حذر مدير شبكة المعلومات السياسية عن الشرق الأوسط الدكتور إريك ماندل من تحويل مئات المليارات من الدولارات إلى الحرس الثوري بعد إبرام الاتفاق النووي المتوقع مع إيران.
وكتب في شبكة “ذا هيل” أن إدارة بايدن روجت لتكتيكات مفاوضاتها الصارمة التي أجبرت إيران على القبول ببقاء الحرس الثوري على قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. هذا صحيح تقنياً لكن السؤال الأساسي هو عن التأثير العملي الذي قد يتركه أي اتفاق على أموال الحرس وعما إذا كان سيستفيد من مئة مليار دولار سنوياً ناجمة عن تجديد الاتفاق.
ليس مجرد منظمة إرهابية
يظن معظم الناس أن الحرس منظمة عسكرية وإرهابية فقط لكنه في الواقع يسيطر على نسبة كبيرة من الاقتصاد الإيراني. في 2010، قال الخبير مئير جافدنفر إن الحرس الثوري “يسيطر الآن أقله على نصف الشركات المملوكة” من الدولة الإيرانية وإن هذا “تقدير محافظ”. وأشار علي رضا نادر من مؤسسة راند إلى أن الحرس الثوري هو “اللاعب الأساسي في إيران ويسيطر على اقتصاد إيران الرسمي وغير الشرعي”. بالفعل، تشمل استثماراته البناء والبنية التحتية وإنتاج الطاقة والعمليات الجراحية الطبية والغذاء والتعليم والنقل وبالطبع البنية التحتية العسكرية.
تمييز مصطنع ومضلل
لا فرق بين الحكومة الإيرانية تحت سيطرة المرشد الأعلى علي خامنئي ووريثه الظاهر الرئيس ابراهيم رئيسي والحرس الثوري. هم متشابكون حسب الكاتب. وفقاً لوكالة رويترز، يضم الحرس الثوري أكثر من 125 ألف عنصر وهو أيضاً “إمبراطورية صناعية ذات نفوذ سياسي، وموال للمرشد الأعلى”. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي أن شركة خاتم الأنبياء للبناء التابعة للحرس “تسيطر على نحو ثلث الاقتصاد الإيراني عبر سلسلة من الشركات التابعة والصناديق الائتمانية” المقدرة قيمتها بمئة مليار دولار. التمييز الغربي في المفاوضات بين الحرس الثوري والحكومة الإيرانية مصطنع ومضلل ويقوض الأهداف الأمريكية الاستراتيجية.
عليه حسم خياره بشأن الحرس… والالتزام به
أضاف ماندل أنه إذا صحت التقارير، فقد وافق فريق بايدن على إفراغ العقوبات على الحرس الثوري من مضمونها والسماح لمليارات الدولارات بالتدفق إلى إرهابيين ينشطون لاغتيال المزيد من الأمريكيين. وقال ريتشارد غولدبرغ من مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات إنه “إما يؤمن الرئيس بايدن بأن الحرس الثوري منظمة إرهابية وإما لا يفعل. لو كان ذلك مرتبطاً بداعش والقاعدة هل كان أحد ليعرض تخفيفاً للعقوبات عن كبار مموليهما أو يتفاوض بشأن كيفية تمكن الأجانب من التعامل التجاري مع فروعهما؟”
تاريخ من الخداع
تجاوز اتفاق 2015 النووي القيود على الحرس الثوري من خلال إلغاء العقوبات عن قطاعات كاملة من الاقتصاد الإيراني الذي تسيطر عليه تلك المنظمة. وفق خبراء من مؤسسة الرأي نفسها، مع الاتفاق الجديد، “سيتم رفع الإنفاذ الكامل للعقوبات الأمريكية الثانوية عن الشركات التابعة للحرس الثوري … مع تخفيف إضافي للعقوبات المتعلقة للإرهاب عن كبار ممولي الحرس الثوري، من ضمنهم بنك إيران المركزي وشركة النفط الوطنية الإيرانية”.
أوضح ماندل أن للبنك المركزي الإيراني تاريخاً من الخداع وإخفاء وتحويل الأموال للحرس الثوري كي يدعم شبكاته الإرهابية في لبنان وسوريا والعراق واليمن. وشمل ذلك التفافاً على العقوبات المفروضة على صادرات النفط وإخفاء المصدر الفعلي للتعاملات.
استعراض
تابع الكاتب أن من يتوقع قيام إدارة بايدن بتنفيذ العقوبات الثانوية على الحرس الثوري بعد إبرام الاتفاق، فعندها من المتوقع أيضاً أن يعتقد بأن الاتفاق النووي سينهي قدرة إيران على تطوير أسلحة ذرية وأن القمر مصنوع من جبنة خضراء. كما كانت الحال مع الرئيس أوباما، سيتم تنفيذ العقوبات المرتبطة بالإرهاب والانتهاكات الحقوقية والانتشار الصاروخي بالحد الأدنى خوفاً من التحدي الإيراني. الخلاصة هي أن تخفيف العقوبات بما يساوي مئات المليارات من الدولارات سيفيد الحرس الثوري ونشاطاته الخبيثة. الإبقاء على تصنيف الحرس هو للاستعراض أكثر مما هو للتأثير على نشاطاته.
سيغذي شهية النظام على الإرهاب… وأكثر
إن المدافعين عن الاتفاق المقبل يزعمون أنه أفضل من عدم الاتفاق لأنه سيكون هنالك على الأقل بعض القيود المؤقتة على البرنامج النووي الإيراني. هم يشيرون إلى الوضع في كوريا الشمالية حيث لا اتفاقات معها أو يأملون كبح جماح نظام متعصب. يؤكد ماندل أن هذا الاتفاق السيئ لن يكون أفضل من عدم الحصول على أي اتفاق. إن تأمين الدعم المالي للحرس الثوري سيغذي شهية النظام على التوسع والإرهاب مما يزيد احتمال اندلاع حرب إقليمية. في غضون سنوات قليلة، ستنتهي صلاحية أي قيود نووية، وسيعقب ذلك سباق تسلح نووي شرق أوسطي. “كيف يمكن أياً من هذا تعزيز مصالح الأمن القومي لأمريكا؟”