زيارة العبادي وازدواجية المعايير

2

كتب / عبد الخالق الفلاح…

من المعلوم ان حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء العراقي تناسى ان ادارة الحكومة الديمقراطية الحقيقية وعي وثقاقة وذكاء ودهاء هذه إجمالاً مجموعة المفاهيم التي يمكن إعطاؤها لكلمة السياسة وما زاد على ذلك أو نقص فهو بدعة سياسية ضالة ومضلة وزالة ومذلة، المواقف السياسية المفصلية، تتطلب حنكة وحكمة لقيادتها لبر الأمان، فالبدايات العظيمة تنتج مشروعاً واقعياً عادلاً يحتضن الجميع، وعلى عكس ذلك مَنْ لا يمتلك الدراية سيكون مشروعه مشوهاً، وإلا فالسفينة واحدة، وواجب الشعب حمايتها بكل الوسائل، لا أن ننقر فيها ونحطمها وفي الفترات الانتقالية لابد من الدبلوماسية السياسية السليمة ونكران الذات والاحتكام إلى المصلحة العليا للبلد ونسيان عوارض الأنانية وحب الذات ، والنظر ببصيرة إلى العواقب والتمعن في تجارب الآخرين والتبحر في أولويات المرحلة والابتعاد عن المزايدات التي تباح فيها كل حرمة وتنتهك فيها كل قيمة وتزيف فيها كل المبادئ وحتى داخل الأحزاب الإسلامية والحركات الدينية إذا لم يبعد الدين عن المجال السياسي العام، فإن كل فرقة ستدعي لنفسها احتكار الحق وتزعم أنها لوحدها على جادة الحق الديني وأن الأخرى زاغت عن الطريق المستقيم، وترميها باتباع الباطل الزهوق إلى أن تخرجها من المعادلة . في هذه الايام يقوم العبادي بزيارات لبعض دول الجوار دون الاخرى المهمة والحقيقة ان هذه الزيارات لا قيمة لها. اذ ان حكومته الحالية منتهية ولايتها لا تستطيع ان تقدم شيئا وكل الاوامر الرئاسية التي تصدر منها غير قابلة للتنفيذ وهي تتعرض لانتقادات شديدة بسبب المواقف الاخيرة المؤيدة للسياسات الامريكية اتجاه دول الجوار ويرى مراقبون ان العبادي تجاوز صلاحياته ودخل في قضايا دستورية ورطته وورطت كبيرة ، والاصلاحات التي دعى بها كانت حبرعلى ورق و إلا ما الذي فعله العبادي حتى لايقتضي تغييره هل امسك البلد ووحده؟ وهل نفذ مطالب الشعب؟، هو من طلب الاصلاحات ومُنح صلاحيات تامة، رغم ان البرلمان أخطأ بعدم ربطه بسقف زمني لتنفيذ اصلاحات حقيقية وجوهرية وكان من المفترض اعطائه فترة زمنية محدد على الاقل واذا لم يتم تنفيذها فأن من واجب البرلمان اقالته ” اضافة انه .خلق له “خصوم اشداء” بعد قراراته التي وصفوها بـ(المنفردة) والغير مدروسة العواقب ، المشكلة تقع لانه لم يستوعب فكرة الدولة الصحيحة وفكرة المجال السياسي العام؟ وماذا إذا لم يستنبط الصغير والكبير في نسيجه الفكري والثقافي والنفسي اذا ما كان الوعي الديمقراطي الصحيح والأدوات الديمقراطية الصحيحة؟ لقد أخطأ كثيراً العبادي في سياسية ادارة البلد في رمته وازدواجية معاييره في تحديد مواقف بغداد إزاء القضايا الإقليمية.وضرورة خلق التوازن مع دول الجيران التي يرتبط العراق معهم بروابط مبنية على المصالح المشتركة والابتعاد عن الشطحات الدبلوماسية ، وقوف بغداد إلى جانب تركية «في قضية الليرة ونزول قيمتها ، ودعمها في كافة التدابير التي ستتخذه انقرة امر حسن،ولكن أظهَار مُواقِفه التَّابِعة لأمريكا وإملاءاتها في العقوبات الانفرادية الغير ملزمة للمنظمات الدولية دُون أيِّ مُوارَبةٍ ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية خطأ فاضح والتي تبدوا ان احتمالات نجاح العُقوبات الأمريكيّة في التأثير وتغيير النظام في ايران غير واردة في المُستقبل المَنظوروالتي الغاية منها أشعال فتيل الفَوضى الاقتصاديّة والسياسيّة في المِنطَقة وهم اي ” الايرانيين ” يَملِكون خِبرةً عميقة اكتَسبوها من مُواجِهة الحِصار لقرابة 40 عامًا، مثلما يملكون قوّات أمنيّة قويّة جدًّا بروحية عقائدية عالية لا توجد مثلها في المنطقة .

وحَجم التبادل التجاري بين العراق وإيران يَصِل إلى 20 ملياردولار سنويا، “ضعف الموارد من الجانب التركي تقريباً ” مُعظَمها وارِدات رَخيصَة الثَّمن، ويزور العراق حواليّ أربعة ملايين زائِر إيراني وِجهَتهُم الأماكن الشيعيّة المُقدَّسة في النجف وكربلاء، ويَدفع هؤلاء 40 دولارًا مُقابَل تصريح الزيارة فقط لشخص واحد، ويَدفع كل زائر ألف دولار في المتوسط حسب التقديرات التقريبيّة كمصاريف للسكن وشراء البضاعة التبريكية كعادة الزوار للمقدسات الدينية .وقد توهم العبادي بأنه قد يعني انه سيكسب الاخوان من السنة في الولاء الى جانبه للولاية الثانية لو تشبث بمصطلحه الوهمي هذا و سيجلب له البقاء من الجانب الامريكي ، ويمنحه الحقوق، دون تشخيص مواقع الخلل وفشله اصبح واضحاً، ودون ان يعرض خطط للاصلاح في العمل الحكومي كما تعهد سابقاً وإنما تصريحاته لم تكن إلإ هواء في شبك ولان المواقف المفصلية ، تتطلب حنكة وحكمة لقيادتها لبر الأمان، فالبدايات العظيمة تنتج مشروعاً واقعياً عادلاً يحتضن الجميع،ومن هنا تم اتفاق معظم الكتل السياسية على تغييره كخطوة صحيحة وان مشاريعه الاخيرة مجرد خطوات ترقيعية لتهدئة الشارع خاصة بعد التظاهرات التي شملت الكثير من المحافظات .و كتبت صحيفة الغارديان البريطانية تحليلا عن التظاهرات العراقية والاحتجاجات ضد تفشي الفساد وتردي الخدمات في جنوب العراق ، مشيرة الى ان رئيس الوزراء حيدر العبادي في وضع لا يحسد عليه وكانت التظاهرات ضاغطا عليه وانه في موقف سئ “.والمواطنون يشعرون انهم تعرضوا للخيانة والإهمال من جانب الحكومات المتعاقبة حيث تعاني المدن العراقية كافة من الاهمال المميت في الخدمات رغم كل الوعود، والخيـانة أصبحت حالة تخدم اللعبة السياسية في العراق وهي لعبة رخيصة لن تـزاح من المشهد إلا بتغيير قـواعد النظام السياسي، ليتبين الخطأ من الصحيح بين المخلصين لأنفسهم وعوائلهم وعشائرهم ووطنهم، وبين الخونة الغادرين.

 

التعليقات معطلة.