تمّت السبت تبرئة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في ثاني محاكمة رامية لعزله أمام مجلس الشيوخ، حيث صوّت 57 عضواً لصالح إدانته مقابل 47، ما يعني عدم توافر غالبيّة الثلثين المطلوبة لإدانته بتهمة التحريض على هجوم السادس من يناير(كانون الثاني) الماضي على مقر الكابيتول، والذي نفّذه أنصاره في مسعى لمنع الكونغرس من المصادقة على فوز الرئيس جو بايدن.وفي ما يأتي لمحة عن أبرز الأحداث التي قادت إلى التبرئة، فعلى الرغم من المخاطر التي مثّلها اجتياح كوفيد-19 البلاد، شارك عدد قياسي من الأمريكيين في انتخابات الثالث من نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي.وكان ترامب حذّر على مدى الشهور التي سبقت من تزوير الانتخابات وحاول منع التصويت عبر البريد، الذي خشي من أنه قد يصب بدرجة كبيرة في مصلحة منافسه الديموقراطي جو بايدن.ونظراً إلى العدد الكبير من بطاقات الاقتراع التي وصلت عبر البريد، تأخّر صدور النتائج النهائية بينما ذكرت تقارير إعلامية أن ترامب شعر بغضب عارم عندما أعلنت شبكة “فوكس نيوز” المحافظة ليلة الانتخابات فوز بايدن في ولاية أريزونا الجمهورية تقليدياً.وفي غضون أيام، رفع محامو ترامب، بقيادة رئيس بلدية نيويورك سابقاً رودي جولياني، سلسلة دعاوى في المحاكم للطعن بنتيجة الانتخابات لكن من دون نتيجة.في السابع من نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي، أُعلن فوز بايدن بعدما قلب النتيجة في ولاية جورجيا الجنوبية التي لطالما كانت تصوّت لصالح الجمهوريين، ودعا في خطاب ليلتها إلى الوحدة والتصالح مع أنصار ترامب، الذين صدّق العديد منهم اتّهامات الرئيس السابق بشأن التلاعب بنتيجة الانتخابات.وقال بايدن “أتفهّم خيبة الأمل الليلة، تعرّضت أنا أيضاً للخسارة عدة مرّات، لكن اليوم، فلنمنح بعضنا البعض فرصة أخرى”.وتحت ضغط ترامب، أطلق وزير شؤون ولاية جورجيا الجمهوري براد رافنسبرغر عملية إعادة فرز يدوية للأصوات أكدّت فوز بايدن، وطالب ترامب بإعادة فرز أخرى، أظهرت مجدداً في السابع من ديسمبر(كانون الأول) الماضي أن بايدن فاز في الولاية بفارق 11779 صوتاً.وفي 19 ديسمبر(كانون الأول) الماضي، دعا ترامب في تغريدات موجهة إلى متابعيه البالغ عددهم 88 مليوناً على وسائل التواصل الاجتماعي للحضور إلى واشنطن من أجل “تظاهرة كبيرة” في السادس من يناير(كانون الثاني) الماضي، الموعد المقرر لالتئام الكونغرس من أجل تثبيت نتائج الانتخابات في إطار مراسم لطالما كانت عادية ورمزية.وقال “كونوا هناك، ستكون (التظاهرة) صاخبة!”، وفي الثاني من يناير(كانون الثاني) الماضي، اتصّل ترامب بالمشرف على انتخابات جورجيا رافنسبرغر وطلب منه العثور على مزيد من الأصوات لقلب فوز بايدن، وقال “هذا ما أريد القيام به، أريد فقط بأن يتم إيجاد 11780 صوتاً”.وأصدر نائب الرئيس مايك بنس بياناً رفض فيه طلب ترامب غير الدستوري برفض نتيجة أصوات الهيئة الناخبة، في وقت انعقد الكونغرس في مبنى الكابيتول للمصادقة على فوز بايدن.وفي الأثناء، قال ترامب لتجمّع ضم الآلاف من أنصاره الغاضبين في البيت الأبيض للخروج في مسيرة باتّجاه الكابيتول و”القتال” من أجله، واقتحمت المجموعة المبنى، ما دفع النواب وبنس للفرار خوفاً على حياتهم، ولقي خمسة أشخاص بينهم شرطي حتفهم في أعمال العنف، وعقد الكونغرس مجدداً جلسته لتثبيت النتيجة بعدما أعادت الشرطة والحرس الوطني فرض النظام.وفي الثامن من يناير(كانون الثاني) الماضي، حظر موقع تويتر الذي كان المفضّل لدى ترامب للتواصل مع أنصاره، الرئيس السابق من المنصة لأجل غير مسمى، وفي 13 يناير(كانون الثاني) الماضي، قرر مجلس النواب بدء إجراءات عزل ترامب بتهمة التحريض على التمرّد، وصوّت 10 جمهوريين مع الديموقراطيين دعما للخطوة.وفي 20 يناير(كانون الثاني) الماضي، تم تنصيب بايدن رئيساً أمام مبنى الكابيتول، وخالف ترامب التقاليد مجدداً فرفض الحضور، متوجّهاً بدلاً من ذلك إلى منتجع مارالاغو للغولف الذي يملكه في فلوريدا.وبدأت ثاني محاكمة رامية لعزل ترامب في التاسع من فبراير(شباط) الجاري في مجلس الشيوخ المكون من مئة عضو، بينما لعب أعضاؤه الذين كانوا شهوداً على الفوضى التي طبعت السادس من يناير(كانون الثاني) الماضي دور المحلّفين.ووصف زعيم فريق المدّعين الديموقراطيّين في المحاكمة والمكون من تسعة نواب جيمي راسكين الرئيس السابق، بأنه “القائد العام للمحرّضين” في إشارة إلى دوره في إثارة التمرّد والتشجيع عليه.وقدم المدعون عرضاً مفصّلاً لتصريحات وتغريدات لترامب وتسجيلات مصورة لأعمال الشغب، تضمنت تسجيلاً لم يسبق أن نُشر يظهر النواب وهم يفرّون للاختباء بينما طارد أنصار ترامب المشرّعين الديموقراطيين.وشدد محاميا الدفاع عن الرئيس السابق بروس كاستور وديفيد شون على أن المحاكمة غير دستورية، نظراً إلى أن ترامب لم يعد في السلطة، واعتبرا أن الإجراءات تندرج في إطار الانتقام السياسي.وفي 13 فبراير(شباط) الجاري، برّأ مجلس الشيوخ ترامب (57 في مقابل 43 صوتاً، إذ فشل في جمع أصوات 17 جمهورياً تتطلبهم إدانة الرئيس السابق).وصوّت زعيم الكتلة الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل لصالح تبرئة ترامب، بناء على مسألة عدم دستورية العزل، لكنه ندد لاحقاً بسلوك ترامب في السادس من يناير(كانون الثاني) الماضي، وقال “لا يوجد أي شك في أن الرئيس ترامب مسؤول عملياً وأخلاقياً عن إثارة أحداث ذلك اليوم”.
التعليقات معطلة.