهم من دون حق مرور يُعطى من قنصلية الجزائر في فرنسا مثلما فعلت الجزائر بطرد آلاف المهاجرين إليها من أفريقيا إلى الصحراء.التجديد لتبون غداً سيكرس نفوذ رئيس الأركان الجزائري الجنرال سعيد شنقريحة (79 سنة) الذي خلف الجنرالأاحمد غيد صلاح بعد وفاته في 2019، فهناك استمرارية لنفوذ المؤسسة العسكرية التي تحكم الجزائر منذ عقود وتختار السلطة المدنية برئيسها التابع لها.