الجنرالان بحاجة إلى وضع مصالح الشعب السوداني في المقام الأول وما يحدث انتكاسة لانتقال البلاد إلى الديمقراطية
ذكي بن مدردش كاتب رأي أسبوعي في اندبندنت عربية
الجنرالان عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (أ ف ب)
كتبت هذه المقالة عبر “تشات جي بي تي”، وأجريت عليها تعديلات لغوية بما يناسب كتاب أسلوب “اندبندنت عربية”
الوضع في السودان متوتر للغاية وغير مستقر منذ أن اندلع قتال بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في الـ13 من أبريل (نيسان) 2023، وأسفر عن مقتل العشرات وإصابة مئات آخرين.
قوات الدعم السريع هي مجموعة قوية جرى تشكيلها لمحاربة التمرد في دارفور، يقودها الجنرال محمد حمدان دقلو، وهو أيضاً نائب قائد الجيش السوداني، وكانت اتهمت بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في دارفور.
القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع علامة على الانقسامات العميقة داخل الجيش السوداني، إذ لا تزال البلاد تكافح من أجل التعافي من إطاحة الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، الديكتاتور الذي حكم السودان 30 عاماً.
تواجه البلاد عدداً من التحديات بما في ذلك الاقتصاد المتعثر والأزمة الإنسانية والفراغ الأمني، لهذا فإن القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع انتكاسة لانتقال السودان إلى الديمقراطية ومن غير الواضح ما يخبئه المستقبل للسودان.
خلفية عن صراعات السودان
يشهد السودان صراعاً طويلاً منذ عقود بين الحكومة والحركات المتمردة، وتتجلى هذه النزاعات في مناطق عدة من البلاد، تعود أسبابها للخلافات السياسية والعرقية والدينية والاقتصادية والإقليمية.
ومن بين الصراعات الأكثر شهرة في السودان الحرب الأهلية في دارفور التي اندلعت عام 2003 والتي تعتبر واحدة من أكبر النزاعات الإنسانية في العالم، إذ لا يزال يعاني أفراد كثر في المنطقة العنف والنزوح والفقر والجوع، وتقدر الأمم المتحدة عدد النازحين في الداخل واللاجئين في الخارج بنحو 205 ملايين شخص.
توجد أيضاً صراعات في مناطق أخرى من السودان، بما في ذلك ولايات كردفان والنيل الأزرق وشرق السودان وتتراوح في طبيعتها بين الحرب الأهلية والنزاعات بين القبائل والصراعات بين الحكومة والمجموعات المسلحة.
وعام 2019 نجح الاحتجاج الشعبي في إسقاط الرئيس السوداني السابق عمر البشير وجرى تشكيل حكومة انتقالية برئاسة عبدالفتاح البرهان عملت على تحقيق السلام نسبياً في البلاد من خلال التفاوض مع الحركات المسلحة وإدخال إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.
اقرأ المزيد
- البرهان وحميدتي… رهانات الزمن الضائع
- خلاف البرهان – حميدتي وحراك الثورة المضادة
- أي مستقبل ينتظر السودان على وقع المعارك؟
قدرات الأطراف
يقدر عدد القوات المسلحة السودانية بنحو 150 ألف جندي، إضافة إلى 50 ألفاً آخرين في الاحتياط، أما قوات الدعم السريع، فيقدر قوامها بـ 100 ألف فرد، وكلاهما على حد سواء جيدان من حيث التسليح والتدريب.
تمتلك القوات المسلحة السودانية قوة جوية وبحرية أكبر من قوات الدعم السريع، لكن الأخيرة لديها قوة برية أكبر، وعلى رغم أن الطرفين مواليان لحكومة السودان، هناك تنافس بينهما.
يقود القوات المسلحة السودانية اللواء عبدالفتاح البرهان، بينما يقود قوات الدعم السريع اللواء محمد حمدان دقلو ويعتبر التنافس بين القوتين مصدراً محتملاً لعدم الاستقرار في السودان.
شروط التهدئة والاستقرار
هناك عدد من الأمور التي يمكن أن يفعلها السودانيون للوصول إلى نقطة سلمية أو اتفاق لوقف الحرب. وتشمل:
الدخول في الحوار والتفاوض: يجب أن يكون الجانبان مستعدين للتحدث مع بعضهما بعضاً للوصول إلى التسوية، فهما بحاجة إلى إيجاد طريقة لحل خلافاتهما سلمياً.
بناء الثقة: سيستغرق وقتاً وجهداً، إذ إن الطرفين يحتاجان إلى بناء الثقة ببعضهما بعضاً، والاعتقاد بأن الطرف الآخر مخلص في رغبته في التوصل إلى اتفاق سلمي.
خلق بيئة مواتية للسلام: تشمل معالجة الأسباب الجذرية للصراع مثل الفقر وعدم المساواة وانعدام الفرص، كما تتضمن توفير الأمن والاستقرار حتى يشعر الطرفان بالأمان للتفاوض.
السعي إلى الحصول على دعم دولي: يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دوراً في دعم جهود السلام في السودان، وهذا يشمل تقديم المساعدة المالية والخبرة الفنية والضغط الدبلوماسي.
إن التوصل إلى اتفاق سلمي لن يكون سهلاً، لكنه ممكن.
رسالة للجنرالين
أود أن أقول للجنرال عبدالفتاح البرهان واللواء محمد حمدان دقلو إن القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع يمثل انتكاسة لانتقال السودان إلى الديمقراطية، فالبلد عند مفترق طرق، إما أن يستمر في طريق الديمقراطية أو ينزلق مرة أخرى إلى الديكتاتورية، ويحتاج المجتمع الدولي إلى بذل مزيد من الجهد لدعم انتقال السودان إلى الديمقراطية.
كما أود أن أقول إن الشعب السوداني يستحق أن يعيش بسلام وأمن. لقد عانوا بما فيه الكفاية وحان الوقت لهم لبناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولأطفالهم.
أخيراً، أود أن أقول إن الجنرالين بحاجة إلى وضع مصالح الشعب السوداني في المقام الأول، إنهما بحاجة إلى إنهاء القتال والعمل معاً لبناء مستقبل أفضل للسودان.