رجل “حماس” لدى إيران و”حزب الله”… من هو صالح العاروري الذي اغتيل في بيروت؟

2

نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" ‏صالح العاروري

نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” ‏صالح العاروري
  اغتيل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” ‏صالح العاروري مساء اليوم بغارة إسرائيلية من مسيّرة استهدفت مكتباً تابعاً للحركة في الضاحية الجنوبية ‏لبيروت. ‏
وأصبح دور العاروري في “حماس” أكثر بروزا من مجرّد شغله ‏لمنصب نائب رئيس المكتب السياسي. ‏
‏”مهندس وحدة الساحات”‏ويتصدّر العاروري المعروف بـ”جنرال المقاومة”، و”الرجل ‏الاستراتيجي”، و”مهندس وحدة الساحات” ما يُعرف باستراتيجية ‏وحدة الساحات التي تبلورت بعد اغتيال قادة “الجهاد الإسلامي” في ‏آب (أغسطس) عام 2022، وتحوّلت إلى واقع تتبناه حركتا “حماس” ‏و”الجهاد الإسلامي” و”حزب الله” اللبناني وباقي الفصائل الفلسطينية. ‏
ومن أبرز العمليات التي تم تبنيها القصف الصاروخي من غزة ولبنان ‏وسوريا في نيسان (أبريل) الماضي، خلال شهر رمضان بعد ‏الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم القدسي الشريف والمسجد ‏الأقصى.‏
وتتهم إسرائيل العاروري بالمسؤولية عن القصف الصاروخي ‏لعلاقاته الواسعة بإيران وقادة “حزب الله”، وبأنه المحرك الأساسي ‏المسؤول عن إشعال الضفة الغربية وتحريكها. ففي رأي “مسؤول ‏إسرائيلي أن “العاروري يحرك كل شيء وهو على مقعده في ‏بيروت”، لكنها تصفه أيضاً بالشخصية المحنكة والماهرة سياسياً ‏وعسكرياً.‏
وبالإضافة الى استمراره في لعب دور في كتائب القسام، أمضى ‏العاروري سنوات في المساعدة في إعادة بناء عمليات حماس في ‏الأراضي الفلسطينية الأخرى التي تحاصرها إسرائيل، كالضفة ‏الغربية، وفقا لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين سابقين في مجال ‏مكافحة الإرهاب كانوا يتعقبون أثره.‏
يقول هؤلاء إن العاروري يعمل كمساعد رئيسي لإسماعيل هنية، أحد ‏قادة حماس العديدين المقيمين في قطر، وخاصة فيما يتعلق بعمليات ‏التواصل السياسي بين الحركة وإيران وحزب الله.‏
ولد العاروري في مدينة رام الله بالضفة الغربية، وأصبح عنصرا ‏أساسيا في النشاط المؤيد للفلسطينيين في منتصف الثمانينات في ‏جامعة الخليل، حيث درس الشريعة الإسلامية.‏
ويقول مسؤولون أمنيون في إسرائيل والولايات المتحدة إن العاروري ‏انضم إلى حماس بعد وقت قصير من تشكيلها في أواخر عام 1987 ‏مع بداية “الانتفاضة الفلسطينية الأولى”. ‏
ويضيف هؤلاء أن الرجل سرعان ما تدرّج من كونه قائدا لمنظمة ‏شبابية داخل الحرم الجامعي إلى تأسيس كتائب القسام.‏ وتظهر وثائق أميركية وإسرائيلية أن كتائب ‏القسام بدأت بحلول أوائل التسعينيات، في شن هجمات ضد إسرائيل ‏في الأراضي الفلسطينية وفي داخل إسرائيل، شملت تفجيرات ‏وهجمات صاروخية واسعة النطاق.‏
في عام 2003، صنفت وزارة العدل الأميركية العاروري كمتآمر ‏في قضية تتعلق بتمويل الإرهاب لارتباطه بثلاثة من نشطاء حماس ‏في شيكاغو.‏
وتم وصف العاروري في لائحة الاتهام بأنه قائد عسكري رفيع ‏المستوى في حماس، تلقى عشرات الآلاف من الدولارات مقابل ‏أنشطة إرهابية بما في ذلك شراء الأسلحة.‏
احتجزت السلطات الإسرائيلية العاروري وسجنته ثلاث مرات، رغم ‏أنه واصل نشاطه في حماس حتى أثناء وجوده في سجن إسرائيلي في ‏عسقلان.‏
اعتقل العاروري في عام 2007، ولكن تم إطلاق سراحه في ‏عام 2011 عندما أطلقت إسرائيل سراح أكثر من 1000 سجين ‏فلسطيني مقابل إطلاق سراح جندي إسرائيلي أسرته حماس في عام ‏‏2006.‏
بعد إطلاق سراحه اضطر العاروري إلى الخروج من غزة وانتقل ‏إلى العاصمة السورية دمشق للانضمام إلى قيادة حماس في المنفى ‏هناك.‏
ومع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا في 2012، بدأ العاروري في ‏التحرك مرة أخرى، وأمضى بعض الوقت في تركيا، حيث بدأ في ‏بناء وجود عملياتي لحماس، وفي قطر، حيث تقيم القيادة السياسية ‏لحماس، وفي لبنان كذلك.‏
في عام 2014، أعلن العاروري أن حماس مسؤولة عن الهجوم الذي ‏وقع في حزيران (يونيو) 2014 وشمل اختطاف وقتل ثلاثة مراهقين ‏إسرائيليين في الضفة الغربية، كان أحدهم مواطنا أميركيا إسرائيليا.‏
في أيلول (سبتمبر) 2015، فرضت وزارة الخزانة الأميركية ‏عقوبات عليه باعتباره إرهابيا عالميا مصنفا بشكل خاص، ‏قائلة إنه عمل “كممول رئيسي وميسر مالي لخلايا حماس العسكرية”.‏
وتقول الوثائق الأميركية المتعلقة بهذا الإجراء إن العاروري أدار ‏العمليات العسكرية لحماس في الضفة الغربية، وإنه كان مرتبطا ‏بالعديد من الهجمات الإرهابية وعمليات الاختطاف.‏
في حزيران (يونيو) 2017، طردت قطر ستة من أعضاء حماس، ‏بما في ذلك العاروري، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية في ‏تقريرها السنوي حول الإرهاب. ‏
وجاءت هذه الخطوة جراء ضغوط أميركية مكثفة على قطر من أجل ‏وقف توفير ملاذ آمن للإرهابيين، وفقا للصحيفة.‏
وتضيف الصحيفة أن العاروري انتقل بعدها إلى لبنان حيث لعب ‏دورا فعالا في رأب الصدع الذي شاب العلاقات بين حركة حماس ‏وإيران على خلفية الحرب الأهلية في سوريا وكذلك بدأ في إقامة ‏علاقات أوثق مع حزب الله من قاعدة عملياته الجديدة في لبنان.‏
في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، عرض برنامج المكافآت من أجل ‏العدالة التابع لوزارة الخارجية الأميركية مكافأة تصل إلى 5 ملايين ‏دولار مقابل معلومات عن العاروري.‏
وقالت وزارة الخارجية في ذلك الوقت، إن العاروري “يعيش حاليا ‏بحرية في لبنان، حيث يقال إنه يعمل مع قائد فيلق القدس الإيراني ‏قاسم سليماني”.‏
كذلك تؤكد الصحيفة أن العاروري كانت تربطه علاقة وحضر ‏اجتماعات مع سعيد إزادي رئيس “فرع فلسطين” في فيلق القدس ‏التابع للحرس الثوري الإيراني.‏
وفقا لمسؤولين إسرائيليين فقد عمل العاروري على جلب مقاتلي ‏كتائب القسام إلى لبنان لتلقي تدريبات خاصة.‏
ويؤكد مسؤولون أمنيون سابقون للصحيفة أن العاروري كان يسافر ‏من وإلى إيران، لكنه يبقى في الغالب في لبنان، حيث يوفر له حزب ‏الله الحماية.‏
في تصريحه للصحيفة، يقول عضو لجنة الشؤون الخارجية والأمن ‏في الكنيست داني دانون إن من المؤكد أن “إيران متورطة بشكل كبير ‏في كل ما يحدث في غزة، من التدريب والمعدات والتمويل وحتى ‏أسلوب القتال”.‏
وأضاف دانون: “لدينا معرفة بالتعاون بين طهران وبيروت وغزة.. ‏نحن قلقون من أن التكنولوجيا جاءت من طهران إلى بيروت ومن ثم ‏غزة”.‏
وأكد دانون، الذي عمل أيضا سفيرا لإسرائيل لدى الأمم المتحدة، أن ‏العاروري “كان منخرطا بشكل كبير في هذا المثلث”.‏
بدوره أكد أودي ليفي، الذي عمل سابقا قائدا لوحدة “تسيلتسال” في ‏الموساد ومهمتها تعقّب أموال المنظمات الفلسطينية وحزب الله ‏وغيرها، أن الإسرائيليين يبحثون عن العاروري مثلما كانت الولايات ‏المتحدة تبحث عن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بعد هجمات ‏‏11 أيلول (سبتمبر)”.‏
وأسفرت ضربة إسرائيلية جوية استهدفت مقرا لحركة حماس في ‏ضاحية بيروت الجنوبية عن اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي ‏لحركة حماس صالح العاروري، حسبما أفادت مصادر محلية.‏

التعليقات معطلة.