دخلت الاحتجاجات في إيران الأسبوع الرابع، وسع خلاله المتظاهرون مطالبهم رافضين سياسة القمع والتنكيل من قبل السلطات. ومع اتساع الغضب الشعبي، عرض رئيس السلطة القضائية في إيران إجراء حوار مع معارضي القيادة السياسية في البلاد، في حين شددت السلطات قبضتها الأمنية على المناطق الكردية، وعمدت استخدام الأسلحة الثقيلة في مسعى لوقف الاضطرابات المشتعلة رداً على مقتل الشابة الكردية مهسا أميني.
وتداول نشطاء اليوم الإثنين، تسجيلات فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم احتجاجات في نقاط مختلفة في العاصمة طهران، وغيرها من المدن في الأيام الأخيرة تخلّلها إحراق نساء حجابهن، وإطلاق هتافات مناهضة للنظام الإيراني.
أسلحة ثقيلة
في الأثناء، اتهمت منظمة “هنكاو” الحقوقية الكردية السلطات باستخدام أسلحة ثقيلة بما في ذلك “قصف” أحياء في سنندج بالمدفعية و”الأسلحة الرشاشة”.
وبدأت الاضطرابات قبل أكثر من 3 أسابيع على خلفية وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني البالغة 22 عاماً في المستشفى على إثر اعتقالها في طهران على يد شرطة الأخلاق السيئة الصيت بتهمة انتهاك قواعد لباس المرأة الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
ونشر “مركز حقوق الإنسان في إيران” ومقره نيويورك تسجيلات فيديو قالت إنها لاحتجاجات نُظّمت في طهران أمس الأحد، لا سيما في عدد من الجامعات بما فيها أمير كبير و أزاد.
وأظهرت مشاهد تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي ولا سيما موقع “إيران واير” الإخباري، طالبات في جامعة الزهراء للإناث في طهران يطلقن هتافات مناهضة للنظام في حرم الجامعة خلال زيارة للرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي السبت.
وفي جامعة أزاد في طهران طلى طلاب أيديهم باللون الأحمر تنديداً بحملة القمع التي تواجه بها السلطات الاحتجاجات، وفق مشاهد تم تداولها.
وأفادت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء “إرنا” بأن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع “لتفريق حشود في عشرات المواقع في طهران”، مشيرة إلى أن المتظاهرين “أطلقوا هتافات وأحرقوا ممتلكات عامة وألحقوا بها أضراراً، بما في ذلك كشك للشرطة”.
احتجاجات متعددة الأوجه
يقول محللون، إن الاحتجاجات التي تشهدها إيران متعددة الأوجه، من مسيرات في الشارع مروراً بإضرابات طلابية وصولاً إلى تحركات اعتراضية فردية، وهو ما يعقّد محاولات السلطات قمع التحركات.
وأظهر تسجيل فيديو تم تداوله على نطاق واسع امرأة تسير من دون حجاب في أحد شوارع مدينة كرمنشاه في شمال غرب البلاد احتجاجاً على قواعد اللباس الصارمة، فاتحة أيديها لتقديم “عناقات مجانية” للمارة.
كما سُجلت مؤشرات تدل على اضطرابات عمالية، ونشرت وسائل إعلام فارسية خارج إيران عمّالاً مضربين يحرقون الإطارات أمام مصنع للبتروكيماويات في عسلويه في جنوب غرب إيران.
استهداف الأكراد
وكانت الاحتجاجات قد انطلقت بادئ الأمر في منطقة كردستان التي تتحدّر منها أميني في شمال غرب إيران، وقال نشطاء إن محتجين فرضوا في بعض الأحيان سيطرتهم على بعض الشوارع.
وأفادت “هنكاو” ومقرها النروج، بأن قوات الأمن الإيرانية قصفت بالمدفعية أحياء في مدينة سنندج بعد احتجاجات ليلية في أنحاء عدة فيها.
وسُمع دوي طلقات نارية في مدينة سقز، مسقط رأس أميني، وفق المنظمة.
وأفادت “منظمة حقوق الإنسان في إيران” التي تتخذ من أوسلو مقرّاً، بمقتل 95 شخصاً على الأقل في حملة قمع الاحتجاجات منذ 16 سبتمبر (أيلول).
والإثنين حجزت السلطات الإيرانية جواز سفر لاعب كرة القدم السابق علي دائي، أحد أبرز الأسماء في تاريخ المنتخب الوطني، وذلك لدى عودته من الخارج، على خلفية انتقاده تعاملها مع الاحتجاجات، وفق تقارير إعلامية.
تفهم محدود
ومع تصاعد الاحتجاجات والغضب من عدم تفهم السلطات لمطالب المحتجين، سارع رئيس السلطة القضائية في إيران لإبداء تفهمه حول ضرورة إجراء حوار مع المعارضين للسلطة.
وقال غلام حسين محسن إيجئي، اليوم الإثنين: “يجب أن يعلم المواطنون والجماعات السياسية أن لدينا أذناً نسمع بها الاحتجاجات، والنقد ونحن على استعداد للحوار”.
وبحسب موقع “دنيا الاقتصاد” الإخباري، فقد أقر إيجئي بأن النظام السياسي الإيراني قد تكون لديه أيضاً “نقاط ضعف وعيوب”. وقال: “مستعدون للاستماع إلى الاقتراحات وأيضاً لا نتوانى عن تصحيح أي أخطاء”. ومضى قائلاً إنه يجب، مع ذلك، التمييز بين الاحتجاجات السلمية وأعمال الشغب العنيفة.
فوضى
وعلى صعيد آخر، قتل “عدد” من السجناء وأصيب آخرون بجروح خلال اضطرابات اندلعت أمس الأحد في سجن بشمال إيران، تدخلت خلالها قوات الأمن مستخدمة الغاز المسيل للدموع، وفق ما أفاد مسؤول قضائي اليوم الإثنين.
ووقعت الاضطرابات في سجن لاكان بمدينة رشت، مركز محافظة كيلان بشمال الجمهورية الإسلامية.
وقال المدعي العام لرشت مهدي فلاح ميري، إن شجاراً اندلع الأحد في السجن بين محكومين بالإعدام “بسبب خلافات شخصية”، وفق وكالة “إرنا” الرسمية.