مقالات

رحاب : إلى كل باحث عن عمل: هل أنت جاهز؟!

 
 
 
أحمد المعشني
 
يسرد الدكتور إبراهيم الفقي خبير التنمية البشرية المصري الكندي ـ رحمه الله ـ قصته في التغلب على العقبات التي واجهته في مقتبل حياته المهنية كباحث عن عمل، وخصوصا عندما هاجر بمعية زوجته آمال وكانت حاملا بابنتين توأم، هاجرا من بلدهما مصر إلى كندا مرورا بفرنسا ومعهما ألفا دولار فقط وجوازا سفرهما، وفي أثناء انتظارهما في فرنسا ارتكب مغامرة خطيرة كان لها أثر غير مسار حياته وحياة أسرته. فقد اشترى ساعتين له ولزوجته بقيمة 1800 دولار، ولم يتبق معهما سوى مئتي دولار فقط، فغضبت زوجته واعتبرت ذلك حماقة وتبذيرا، فكان رده عليها؛ بأن عليهما أن يعثرا على عمل فور وصولهما إلى كندا، ولا يجب أن يتكلا ويعتمدا على ميزانية الألفي دولار. ويكمل الفقي ـ رحمه الله ـ قصته بأنه استطاع أن يجد وظيفة خلال 24 ساعة من وصوله إلى كندا. وفعلا استطاع أن يحصل على وظيفة غاسل أطباق في (بدروم) أحد الفنادق، ولم يتأفف أو يتعالى من تلك الوظيفة البسيطة التي يبدأ دوامها في ساعة مبكرة كل يوم ويستمر فيها إلى وقت متأخر في المساء، ثم يذهب إلى فصول دراسة اللغة وإعداد نفسه لوظيفة أفضل، وقد استمر لمدة ست سنوات في وظائف بسيطة، ولكنه أثناءها كانت نيته تشرئب بعيدا، فقد طلب مقابلة مدير عام الفندق الذي كان يعمل فيه بمهنة غاسل أطباق، وعندما قابله سأله المدير العام عن الهدف من المقابلة، فأخبره، بأنه يريد إبلاغه بخبرين؛ أحدهما خبر سار والثاني خبر سيئ، فعلق المدير العام مبتسما طالبا منه أن يبدأ بالخبر السار أولا!، فرد عليه الفقي بكل ثقة أنه قرر أن يصبح مديرا عاما لفندق خمس نجوم، فضحك المدير العام دون أن يعلق. ثم سأله وما هو الخبر السيئ فرد عليه الفقي بأنه للأسف سيشغل مكانه. فاضطرب المدير العام من جرأة ذلك العامل المهاجر ومن أحلامه الطائشة، لكن الفقي لم يكن طائشا، بل قرر مسبقا وبكل إصرار وتحدٍّ أن يصبح مديرا عاما لفندق بضخامة ذلك الفندق الذي كان يعمل فيه عاملا بسيطا مع موظفين من ستين جنسية. لقد تبنى ذلك الشاب المهاجر الذي لم يكن حظه من التعليم يتعدى شهادة مهنية بسيطة في عمل الفنادق؛ تبنى هدفا يحقق طموحه وقرر أن يحققه، ولم يذهب حلمه أدراج الرياح، ولم يترك حلمه وهما مبعثرا في سراب التمني والتغني، بل حوله إلى حقيقة من خلال التفكير الإيجابي المدعوم بالعمل والدراسة والتدريب. وفي خلال ست سنوات صار الفقي مديرا عاما لفندق خمس نجوم، واستمر في عمله، ثم صار خبيرا عالميا في التحفيز وفي التنمية البشرية.
عندما يقرر أي باحث عن عمل أن يعمل سوف يجد عملا. يستطيع أي إنسان يسعى من أجل أن يعف نفسه وتصبح يده يدا عليا أن يجد لنفسه مورد رزق، حتى ولو كان بسيطا، حتى لو كان راتبها ضئيلا. المهم أن ينوي الشاب العمل فورا. وما أكثر الأعمال في بلدنا، وما أكثر موارد الرزق وما أعظم الفرص وأكثرها في السلطنة. نستطيع أن نستدعي إلى عقولنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا لأهل عمان، ويروى عنه حديث بأن من ضاقت عليه الدنيا فعليه بعمان. وأن من أراد التجارة فعليه بعمان. أعرف عاملا بنجاليا لا يقرأ ولا يكتب، يعمل منظف سيارات في الجامعة التي أعمل فيها، أقابله بعد الظهر وهو يعمل مقاولا، وفي بعض الأوقات مزارعا، وفي بعض الأحيان حمالا، كل تلك المهن يجمع بينها في اليوم الواحد، يتمتع بالصحة وعندما أخرج ورقة الخمسة ريالات لإعطائه حقه مقابل تنظيف سيارتي يخرج من جيبه حزما كثيرة للنقود من الخمسين والعشرين والعشرة وغيرها. لقد اتخذ ذلك العامل قرارا بأن يعمل، بأن يعف نفسه، بأن يأكل من عرق جبينه.
أناشد كل شاب يقرأ هذا المقال الآن أن يتخذ قرارا بأن يعمل فورا، ولن يطول به الانتظار، فسوف يجد وظيفة، اقبل بتلك الوظيفة، تمسك بها، وضع فيها طاقاتك وجهدك بصدق وإخلاص، ثم أطلق العنان لأحلامك، وادرس واقرأ وأعد نفسك لكي تصبح جديرا بما تحلم.
د. أحمد بن علي المعشني
رئيس مكتب النجاح للتنمية البشرية