إسلام محمد
بمقومات فريدة وقاعدة استثمارية متنوعة تؤهله لتحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات إقليمياً وعالمياً، يدخل الاقتصاد الإماراتي عام 2024 بآفاق وتوقعات إيجابية نحو مواصلة معدلات نموه القوية وتحقيق طفرات بمختلف القطاعات الاقتصادية، وذلك على الرغم من التحديات العالمية وعدم الاستقرار الجيوسياسي في كثير من مناطق العالم.
وتضع دولة الإمارات مستهدفات اقتصادية تسير بخطى ثابتة نحو تحقيقها، في مقدمتها مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي ودفع عجلة التنمية الاقتصادية الشاملة نحو مزيد من النمو.
وتسيطر توقعات إيجابية على توجهات الاقتصاد الإماراتي من قبل عدد من المؤسسات والبنوك الدولية خلال 2024، حيث يتوقع البنك الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات بنسبة 3.4% في 2023، ترتفع إلى 3.7% في 2024، وإلى 3.8% في 2025.
كما يقدر صندوق النقد الدولي نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 4% في 2024، من 3.4% في 2023، وهو ما يتوافق مع توقعات صندوق النقد العربي بشأن تحقيق نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة بنسبة 4.3% في 2024.
محاور مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي
وبحسب وزير الاقتصاد الإماراتي عبد الله بن طوق المري، أن دولة الإمارات وضعت مستهدفاً بمضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الوطني إلى 3 تريليونات درهم (نحو 817 مليار دولار)، عبر نهج اقتصادي جديد يعتمد على 6 محاور رئيسية تشمل تعزيز الاستفادة من مواطن القوة والتميز لدى كل إمارة، ودعم التعاون والمنافسة في القطاع الخاص لتسريع عجلة الابتكار، ودمج التوجهات العالمية الحديثة مع القوى المحلية بهدف الريادة، بالإضافة إلى الاستفادة من نجاح الشركات الوطنية الرائدة وتمهيد الطريق أمام الجديد منها، مع التركيز على البحث والتطوير والابتكار.
وأوضح المري أن دولة الإمارات تحرص على تطوير 5 تكتلات اقتصادية ذات أولوية، ممثلة في الخدمات المالية، والضيافة والسياحة، والتحليل والبيانات والتكنولوجيا الجديدة، والقضاء وأنظمة الدفاع، والمدخلات الغذائية وتصنيع الأغذية.
توقعات 2024
وتأتي توقعات العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين إيجابية تجاه قدرة الاقتصاد الإماراتي على مواجهة التحديات العالمية، والاستمرار في تحقيق النمو الاقتصادي، بدعم من البيئة الاقتصادية المستقرة القادرة على مواصلة النمو الاقتصادي ومواجهة مختلف التقلبات التي تشهدها منظومة الاقتصاد العالمي.
ويرى خبراء أن التنوع الحالي والاستثماري للاقتصاد الإماراتي، يعزز من قدرة الدولة على تعزيز موقعها الاستثماري ضمن الدول الأقل تأثراً بالتضخم العالمي خلال المرحلة المقبلة.
وأكد مركز “إنتريجونال للتحليلات الاستراتيجية” في أبو ظبي، أن دولة الإمارات لديها خيارات عديدة للإبقاء على معدلات تضخم منخفضة خلال 2024 اعتماداً على معدلات النمو خلال عام 2023.
وحسب مصرف الإمارات المركزي، يتوقع تباطؤ التضخم في الدولة عام 2024 إلى 2.1%، منخفضاً من 2.6%، وفق توقعات سابقة وبما يتواكب مع توجهات انخفاض التضخم العالمية.
وأكد “إنتريجونال” أن حكومة دولة الإمارات لديها إجراءات وخطط ومبادرات استباقية للحد من التأثيرات الاقتصادية العالمية المتوقعة خلال عام 2024.
عوامل تدعم الانتعاشة
يرى محمود شكري، المحلل والخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لـ”النهار العربي”، أن دولة الإمارات استطاعت إطلاق نموذج اقتصادي مبتكر يخدم رؤيتها المستقبلية وتطلعاتها نحو تنويع الاقتصاد والاستمرار على الريادة خلال الأعوام المقبلة.
وأضاف أن النموذج الإماراتي نجح في تحقيق طفرة حقيقية وخطوات قوية عبر دمج التوجهات العالمية الحديثة مع القوى المحلية وأهداف الدولة بهدف تحقيق الريادة، وهو ما ساهم في تحقيق ثاني أعلى مستوى من الاستثمار الأجنبي المباشر عالمياً، عبر تنفيذ خطة متكاملة أطلقت خلالها قرابة 24 مبادرة وطنية في كل القطاعات، ساهمت بقوة في تعظيم دور القطاعات في النمو الاقتصادي.
وأوضح شكري أن هناك عدداً من العوامل الداعمة للاقتصاد الإماراتي في مواجهة التحديات العالمية والاستمرار في تحقيق معدلات نمو قوية بمختلف القطاعات خلال عام 2024، ممثلة في النجاح القوي للدولة على صعيد رقمنة الاقتصاد والتحول الرقمي، بالإضافة إلى الطفرة المحققة بمجالات الحوكمة في كل القطاعات، وهو ما يدعم ويخدم مباشرةً تطلعات ورؤى المستثمرين والمؤسسات المختلفة.
وأشار إلى أن تنويع مساهمة القطاعات في النمو الاقتصادي، يعد من العوامل الداعمة لتحقيق انتعاشة متوقعة ورفع معدلات نمو مختلف القطاعات خلال العام الجاري، بدعم من توافر العديد من الفرص، الأمر الذي يدعم قدرة الدولة على استقطاب مزيد من رؤوس الأموال.
مستهدفات قطاعية
وتابع شكري حديثه، مؤكداً أن الإمارات نجحت في تحقيق طفرة اقتصادية على صعيد مختلف القطاعات مع وضع مستهدفات قوية خلال العام الجاري، وهو ما يتمثل في استهداف مضاعفة مستويات الصادرات إلى 100% خلال عام 2024، بعدما حققت نمواً كبيراً في القطاع العام الماضي رغم التراجعات التي شهدتها التجارة العالمية من تحديات كبيرة وأزمة عالمية غير التحديات الجيوسياسية.
وأشار إلى أن هناك عدداً من القطاعات الجاذبة، في مقدمتها وجود الإمارات كواحدة من أفضل نقاط الجذب السياحي في المنطقة العربية، عبر تطوير برامج سياحية وطنية، بالإضافة إلى ما شهده السوق الإماراتي من اكتتابات جديدة عدة خلقت من سوق المال فرصاً لهذه الكيانات الجديدة للاستحواذات واندماج كبرى الشركات في قطاع سوق المال لخلق كيانات كبرى تستطيع مواكبة الأزمات الاقتصادية، بالإضافة إلى إبرام شركة موانئ دبي اتفاقيات عدة لإدارة موانئ عدة بالمنطقة العربية، فضلاً عن عقود الاستثمار الخارجي بإدارتها لإبرام عقود طويلة الأجل.
وختاماً أوضح شكري أن جميع عناصر التميز الاقتصادي، ساهمت في تحقيق اقتصاد دبي نمواً قدره 3,5% بإجمالى 228 مليار درهم إماراتي (62 مليار دولار) في 2023، ما جعل الاقتصاد الإماراتى محط أنظار وكالات التصنيف الدولية التي رفعت التوقعات خلال عام 2024، مع الحفاظ على جاذبيتها العالمية في استقطاب مشاريع الاستثمار الأجنبي الجديدة، خلال العام الماضي 2023، حيث ارتفعت بنسبة 28 بالمئة مقارنة مع العام الذي سبقه 2022.