قضايا دولية عدة ستطرح للنقاش منها العلاقات مع الصين والوضع في أوكرانيا
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يزور هذا الأسبوع السعودية والإمارات وقطر (أ ف ب)
ملخص
من الدلالات الواضحة لسرعة وأولوية زيارة ترمب السعودية والإمارات وقطر تحديداً، أنه شخصياً يرتاح للتعامل مع قيادات هذه الدول، ويرى في علاقات الولايات المتحدة معها عوائد مادية وسياسية سريعة وملموسة.
يزور الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذا الأسبوع المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة وقطر خلال الفترة من الـ13 حتى الـ16 من مايو (أيار) الجاري، يلتقي فيها مع كبار مسؤوليها وعدد من قادة دول مجلس التعاون الخليجي. وإتمام هذه الزيارة قبل أي دول أخرى، بما في ذلك الحليف الاستراتيجي الدولي التقليدي الحميم بريطانيا، أو الحليف الأقرب في الشرق الأوسط وهو إسرائيل، له كثير من الدلالات، بل هي أول زيارة خارجية لترمب في ولايته الثانية، باستثناء اشتراكه في مراسم الفاتيكان في وفاة البابا الكاثوليكي السابق فرنسيس، ولهذه الخطوة والأولويات والتوقيت دلالات مهمة تستحق التحليل المعمق والواقعي من حكوماتنا وشعوبنا، لتوخي الحذر من مغبات بعض المواقف، والاستثمار والاستفادة مما تطرحه من فرص وإمكانات.
مع صحة مقولة إن المؤسسات الأميركية الرسمية كالكونغرس لها باع مهم في توجيه السياسات الأميركية، وإن أيدي الرئيس ليست مطلقة، فإن إتمام زيارة الخليج كمحطة أولى يعتبر مؤشراً مهماً وواضحاً إلى أن شخصية الرئيس الأميركي ستؤثر بمعدلات متزايدة في مضمون وشكل السياسات الأميركية، ويجب أخذ ذلك في الاعتبار، في تحديد أسلوب التعامل مع الولايات المتحدة خلال أعوام الإدارة الحالية، نكون واعين وحذرين ومستفيدين من أن ترمب يسعى إلى الإنجاز المادي الملموس والسريع ويضغط دائماً لتحقيق ذلك.
ويجب أن نأخذ في الاعتبار أن ترمب غير معني بخلفيات تاريخية وقانونية، وغرضه النجاح المادي المباشر على المدى القصير، وعلينا أن نأخذ في الاعتبار كذلك أنه يمكن تجنب ترمب بعض الوقت، والمناورة لعدم الدخول في صدامات شخصية ومباشرة معه في غالب الوقت، وأحدث مثال لذلك – نتيجة للإعداد المسبق – عدم الاتفاق العلني لرئيس الوزراء الكندي الجديد مع الرئيس الأميركي في البيت الأبيض من دون الدخول في مهاترات أمام الإعلام، وإنما ليس من المنطقي تصور أنه يمكن تجنب الولايات المتحدة كلية على مدى أعوام ممتدة، نظراً إلى تشعب نفوذها، لذا يجب أن نكون واعين مسبقاً للمواقف والاحتمالات وحكماء وواقعيين في سياساتنا، لصعوبة وعدم ملاءمة الاستجابة لكثير من اقتراحاته، والمبادرة والشجاعة في طرح الأفكار والخيارات المختلفة لتوجيه الدفة نحو مصالحنا.
ومن الدلالات الواضحة لسرعة وأولوية زيارة ترمب السعودية والإمارات وقطر تحديداً، أنه شخصياً يرتاح للتعامل مع قيادات هذه الدول، ويرى في علاقات الولايات المتحدة معها عوائد مادية وسياسية سريعة وملموسة، وهو ما يجب توظيفه ثنائياً وإقليمياً، مع العلم أن ترمب يتوقع ويتطلع إلى سرعة اتخاذ قرارات والتوصل إلى اتفاقات معها، في شكل صفقات أو اتفاقات سياسية، وهذا شيء يجب الاحتياط له وفي الوقت نفسه استثماره خليجياً وعربياً أيضاً.
ومع تحفظي على كثير من سياسات وممارسات ترمب، أرى أن اهتمامه بالخليج وزيارته المبكرة شيء إيجابي ومفيد ويجب توظيفه، لأنه يعكس يقينه الشخصي بصعوبة مطالبة الأصدقاء بمواقف من دون مراعاة مواقفهم ومطالبهم. ولعله من المفيد التذكير هنا أن إدارة باراك أوباما تفاوضت ووصلت إلى اتفاق مع إيران حول البرنامج النووي من دون التشاور أو حتى إبلاغ الأصدقاء العرب بما في ذلك الخليج، على رغم أنه المعني مباشرة بذلك.
قضايا دولية عدة ستطرح للنقاش منها العلاقات مع الصين والوضع في أوكرانيا والإسهامات الخليجية الممكنة، وإنما ستكون العلاقات الثنائية الأميركية مع الدول الثلاث على رأس قائمة اهتمامات الرئيس الأميركي، سعياً إلى إعلان ترمب والتباهي باستثمار خليجي في الولايات المتحدة أو صفقات أسلحة بأرقام كبيرة بخاصة في مجال التسلح والذكاء الاصطناعي. وأعتقد أن الدول العربية المستضيفة ستتعامل مع هذا المسعى بطرح مجمل صفقاتها واستثماراتها الأميركية منذ انتخاب ترمب، وبعض الاستثمارات الجديدة، فضلاً عن الإعلان عن نياتها وطموحاتها القادمة، ليجري وضع حجم التعاون والعائد المادي في إطار أشمل وأوسع وأكبر، لإرضاء ترمب وتمكينه من توظيف ذلك سياسياً كإنجازات شخصية.