روسيا تقطع الغاز “كلياً عن أوروبا وتدخل القارة العجوز “حالة طوارئ”

1

أعلنت شركة جازبروم الروسية، أن خط الأنابيب نورد ستريم 1 الذي يوصل الغاز الروسي إلى ألمانيا، سيخضع لمزيد من أعمال الصيانة، الأمر الذي يعمق المصاعب التي تواجه أوروبا في الحصول على احتياجاتها من الوقود، ويطرح التساؤلات حول بدائل الغاز الروسي لدى الأوروبيين.

وجاء القرار الروسي قبل يوم من موعد استئناف تدفقات الغاز الطبيعي للقارة العجوز، وكانت جازبروم تنفذ بالفعل أعمال صيانة في الخط في الفترة من 31 أغسطس إلى الثاني من سبتمبر مما أثار مخاوف بشأن الإمدادات لأوروبا قبل بداية فصل الشتاء إذا تم تمديد وقف الضخ، وفقا لـ”رويترز”.

وعلقت روسيا تدفقات الغاز الطبيعي لأوروبا إلى أجل غير مسمى، بعد ساعات من موافقة مجموعة الدول السبع على حد أقصى لسعر النفط الخام الروسي، في ظل حرب اقتصادية بين الغرب وموسكو بالتوازي مع الصراع العسكري في أوكرانيا، وفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”. 

وقررت دول مجموعة السبع أمس الجمعة فرض سقف “بصورة عاجلة” على أسعار النفط الروسي، ودعت “ائتلافا واسعا” من الدول للانضمام إلى هذا الإجراء الذي تم الاتفاق عليه خلال قمة عبر الإنترنت لوزراء مالية الدول الصناعية الكبرى السبع.

ووصف المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، إريك مامير، الخطوة الروسية بأنها “دليل على استخفاف روسيا”، حيث تتصاعد المخاوف من الإغلاق المطول في أوروبا، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”.

ومن المرجح أن يؤدي الإغلاق إلى “أجل غير مسمى” لتجديد الاضطرابات في أسواق الغاز الأوروبية، وحذر الخبراء من النقص الحاد في الطاقة في فصل الشتاء بأوروبا والذي قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الكهرباء، وفقا لصحيفة “التايمز” البريطانية.

ولم تكن تلك المرة الأولى، فقد قلصت روسيا التدفقات عبر الخط إلى 40 في المئة في يونيو و20 في المئة في يوليو.

وقطعت روسيا الإمدادات عن عدة دول أوروبية مثل بلغاريا والدنمارك وفنلندا وهولندا وبولندا، وخفضت التدفقات عبر خطوط أنابيب أخرى منذ إطلاق ما تسميه “عملية عسكرية خاصة” في أوكرانيا، وفقا لـ”رويترز”.

وفيما يتعلق بنورد ستريم 1، ألقى الكرملين باللوم على العقوبات الغربية في تأخير عودة معدات خاصة بالخط أُرسلت إلى كندا للصيانة.

وفي العادة تزود روسيا أوروبا بنحو 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز، معظمها عبر خطوط أنابيب، وبلغت الإمدادات في العام الماضي نحو 155 مليار متر مكعب.

وعن طريق أوكرانيا، يصل الغاز إلى النمسا وإيطاليا وسلوفاكيا ودول أخرى في أوروبا الشرقية، وأغلقت أوكرانيا خط الأنابيب سوخرانوفكا الذي يمر في الأراضي التي تحتلها روسيا في شرق البلاد.

وتسعى الدول الأوروبية إلى إيجاد إمدادات بديلة، ويشمل ذلك بعض الغاز الروسي الذي أوقفت موسكو ضخه بعد رفض طلب روسيا “دفع ثمن الغاز بالروبل”.

وما زالت دول أخرى، من بينها ألمانيا، في احتياج إلى الغاز الروسي وتحاول إعادة ملء مستودعاتها قبل حلول الشتاء.

وتشمل الطرق البديلة إلى أوروبا، والتي لا تمر عبر أوكرانيا، خط الأنابيب “يامال-أوروبا”، الذي يمر عبر روسيا البيضاء وبولندا إلى ألمانيا.

وتبلغ طاقة خط “يامال-أوروبا” 33 مليار متر مكعب، أي نحو سُدس صادرات الغاز الطبيعي الروسية لأوروبا.

ومنذ بداية العام الجاري تم عكس التدفقات لتكون إلى الشرق بين ألمانيا وبولندا.

وفرضت موسكو عقوبات على مالك الجزء البولندي من الخط يامال-أوروبا، ومع ذلك، قال وزير المناخ البولندي إن بإمكان بلاده أن تستخدم الخط دون عكس تدفق الغاز في الخط، وفقا لـ”رويترز”.

وتستفيد روسيا من ضعف أوروبا فيما يتعلق بالغاز الطبيعي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود إلى مستويات عالية للغاية في جميع أنحاء القارة وخلق مخاوف من مصاعب واسعة النطاق هذا الشتاء، وفقا لـ”نيويورك تايمز”.

لكن بعض البلدان لديها خيارات إمداد بديلة وشبكة غاز أوروبية متصلة ببعضها بحيث يمكن تقاسم الإمدادات، على الرغم من أن سوق الغاز العالمية كانت شحيحة حتى قبل الأزمة الأوكرانية، وفقا لـ”رويترز”.

وربما تستورد ألمانيا، أكبر مستهلك للغاز الروسي في أوروبا والتي أوقفت التصديق على خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الجديد القادم من روسيا بسبب حرب أوكرانيا، الغاز من بريطانيا والدنمارك والنرويج وهولندا عبر خطوط أنابيب.

وقال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، هذا الأسبوع، إن البلاد لا يمكنها الاعتماد على نورد ستريم خلال فصل الشتاء، وفقا لـ”وول ستريت جورنال”.

وتعمل النرويج، التي تعد ثاني أكبر مورد للغاز في أوروبا بعد روسيا، على زيادة الإنتاج لمساعدة الاتحاد الأوروبي في تحقيق هدفه المتمثل في إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027.

وأبرمت شركة سنتريكا البريطانية اتفاقا مع شركة إكوينور النرويجية لزيادة الإمدادات في فصول الشتاء الثلاثة المقبلة، ولا تعتمد بريطانيا على الغاز الروسي ويمكنها أيضا التصدير إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب.

ورغم أن بريطانيا لا تعتمد على الغاز الروسي، فمن المرجح أن يؤدي تعليق خط الأنابيب إلى ارتفاع تكلفة الغاز بالجملة، وهو ما كان وراء الارتفاع المتصاعد في سقف أسعار الطاقة، وفقا لـ”التايمز”.

وسيودي التعليق إلى زيادة الضغط على ليز تروس إذا تم تعيينها، كما هو متوقع، الاثنين، كرئيسة الوزراء المقبلة لبريطانيا، على خلفية تدهور الأوضاع المالية للحكومة، حسب الصحيفة البريطانية.

ويمكن لجنوب أوروبا استقبال الغاز الأذربيجاني عبر خط الأنابيب العابر للبحر الأدرياتيكي إلى إيطاليا وخط أنابيب الغاز الطبيعي عبر تركيا.

وقالت الولايات المتحدة إنها تستطيع توريد 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي هذا العام.

لكن مصانع الغاز الطبيعي المسال الأميركية تنتج بكامل طاقتها، وسيؤدي انفجار وقع في محطة تصدير الغاز الطبيعي المسال الرئيسية في تكساس إلى بقائها معطلة حتى أواخر نوفمبر، حسب “رويترز”.

ولدى محطات الغاز الطبيعي المسال في أوروبا قدرة محدودة أيضا على توريد كميات إضافية، على الرغم من أن بعض الدول تقول إنها تبحث عن طرق لزيادة الواردات والتخزين.

وألمانيا من بين أولئك الذين يرغبون في بناء محطات جديدة للغاز الطبيعي المسال وتخطط لبناء اثنتين في غضون عامين فقط.

وقالت بولندا، التي تعتمد على روسيا في نحو 50 بالمئة من استهلاكها من الغاز أو نحو عشرة مليارات متر مكعب، إنها تستطيع الحصول على الغاز عبر وصلتين مع ألمانيا. 

وسيُفتتح خط أنابيب جديد يسمح بتدفق ما يصل إلى عشرة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا بين بولندا والنرويج في أكتوبر، وتم تشغيل وصلة غاز جديدة بين بولندا وسلوفاكيا الأسبوع الماضي، وفقا لـ”رويترز”.

وتريد إسبانيا إحياء مشروع لبناء خط ثالث للغاز عبر جبال البرانس، لكن فرنسا قالت إن محطات الغاز الطبيعي المسال الجديدة، التي يمكن أن تكون عائمة، ستكون خيارا أسرع وأرخص من عمل خط أنابيب جديد.

من المقرر أن يجتمع وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي في جلسة طارئة في بروكسل، الجمعة المقبل، لمواصلة مناقشة استعداداتهم لفصل الشتاء، بما في ذلك سبل التخفيف من تأثير ارتفاع أسعار الغاز على تكاليف الكهرباء، وفقا لـ”فايننشال تايمز”.

ويمكن لبعض الدول أن تسعى لسد الفجوة في إمدادات الطاقة من خلال اللجوء لواردات الكهرباء عبر الموصلات من جاراتها أو من خلال تعزيز القدرة على توليد الكهرباء من الطاقة النووية أو الطاقة المتجددة أو الطاقة الكهرومائية أو الفحم.

ويتراجع حجم المتاح من الطاقة النووية في بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا مع تعرض المحطات في هذه الدول لانقطاعات مع تقادمها أو وقف تشغيلها أو خروجها من الخدمة. 

وانحسرت مستويات المياه هذا الصيف بسبب قلة الأمطار وموجة الحر، وتسعى أوروبا للابتعاد عن استخدام الفحم لتلبية أهداف المناخ، لكن أُعيد تشغيل بعض المصانع منذ منتصف عام 2021 بسبب ارتفاع أسعار الغاز، وفقا لـ”رويترز”.

واتفق وزراء الطاقة على أنه يتعين على جميع دول الاتحاد الأوروبي خفض استخدام الغاز طوعا بنسبة 15 بالمئة اعتبارا من أغسطس إلى مارس، مقارنة بمتوسط الاستهلاك السنوي خلال الفترة من 2017 إلى 2021، وطرحوا أهدافا على مستوى الاتحاد الأوروبي لتخزين الغاز.

وأطلقت ألمانيا المرحلة الثانية من خطتها الطارئة ذات المراحل الثلاث وحثت الشركات والمستهلكين على توفير الغاز لتجنب الاضطرار لترشيد الاستهلاك قسرا.

وقال وزير الطاقة الهولندي إن من الممكن اللجوء لحقل خرونينجن الهولندي لمساعدة الدول المجاورة في حالة القطع الكامل للإمدادات الروسية، لكن زيادة الإنتاج قد تتسبب في حدوث زلازل، حسب “رويترز”.

التعليقات معطلة.