يذهب أكرم ناجي صباح كل يوم الى محطة ركاب الهاشمي بمديرية الشيخ عثمان في عدن، ليجد طابوراً طويلاً من سيارات الأجرة المتوقفة قبله، إذ ينتظر زملاؤه دور كلّ منهم لنقل الركاب بين مديريات المدينة.
ومع استمرار الزيادات المتتالية في أسعار البنزين، يقول أكرم إنه لا يجني من انتظاره الطويل في “فرزة الهاشمي” سوى المشقة والتعب والقليل من المال الذي لا يكفي مصروف يوم لعائلته المكونة من 4 بنات وثلاثة أبناء.
صنوف من المعاناة يقول أكرم في حديثه لـ”النهار العربي”: “إذا قبلت العيش في اليمن عليك أن تتقبل كل صنوف المعاناة والتعب والزيادات المتكررة في كل شيء، حتى الغاز الذي قمنا بإبدال البنزين به لتسيير مركباتنا سيرتفع وسنضطر للبحث عن حلول أخرى”.
ويتابع: “اضطررت وغيري المئات من أبناء اليمن الى تحويل محركات مركباتنا من البنزين إلى الغاز الطبيعي نظراً لانخفاض سعره مقارنة بالبنزين الذي وصل الى 26000 ريال لكل 20 ليتراً”، أي ما يعادل 17 دولاراً تقريباً.
ويعيش المواطن اليمني موجات من الزيادات والأزمات خصوصاً في أسعار المشتقات النفطية التي تختفي من الأسواق بين حين وآخر، لأجل بيعها في السوق السوداء بأسعار باهظة.
وتزايد إقبال اليمنيين على تغيير نظام محركات مركباتهم إلى الغاز الطبيعي في الآونة الأخيرة، بعد منع الميليشيات الحوثية تصديره إلى الخارج، إذ بدأ يتوافر لديهم بأسعار مناسبة.
ويعد الغاز الطبيعي للسيارات والمركبات بديلاً نظيفاً وآمناً واقتصادياً مريحاً للتشغيل، ويمكن تحويل المركبات العاملة بالبنزين إلى مركبات تعمل بالغاز الطبيعي عبر عملية تحويل تتطلب العمل لساعات من دون أي تعديل في المحرك، وبعد اتمام عملية التحويل تصير المركبة قادرة على العمل وفق خيارين من الوقود، بحيث يتم تخزين كل من الغاز الطبيعي والوقود التقليدي في خزانين منفصلين.
عبدالله ناصر موظف حكومي اضطر لتغيير محرك مركبته إلى الغاز الطبيعي بسبب ارتفاع تكاليف البنزين وبُعد مقر عمله الحكومي عن منزله.
ويقول لـ”النهار العربي”: “للوصول إلى مقر عملي لا بد من أن أقطع أكثر من 60 كيلومتراً ذهاباً وإياباً، ما يكلفني أسبوعياً نحو 30 لتر بنزين، بـ 39000 ريال يمني، أي خلال شهر أدفع أكثر من 156000 ريال وهذا يفوق راتبي”.
ويضيف: “لكن من خلال عملية تحويل المركبة الى الغاز الطبيعي استطعت توفير 23000 ريال في كل أسبوع، وهذا بالنسبة لي مناسب جداً وحلّ لي مشاكل ماليه أخرى”.
خطر على المركبات
وقال المهندس فتاح الحسني إن تحويل المركبات الى العمل بنظام الغاز الطبيعي يعرض المركبات للخطر وتلف المحرك بشكل عام، لأن هذه المركبات صنعت لتعمل بالبنزين وليس الغاز، وبالتالي لا بد من صيانة السيارة بصورة دائمة.
ويضيف في حديث لـ”النهار العربي”: “ظروف المعيشة في اليمن ألجأت بعض سائقي الأجرة إلى تحويل مركباتهم للعمل بنظام الغاز الطبيعي، لكن هذا ليس حلاً بديلاً مناسباً، بل هو حلّ موقّت”.
ويرى أنه إذا فرض الوضع على سائقي المركبات العمل بنظام الغاز الطبيعي “عليهم تحويلها بنظام صحيح ومتكامل لتقليل نسبة الخطورة على المركبة وحياة البشر أيضاً، لأن تسرب الغاز سيؤدي الى كوارث”.
ويتطلب من أصحاب المركبات الراغبين في تحويلها إلى العمل بالغاز شراء منظم، أنابيب كبس وأنابيب نحاسية، أسلاك كهربائية، قفل منظم، أسطوانة غاز، وهذه الأدوات تكلف في الغالب من 550 ألف ريال يمني إلى 600 ألف، تضاف إلى أتعاب المهندس.
أحمد هادي عامل في محطة بيع للغاز الطبيعي، يقول إن معظم الزبائن هم من سائقي سيارات الأجرة التي تعمل في داخل المدينة، وثمة قليل من المركبات الخصوصية.
ويضيف: “تصل يومياً أكثر من 200 سيارة لتعبئة الغاز الطبيعي في محطة واحدة من بين عشرات المحطات الموجودة في المدينة، وهذا الرقم يرتفع كل يوم، بما يوحي باستمرار ظاهرة تحويل المركبات من نظام البنزين الى نظام الغاز الطبيعي”.
وفرضت الظروف الاقتصادية الصعبة في اليمن على المواطنين استخدام الحلول البديلة لتوفير ما يمكن توفيره في بلد يعيش أكثر من ثلثيه تحت خط الفقر، بحسب البيانات الصادرة عن منظمات الإغاثة في اليمن.