مقالات

دور العراق في حال حصول الحرب بين أمريكا وإيران

 
 
 
محمود المفرجي الحسيني
 
 
ان ملاين الدولارات التي خسرتها واشنطن جراء استقدام اسلحتها الجرارة الى الخليج، يبدو انها ستذهب ادراج الرياح، وان هذه الاسلحة ليست سوى جعجعة فارغة كان الغرض منها اجبار ايران الى الخضوع لطاولة التفاوض “الامريكية”، والتي ترفض ايران الجلوس عليها.
 
رغم التصعيد الأمريكي الذي ما زال مستمرا، والتصريحات التي توحي الى وقوع حرب مرتقبة، الا ان كل المؤشرات تدل على ان فرص هذه الحرب بعيدة جدا بل مستحيلة، لاسباب كثيرة، منها متعلقة بمصلحة ومستقبل امريكا في المنطقة.
 
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مصادر استخباراتية قولها إن التصعيد الأخير بين طهران وواشنطن ناتج عن اعتقاد خاطئ لدى كل منهما برغبة الآخر في التصعيد.
 
وأكد مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بأنهم يجلسون قرب الهاتف بانتظار اتصال من إيران للموافقة على اجراء مفاوضات.
 
ونقلت وسائل اعلام عن هذا المسؤل، قوله، إن “واشنطن لم تتلق اي رد ايراني بشأن اجراء مفاوضات مباشرة”، مؤكدا أنهم “يجلسون قرب الهاتف بانتظار اتصال من إيران”.
 
اذا دخلت أمريكا في حرب فعلية مع إيران، فإنها ستكون قد ادخلت نفسها في محرقة حقيقية متعددة الجبهات، في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وهذا الامر لم تجربه أمريكا في تاريخها، بان تقوم بالحرب على منطقة كاملة، ومع جيوش وفصائل مسلحة تمتلك أسلحة متطورة تكنولوجيا، قد تضاهي الأسلحة التي تمتلكها امريكا، وخاصة في مجالي الصواريخ والطائرات المسيرة.
 
كما ان الساحة الاخطر في هذه الحرب لن تكون الساحة الايرانية او السورية او أي ساحة اخرى، انما الساحة العراقية التي تعد الاهم على الاطلاق في هذه الحرب، وامريكا تدرك هذا جيدا، ولاسباب كثيرة.
 
منها: ان الفصائل العراقية لن تعتبر الحرب على ايران بانها حرب دولة مع دولة اخرى، انما ستعتبرها استهداف لخط “المقاومة الاسلامية” في المنطقة، والذي يقاوم في الكثير من الجبهات، بعضها متعلقة بجذور ثقافية وعقائدية، وبعضها تعتبر من القضايا المصيرية، مثل القضية الفلسطينية.
 
ومنها: القدرة التسليحية العظيمة التي تمتلكها هذه الفصائل، والتي وصلت الى مديات كبيرة وقطعت خطوات متقدمة جدا”.
 
ومنها: التدريبات المتطورة والخبرة العظيمة التي اكتسبتها من خلال مقاتلتها لعصابات داعش الارهابية.
 
هذا الامر كله يوحي، بانه لو قامت الحرب لا سامح الله فان الساحة العراقية، ستكون احدى ساحاتها، وخارج عن ارادة الحكومة.
 
لكن اذا عرجنا الى القراءة الموضوعية لفرص قيام هذه الحرب، فسنجد انها غير موجودة بالمرة، وان امريكا نفسها لا تملك استراتيجية فعلية لهذه الحرب، وهذا ما أكده مسؤولون عسكريون في وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، الذين اعترفوا، بعدم وجود خطة فعلية قابلة للتنفيذ لمواجهة إيران.
 
ونقلت مجلة “تايم” عن ثلاثة مسؤوولين عسكريين أميركيين مشاركين في التخطيط والإشراف العسكري بمنطقة الشرق الأوسط أنه لا توجد خطة فعلية قابلة للتنفيذ، أو أي شيء من هذا القبيل، لنشر قوات على نطاق واسع في الخليج.
 
وقال أحد الضباط “يتطلب ذلك معرفة ما هو الأمر الذي ينبغي استهدافه، هل هي قوات إيران العسكرية أم يتعلق الأمر بمليشيا؟ هل العدو موجود في العراق أو سوريا أو في مكان آخر؟ هل يتعلق الأمر بسيارة مفخخة أم بصواريخ أم بتهديد إلكتروني؟ وهل هناك أدلة موثوقة تربط أي هجوم بالحكومة الإيرانية بحيث تكون الأهداف داخل إيران مشروعة؟”.