دماغك يتغير أثناء الحمل ويهيئك للأمومة

1

يحفز الحمل تغييرات أساسية في دماغ المرأة، مما يعزز غرائز الأمومة وردود الفعل العاطفية تجاه الأطفال. وتستمر تلك التغييرات طيلة حياتها.
في العادة، يجري التركيز على التغيّرات الحاصلة في جسم المرأة في الحمل، لكن نادراً ما يُبحث في التغيّرات التي تحصل في دماغها. وقد أظهرت دراسة حديثة أن الحمل يحدث تغييرات مهمّة في الدماغ بطرق لافتة، تشمل تعزيز قدرة الأم على التواصل مع طفلها والعناية به. وتُعرف تلك التغييرات بحالة “دماغ الطفل”

دماغ الحامل وزوبعة من التغييرات

 

النسيان وتشوّش الدماغ وغيرها من الأمور قد تلاحظها الحامل وتؤثر على نمط حياتها، من دون أن تجد سبباً واضحاً لها. في الواقع، تحصل تلك الأعراض مع ما يرافقها من تغيّرات من دون أسباب مثيرة للاهتمام، لا يدركها سوى قلائل ممن يهتمون بهذه المرحلة المميّزة من حياة المرأة.

وخلال الحمل، تحصل تغيّرات في مستويات هرمونَي الـ”بروجيسترون” والـ”إستروجين” في الجسم. يؤثر الهرمونان في مواضع أساسية في داخل الدماغ، خصوصاً تلك المسؤولة عن التعاطف والتواصل العاطفيّ.

وبحسب الباحثة المتخصصة في علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا الدكتورة، إميلي جاكوبز، تهدف هذه التحولات إلى تخصيص الدماغ بالأمومة، بمعنى تعزيزها لدى المرأة. ويسهم ذلك التبدّل في تقديم الرعاية الفضلى للطفل المنتظر، وفي خلق مستويات فضلى من التواصل بين الأم ووليدها.
في ذلك الإطار، لاحظ الباحثون أنه في 80% من الأدمغة الـ400 التي تمّت متابعتها، حصل تغيير في المواضع المسؤولة عن فهم الآخرين والتواصل معهم. قد يبدو ذلك مقلقاً للوهلة الأولى، إلا أنّ ذلك التغيّر يترافق مع زيادة قدرات مناطق معينة في الدماغ ترتبط إلى حدّ كبير بغريزة الأمومة، خصوصاً تفاعل جسد الأمر وعقلها مع وليدها، ورفع مستوى ردة فعلها العاطفية الإيجابية في التفاعل مع الأطفال بصورة عامة.

 

من أمومة طفل واحد إلى محبّة الأطفال كلّهم

 

وفي لغة أكثر علميَّة، يحصل تقلّص يطاول 80% من القشرة الدماغية التي تتولّى التخطيط المنطقيّ المنظّم، والتي تدير العمليات العقلانية المنضبطة التي يتضمّن عملها كبح مجموعة كبيرة من المشاعر والعواطف التلقائية. ومع زوال ذلك الكبح، يتعاظم دور الإدراك العاطفي والتواصل المبنيّ على المشاعر، فيفيد ذلك التغيّر في تعزيز الأمومة ومعطياتها الأساسية، خصوصاً تلك الموجّهة إلى الطفل ورعايته، وصولاً إلى تعزيز مشاعر المحبّة تجاه الأطفال كلّهم.

بالتالي، تساعد تلك التغيّرات في تأقلم الأم من النواحي العاطفية والاجتماعية مع متطلبات الأمومة، كالتحلّي بالصبر في الليالي، التي لا تنام فيها، وفهم حاجات الطفل حينما يبكي، وما إلى ذلك.

وفيما يزول كثير من تلك التحوّلات بعد الولادة، تستمرّ أخرى على المدى البعيد، بل إن بعضها ينطبع إلى الأبد في دماغ الأم. ويساعد ذلك على التواصل عاطفياً مع الطفل والتجاوب مع متطلّباته.
وبالتالي، يتوجب على الحامل معرفة أن لحظات النسيان والهشاشة العاطفية ليست مؤشرات على تدهور ذهنيّ أو عقليّ، بل إنها تدلّ على مرونة دماغها ونموه وتأقلمه مع الانتقال إلى الأمومة.

التعليقات معطلة.