تشخّص 16,4 مليون حالة انسداد رئوي مزمن Chronic Obstructive Lung Disorder بين الراشدين، مع توقّع وجود ملايين الحالات غير المشخّصة. ومن يعرف أحد المصابين بهذا المرض يدرك مدى صعوبته والمراحل المتقدّمة التي قد يصل إليها. ومع تقدّم المرض، يصبح أبسط نشاط في الحياة اليومية تحدّياً صعباً، ويجد المريض نفسه عاجزاً عن الحركة والتنفّس بشكل طبيعي. وقد يصل الأمر إلى ملازمة الفراش والاعتماد على التزوّد الاصطناعي بالأوكسيجين لمتابعة الحياة.
ويُعتبر التدخين بأنواعه المسبّب الرئيسي للانسداد الرئوي المزمن. على الرغم من ذلك، يميل المدخّنون، خصوصاً الشباب منهم، إلى الاستهانة باحتمال إصابتهم به، فيصبحون بالتالي أكثر المتضرّرين من مخاطره، بحسب الموقع الصحي المتخصّص Lung.org
ما هو الانسداد الرئوي المزمن؟
تُعبِّر حالة الانسداد الرئوي المزمن عن تضيِّق مستمر في المسالك التنفسية التي توصل الهواء إلى الرئتين، خصوصاً الشعيبات الدقيقة التي تحمل الأنفاس جيئة وذهاباً إلى الأكياس الهوائية التي تنقّي الدم من ثاني أوكسيد الكربون وتنقل الأوكسجين إليه. ويتأتّى ذلك من تضرّر المجاري التنفسية وحدوث ما يشبه الحالة الالتهابية المزمنة فيها، بالإضافة إلى تراكم فائض للإفرازات المخاطية في الجهاز التنفّسي. وبالتالي، يُحتجز الهواء في الرئتين بشكل تدريجي يُحدث تعطيلاً متصاعداً ومتراكماً في وظائفهما.
التدخين في طليعة عوامل الانسداد
يعتبر التدخين المسبب الرئيسي للإصابة بالانسداد الرئوي المزمن. وقد أظهرت الدراسات أن تضرر الرئتين يحصل في مراحل مبكرة من للتدخين، بعكس الاعتقاد الذي ساد طويلاً بأنّ هذه الأضرار لا تظهر إلّا في مراحل عمرية متقدّمة.
وتشير التقديرات إلى أنّ أكثر من 300 مليون شخصٍ يعانون الانسداد الرئوي المزمن حول العالم. وقد يبدأ تضرّر الرئتين حتى في مراحل الطفولة عند التعرّض للتدخين السلبي. وربما تضررت رئتا الجنين بأثر من تدخين الحامل أو تنشّقها دخان سجائر الآخرين (تدخين سلبي). ويؤثر النيكوتين بصورة مباشرة على رئتي الجنين، خصوصاً أثناء المراحل المبكرة من نموّهما.
وفي إحدى الدراسات، أقرّت 20 في المئة من النساء بالتدخين قبل بداية الحمل، فيما حصل ذلك في الأشهر الأخيرة منه لدى 10 في المئة منهنّ. وينطبق ذلك على تدخين السجائر الإلكترونية.
ويلاحظ أنّ صحة الرئتين من الجوانب الصحية التي لا تُعطى اهتماماً ملائماً، بالمقارنة مع ضغط الدم لدى الراشدين، أو الطول والوزن عند الأطفال.
وبالتالي، يدعو الباحثون إلى التشديد على أهمية الفحوص الروتينية للرئتين، خصوصاً مع تزايد انتشار التدخين الإلكتروني بين الشباب والمراهقين، على رغم أنّ مخاطره تتشابه مع التدخين التقليدي.
سُبُل الوقاية
في كلّ من مراحل الحياة، من المفترض الحرص على الحفاظ على صحة الرئتين. ويبدأ الأمر مع تجنّب تعريض الحامل للنيكوتين والتبغ، توخّياً لوقايتها ولحماية رئتي جنينها.
ومن مرحلة الطفولة، يجب البدء بالتحدث عن أضرار التدخين بأنواعه. ومع اقتراب مرحلة المراهقة، يجدر التشديد على مخاطر التدخين الإلكتروني وإظهار مخاطره الكثيرة. واستكمالاً، من المهم الحرص على حصول الطفل على كافة اللقاحات في الوقت المناسب.
وكذلك أظهرت دراسات عدّة أن الحفاظ على الرشاقة وممارسة النشاط الجسدي في مراحل مبكرة من الحياة كفيل بالحفاظ على صحة الرئتين في مراحل لاحقة من الحياة. ويعتبر الوقت مناسباً للبدء بممارسة الرياضة في أيّ مرحلة من الحياة.
في حال مواجهة أي فرد من العائلة ضيقاً في النفس أو سعالاً، من المهمّ الحرص على استشارة الطبيب بصورة سريعة وملائمة.