اخبار سياسية

دمشق تنتظر وزير الخارجية السعودي وتراهن على تعزيز العلاقات مع المملكة

 المصدر: دمشق – النهار العربي

اللقاء السعودي- السوري في جدة

اللقاء السعودي- السوري في جدة

تشير المعطيات السياسية في العاصمة السورية إلى أن دمشق تنظر بارتياح كبير إلى الانفراجة في علاقاتها العربية لا يكدّره سوى غصّة عدم وضوح مصير عودتها إلى الجامعة العربية. واعتبر مراقبون سوريون أن التزامن بين وصول وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى تونس واعتقال زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي “مصادفة جميلة” في إشارة إلى الدور الذي يُتهم الأخير به بتأجيج الفوضى “الجهاديّة” في سوريا عبر تسفير المقاتلين التونسيين للقتال في ساحتها إبان هيمنته على الحكم في تونس. وجاءت جولة المقداد العربية التي شملت الجزائر وتونس ومن المتوقع أن تُختتم في العراق، بعد ايام من زيارة نادرة قام بها إلى المملكة العربية السعودية في خطوة اعتبرتها دمشق بمثابة تدشين حقيقي لعودة العلاقات الثنائية مع الدول العربية خصوصاً لما للرياض من وزن إقليمي كبير وتأثير فاعل في العديد من القضايا الإقليمية والدولية. وعلى الرغم من أن المقداد نعى خلال زيارته إلى الجزائر جهود العودة إلى الجامعة العربية حيث وصفها بـ”شبه المستحيلة” رابطاً إمكان حدوث ذلك بتصحيح العلاقات الثنائية مع الدول العربية، فقد سادت في دمشق أجواء إيجابية  منذ تسريب معلومات عن زيارة وزير الخارجية السعودي فرحان بن فيصل إلى دمشق اليوم، الأمر الذي يشير إلى مدى الرهان الذي تضعه العاصمة السورية على استعادة زخم علاقتها مع المملكة باعتباره يشكل تعويضاً كبيراً عن عدم عودتها إلى الجامعة العربية، في حال استمرت عرقلة هذه الخطوة. وفي تعقيب على نتائج الاجتماع التشاوري في جدّة الذي غاب عن بيانه الختامي أيّ ذكر لموضوع عودة سوريا إلى الجامعة العربية، قال الإعلامي السوري وضاح عبد ربه رئيس تحرير صحيفة “الوطن” المقربة من دوائر صنع القرار في سوريا إن “كل ما يهم دمشق في الوقت الحالي هو اعادة بناء علاقات ثنائية راسخة مع دول عربية ذات وزن ونفوذ وتأثير بادرت إلى الانفتاح على سوريا… وهذه العلاقات هي التي تؤسس لعمل عربي مشترك فعال. أضاف أن “موضوع العودة إلى الجامعة العربية أو عدمه لم يكن يوماً هدفاً لسورية… فإن حصل أهلاً وسهلاً وإن لم يحصل فلن يغير من الأمر”. وختم منشوره على صفحته في فايسبوك بالتبشير في أن “الأيام المقبلة حبلى بكثير من الاخبار الجميلة باذن الله… فلا تضيعوا الوقت في التفاصيل” في إشارة على ما يبدو إلى التسريبات التي تحدثت عن زيارة الوزير السعودي إلى دمشق. ويبدو أن تركيز دمشق لا يزال منصباً على تمتين العلاقات الثنائية بينها وبين العواصم العربية التي بادرت لفتح أبواب التطبيع معها، باعتبار أن الاشتغال على تعزيز العلاقات الثنائية من شأنه الدفع بالعمل العربي المشترك نحو الأمام، كما أن دمشق تضع في الوقت الحالي تمتين هذه العلاقات كأولوية وغاية سياسية، أكثر من عودتها إلى جامعة الدول العربية، وهو ما يؤكد عليه المسؤولون السوريون باستمرار، وما أكد عليه أيضاً الرئيس بشار الأسد في آخر لقاء إعلامي له مع القنوات الروسية الشهر الفائت، عندما أكد أن سوريا لا ترى العودة إلى الجامعة غاية في ذاتها أو أكثر أهمية من العلاقات الثنائية، وفق ما جاء في تقرير لصحيفة الوطن اليوم الثلثاء. ونقلت “الوطن” عن مصادر دبلوماسية عربية متابعة “أن التسارع الحاصل في مسار التطبيع العربي مع دمشق هو دليل على تعافٍ ملموسٍ لا عودة بعده إلى الوراء، حيث تستمر الأجواء الإيجابية والتي اكتسبت زخماً كبيراً مع زيارة المقداد للسعودية والزيارة المرتقبة للوزير السعودي إلى دمشق”. ووفق المصادر فإن عودة العلاقات السورية- العربية خصوصاً السورية- السعودية إلى سابق عهدها باتت أمراً واقعاً ولم تعد في إطار التكهنات أو التحليلات، حيث سنشهد خلال الأيام المقبلة تسارعاً ملحوظاً وملموساً يشمل مختلف جوانب هذه العلاقة، ولن يقتصر على تبادل الزيارات الرسمية، وسيتعدى الجانب السياسي إلى الجوانب الأخرى وعلى رأسها الاقتصادية، وذلك في سياق الانفتاح الإقليمي المستمر أيضاً. وينظر مراقبون سوريون إلى التسارع في خطوات التطبيع بين دمشق والرياض على أنه منافس لمسار التطبيع السوري- التركي أو على الأقل يعتبرون تأثيره كبيراً في تحديد الخطوات والشروط السورية إزاء التقدم عليه حيث ترغب دمشق في الاستفادة من تطور علاقتها مع المملكة لمواجهة الموقف التركي الرافض لمطلب انسحاب القوات التركية من سوريا قبل مواصلة مسار التطبيع، وقد تجد دمشق في السند السعودي ما يجعلها أكثر قوة في مواجهة التعنت التركي الذي قرأ بعض المراقبين أن موقف قطر المتشدد في الاجتماع التشاوري في جدة لم يكن سوى انعكاس له.