أحمد المعشني
هناك من الناس من يسأل للعلم، ومنهم من يسأل للاستكشاف وهناك من يسأل للتبرير وبعض الناس يسأل للتعجب وبعضهم يسأل لتبرير تشاؤمه، ومنهم من يسأل لمعرفة ماذا عليه أن يعمل. كانت الأسئلة ولا تزال أداة العقل الأولى للمعرفة والتفسير، ومن خلالها ينشط عقل الإنسان ويبدع أو يتكاسل ويسخط أو يحسد أو يحقد. فمن خلالها تستيقظ العواطف والمشاعر التي تتحرك الجوارح وتدفع إلى الفعل والحركة للحصول على الإجابات. فالأسئلة التي يسألها الشخص، تكشف هويته، وتعرض مستواه العقلي أمام الناس.
وعلى قدر ما يسأل الناس يكون نصيبهم من النجاح أو الفشل.
أتذكر قصة سمعتها من كبار السن في صلالة أن امرأة جاءت إلى أحد شيوخ العلم، وسألته عما يمكن أن تفعله ويدخلها الجنة؟ فأخبرها ذلك الشيخ العابد بأن عليها أن تطيع الله ولا تعصيه.
فسألته ثانية عماذا عليها أن تعمل ليكون لها صدقة جارية إلى يوم القيامة؟ فأخبرها بأن عليها أن تعمل شيئا يستفيد منه الناس ويبقى شاهدا لها ومصدرا يضاعف لها الثواب والحسنات، فباعت تلك المرأة حليها وحفرت بقيمتها بئرا في سهل صلالة، وكان الناس يقطعونه نزولا وصعودا من الجبال وإلى المدينة على رجولهم أو على ظهور دوابهم في ساعات طويلة وعندما يشتد بهم العطش لا يجدون سقيا قريبة منهم، فكانت تلك البئر ملاذهم عند اشتداد العطش بهم، وبقيت وقفا لأجيال ممتدة حتى أدركها العمران ولا تزال باقية إلى يومنا هذا.
كان سؤال تلك المرأة بسيطا ولكنه قادها إلى عمل مثمر؟ وهناك من الأسئلة التي تقود إلى الشك وبعض الأسئلة تفجر الغضب والاستياء والإحباط وهنك أسئلة تدفعنا إلى العمل والانتاج.
يروى أحد رجال الأعمال أن ما دفعه للتجارة أنه سأل نفسه وكان لا يزال طفلا وهو يرى الأطفال يشترون من مقصف المدرسة، كيف يستطيع أن يحصل على الفلوس ويشتري مثلهم؟ فهداه عقله الصغير إلى إجابة غيرت حيته كلها، فقام وأحضر إطار سيارة قديم، وبدأ يدحرجه والأطفال ينظرون إليه، وعندما جاء التلاميذ ليلعبوا معه، أخبرهم بأن كل دورة بمائة بيسة!! فوافق الأطفال ووقفوا طابورا ينتظرون دورهم. ومن تلك الأجرة البسيطة جمع 5 ريالات عمانية، كانت رأس مال كل تجارته التي تزيد الآن على مئات الألوف اصولا ونقدا. بينما يسأل بعض الناس أنفسهم أسئلة مختلفة من قبيل: كيف صار فلان تاجرا غنيا بينما أنا ما زلت فقيرا؟ كيف قفزت ثروة فلان من صفر إلى الملايين؟ اسئلة عقيمة لا تقود إلى النتائج. إن الأسئلة هي خارطة العقل للتفكير والابداع والعمل والانتاج.
ويقسم علماء التفكير الأسئلة إلى نوعين، نوع سلبي يولد مشاعر السخط والاستياء والإحباط. وأغلب الناس للأسف يرددون أسئلة من هذا النوع. واسئلة إيجابية تلهب الحماس وتنشط التفكير الإيجابي الخلاق الذي يحرك السائل باتجاه تحقيق الأهداف من قبيل هذا النوع من الأسئلة: ماذا أريد بالتحديد؟ وكيف أستطيع تحقيق ذلك؟ ماذا يمكنني أن أفعل لتحقيق ذلك؟ وما أهمية تلك النتيجة التي سأحققها بالنسبة لي وللناس؟ وما المهارات التي اذا تعلمتها كانت عونا لي على تحقيق ما أريد؟.
انتبه إلى نوع الأسئلة التي تطرحها على عقلك. فكما تسأل ستكون حياتك. وأنت وحدك من يقرر، فاعرف كيف تسأل نفسك وماذا تسأل نفسك؟ وكيف تجيب نفسك بالفعل الذي يحقق النتائج الفارقة في حياتك.
رئيس مكتب النجاح للتنمية البشرية