دروس الغوطة الشرقية.. والردع الروسي

1

ا. د. احمد القطامين
قد يكون ما حدث في الغوطة الدمشقية الشرقية اكثر التطورات الاستراتيجية إثارة في الازمة السورية منذ انطلاقها عام 2011. فجأة ولاسباب تعلمها القيادة السورية بالطبع تم استدعاء وحدات النخبة في الجيش السوري من جبهات القتال في الشرق والشمال وتحشيدها على تخوم منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق وهي المنطقة التي تعد سلة غذاء محافظة دمشق ذات الكثافة السكانية العالية.
بدأت حملة استعادة الغوطة بقصف جوي كثيف ومتواصل على مواقع السيطرة والتحكم ومخازن الاسلحة ومواقع القيادة التابعة للمجموعات المسلحة، عندها دعت امريكا الى الاجتماع الشهير لمجلس الامن لفرملة الاندفاعة البرية لوحدات النخبة من الجيش السوري المتوقعة على مراكز المسلحين ومعسكراتهم في الغوطة. وكما تابعنا حيا على اثير الفضائيات اغلظ ممثلو امريكا وفرنسا وبريطانيا بالتهديدات في حملة تخويف منسقة لردع السلطات السورية عن ان تبدأ الهجوم البري، الا ان الحملة فشلت بسبب الموافقة الروسية على تمرير قرار مجلس الامن الذي يدعو الى وقف العمليات العسكرية فورا ومن ثم تجاهاه بالكامل. مع ذلك شرع الجيش السوري بالحملة بدعم جوي واسع من الطيران الحربي الروسي وتم اختراق خط الدفاع الاول للمسلحين في الغوطة بسهولة كبيرة مما ادى الى تراجع المسلحين الى خط الدفاع الثاني.
بالرغم من فتح الجيش السوري لمعابر لخروج المدنيين من الغوطة بعد اختراق خط الدفاع الاول الا ان المدنيون لم يخرجوا بسبب انسداد طرق الخروج من قبل المسلحين. كان خروج المدنيين من مناطق الغوطة بالغ الاهمية لنجاح الحملة العسكرية، فاصبح من المحتم كسر خط الدفاع الثاني في عمق الغوطة، وقد تم ذلك بسهولة ايضا حيث تراجع المسلحون مجددا الى ما وراء خط الدفاع الثالث وهو بمثابة خط الدفاع الاستراتيجي الاخير الذي عند كسره سيكون ذلك مؤشرا على هزيمة كبرى للمسلحين.
عند هذه النقطة اعلنت امريكا انها ستقصف دمشق وتدمرها بالكامل واجرت تحركات واسعة لسفنها البحرية على شواطئ البحر المتوسط قبالة الاراضي السورية ما لبثت ان تبعتها فرنسا التي وضعت اسرابا من طائراتها المقاتلة في حالة استعداد واعربت بريطانيا ايضا عن رغبتها في المشاركة في الحملة الجوية ضد سوريا.
حبس العالم انفاسة انتظارا للضربة، ولم يتطلب فرملة هذا التوجه العسكري الغربي الا تصريح يتيم لرئيس هيئة الاركان في الجيوش الروسية الذي قال فيىه ان كافة الاستعدادات العسكرية قد اتخذت لاسقاط اي هدف جوي يدخل المجال الجوي السوري وسندمر المكان الذي ينطلق منه ذلك الهدف ايضا. وفجأة توقف الحديث بشكل كامل عن قصف دمشق وتدميرها وفعل تصريح الجنرال الروسي فعله الكامل، ومضت وحدات الجيش السوري في فتح ثغرات داخل خط الدفاع الثالث للمسلحين في عمق الغوطة حيث اتاح ذلك المجال للمدنين بالعبور عبر تلك الثغرات الى مواقع الجيش السوري حيث عبر في الايام الخمسة الاولى اكثر من مائتي الف مدني تم نقلهم بحافلات اعدتها السلطات السورية الى اماكن ايواء حول الغوطة وفي مدينة دمشق كانت قد اعدت لهذا الغرض.
ادى اختراق خط الدفاع الثالث حول الغوطة الى انهيار كامل للمسلحين وبدأوا بالخضوع للشروط السورية وهي القبول بالمصالحة او المغادرة الى ادلب او الموت. فبعضهم صالح وبعضهم غادر وبعضهم لا زال يفكر..
انه درس لكل من يقف مع الاجنبي ضد وطنه ايا كانت اعتراضاته وتظلماته من هذا الوطن.. فالوطن هو الوطن اما المظالم فلها طريقة اخرى للحل..

التعليقات معطلة.